كتب غسان سعود في صحيفة “الأخبار”:
لم يكتفِ رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض وطوني سليمان فرنجية بلعب كرة القدم معاً. ذهبا في الود إلى حدّ ممارسة رياضة الغطس جنباً إلى جنب. وحتى هذا بدا غير كاف، فتشاركا قارورة أوكسجين واحدة تحت المياه. لكن مع ذلك، لا يلوح في الأفق أي تحالف سياسيّ طويل الأمد بين الطرفين
يقول مقربون من ميشال معوض إنه يتحسس من “لطشات” النائب سليمان فرنجية و”نكوزاته” له. ولا يخفي هؤلاء اعتقادهم بأن معوض سيريح فرنجية في حال تحالفا انتخابياً من دون أن يجني أي مقابل. ففي ظل دعم العهد والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتيار المستقبل لمعوض، وتعاظم الشكوى من سوء أداء أحد نواب زغرتا الثلاثة، ونضوج معوض مقارنة بما كان عليه قبل ثماني سنوات، يعتقد هؤلاء بأنهم قادرون على اختراق لائحة فرنجية أياً كان قانون الانتخاب من دون منّة من أحد. ناهيك عن حرص الوزير جبران باسيل على طمأنة معوض ومضاعفة ثقته بنفسه من خلال الصيغ الانتخابية المتداولة. علماً أن من يرصد حركة الأخير يلحظ روزنامة حافلة تكاد لا تخلو من إطلاق مشروع إنمائي حيوي أسبوعياً في إحدى بلدات زغرتا. ففي وقت تعاني القوى الأخرى من شح المال والمشاريع، تراكم “مؤسسة رينيه معوض” المشاريع المدعومة من مؤسسات أميركية وأوروبية، وحتى قطَرية.
فيما يستفيد معوض من وجوده خارج السلطة ليسرح ويمرح في التصعيد ضد الرئيس نبيه بري حين يقترب وزيره من إحدى الموظفات الزغرتاويات، وضد الضرائب، وضد التقصير الحكومي. علماً أن النائب سليمان فرنجية رمى قبل سنوات الحرم على رئيس نادي السلام زغرتا الأب أسطفان فرنجية أكثر من عامين لمجرد أنه قبِل تبرعاً مرة من معوض، فيما يستفيد الأخير من الهدنة مع المردة ليدخل ويخرج إلى نادي السلام وغيره من الصالونات التي كانت مقفلة في وجهه.
وهو يعتذر من الوزير باسيل حين يقترح الأخير قيام التيار بزيارته لبحث قانون الانتخاب حتى لا يحرجه في زغرتا أو يصوره شريكاً في المؤامرة على فرنجية، طالما أن الزيارة لن تقدم أو تؤخر بشيء، لكنه لا يفوّت فرصة لقاء العونيين الزغرتاويين حين يجتمعون في العشاء السنوي فيلبي الدعوة بكل سرور. وأجمل ما في الموضوع أن حزبَي التيار والقوات يعتبران آل فرنجية من البيوتات السياسية التي يفترض إقفالها، أما آل معوض فليسوا بيوتاً سياسية ولا إقطاعاً ولا تقليداً سياسياً وغيرها من مفردات الأغاني العونية – القواتية الشعبية. في ظلّ تأكيد معوض نفسه أن هناك “علاقة تحالفية بيننا وبين التيار والقوات والمستقبل ترجمت في أكثر من معركة نقابية وطالبية”. أما “الائتلاف في زغرتا” فشرطه “استقلال الطرفين”. وكانت مؤسسة غلوبل فيجن التي تصنف في خانة القوات قد شملت زغرتا في استطلاع الرأي الانتخابي الذي نفّذته في معظم أقضية الشمال وجبل لبنان وزحلة وجزين والأشرفية، وتبين في العينة التي شملت 500 مستطلع، 94 في المئة منهم موارنة، أن تأييد تفاهم معراب ينخفض من نحو 90 في المئة في جميع الأقضية إلى 65.2 في المئة فقط في زغرتا.
ولدى طلب الشركة من المستطلعين تسمية مرشحيهم المفضلين الثلاثة للانتخابات المقبلة، يحل النائب سليمان فرنجية أولاً وفق النسبة التراكمية بمجموع 52.2 من ثلاثمئة، يليه ميشال معوض بـ 33.3، ثم النائب أسطفان دويهي بـ31.2، فالنائب السابق جواد بولس بـ17.1، وبعيداً جداً عن فرنجية والدويهي، يحل النائب سليم كرم خامساً بمجموع 16.3 فقط. علماً أن الشركة لا تلزم المستطلعين بمرشح واحد إنما تدعوهم إلى تسمية ثلاثة، ثم تجري حسبتها التراكمية لتتبين مجموع كل منهم. وهذا يعني أن من يسمي فرنجية قادر على تسمية الدويهي وكرم في الوقت نفسه، لكن التفاوت الكبير بين المرشحين يبين أن من يؤيدون فرنجية لا يؤيدون الدويهي وكرم بالضرورة. علماً أن نسبة من لا يسمّون أحداً أو يكتفون بتسمية فرنجية أو معوض فقط مرتفعة جداً. إذ تبلغ النسبة التراكمية لمن يقولون لا أحد أو لا أعلم أو يرفضون الإجابة نحو 95 في المئة. وهذه نسبة مرتفعة جداً في دائرة صغيرة ومسيّسة ومعروفة بحدّة الولاءات السياسية. ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أن نسبة تأييد فرنجية أكبر من الرقم السابق ذكره، فهناك 13 في المئة يسمون طوني فرنجية، و7.7 مع لائحة طوني وسليمان فرنجية. وفي المقابل تبلغ النسبة التراكمية للوزير بيار رفول خمسة في المئة فقط. علماً أن ترشيح التيار الوطني الحر لوزير الدولة للشؤون الرئاسية سيكون من أجمل الهدايا التي يقدمها العهد لفرنجية، باعتبار رفول من بلدة مزيارة، معقل آل الشاغوري الذين سيضعون كل قدراتهم عندها بتصرف فرنجية للحؤول دون وصول رفول. كما يبين الاستطلاع أن شعبية المرشحين الآخرين من آل دويهي غير مؤثرة مقارنة مع النائب أسطفان الدويهي الذي كان يُشكك سابقاً بقوته في عائلته، حيث يحصل سركيس الدويهي على 1.5 في المئة فقط ويوسف الدويهي على 1.3 في المئة، فيما لا يذكر رئيس حركة الأرض طلال الدويهي.
أما عند الانتقال إلى سؤال آخر تعرض فيه الشركة أسماء محددة وتطلب من المستطلعين الخمسمئة اختيار ثلاثة مرشحين فتختلف الأمور: يحلّ فرنجية أولاً بنسبة تراكمية تبلغ 52.7 في المئة، يليه معوض بـ42.7 في المئة، ثم اسطفان الدويهي مع 40.1 في المئة، جواد بولس 24 في المئة، سليم كرم 22.% في المئة، طوني فرنجية 22 في المئة، بيار رفول 14.6 في المئة، دونالد عبد 11.4 في المئة، قيصر معوض 8 في المئة، سركيس بهاء الدويهي 6.8 في المئة، يوسف بهاء الدويهي 4.5 في المئة. والواضح في هذا الاستطلاع وغيره من الاستطلاعات التي تجرى أن الدعاية المردية الكبيرة المواكبة لطوني فرنجية وإعلان رئيس المردة مراراً وتكراراً أن نجله من سيترشح في الانتخابات المقبلة لا يلقيان في زغرتا الآذان الصاغية. حيث يبدو واضحاً تمسك الأكثرية بترشيح فرنجية الأب. علماً أن من يلتقون فرنجية يشيرون إلى تأكيده نيته الترشح شخصياً في حال اعتماد المحافظة دائرة انتخابية، لكن في حال ذهاب معوض نحو المعركة في زغرتا أياً كان قانون الانتخاب كما هي الحال اليوم، يبدو واضحاً أن حدة التنافس ستدفع فرنجية إلى تأخير مغامرة التوريث أربع سنوات أخرى.