كتب اسعد بشارة في صحيفة “الجمهورية”:
كلّ الوقائع تشير إلى أنّ «حزب الله» لم يتراجع عن التمسّك بقانون النسبية، وذلك على الرغم من استحضار الرئيس نبيه برّي للقانون المختلط ووضعِه على الطاولة مجدّداً.ورغم ذلك، فإنّ قراءة ثنائي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» تصبّ في اتّجاه التسليم بأنّ «حزب الله» عجزَ عن تسويق النسبية، وأنّ برّي يمدّ له «سلّمَ النجاة» لكي ينزلَ عن شجرة النسبية، لأنه اصطدمَ برفض مكوّنات أساسية لهذه الصيغة، وهو ما سيَجعل الموافقة عليها مستحيلة، في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء.
تفاؤل الثنائي هذا استبقه كلام جازم لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد لمَّح فيه إلى موافقة تيار «المستقبل» على النسبية، ووجَّه فيه رسائل «إلى من سيَرضخون في النهاية للنسبية»، وهي رسالة مباشرة إلى «القوات اللبنانية»، وغير مباشرة إلى «التيار الوطني الحر»، هذا من دون إسقاط النائب وليد جنبلاط من الحسبان، الذي لم يضَع نفسَه في مواجهة النسبية، في حين احتفَظ بموقع المعارض لها، متجاوزاً كلّ الضمانات التي أعطيَت له بالإبقاء على حجم نيابي وازن لكتلته النيابية من خلال التحالفات التي سيَرعاها «حزب الله».
في جانب آخر من الصورة، يبدو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المحرَج الأكبر، جرّاء إصرار «حزب الله» على طرح النسبية. فعون سبقَ له أن التزَم النسبية ليس فقط على صعيد الدوائر المتوسطة، بل على صعيد كلّ لبنان، وهذا الالتزام ما زال قائماً شكلاً، لكنّه تحوّلَ طموحاً، حسب تعبير عون، كما أنّ الموقف الرسمي لـ«التيار» لا يزال يعبّر عنه الوزير جبران باسيل المتمسّك بصيغه الثلاث التي يَرفضها «حزب الله»، وهو ما لا يمكن أن يستمرّ طويلاً، لأنّ النقاش على طاولة مجلس الوزراء سيفرز المواقفَ نهائياً قبل الذهاب إلى خيارات أخرى، ومنها التمديد.
وليس مؤكَّداً إلى الآن أنّ ملفّ قانون الانتخاب وصيغه المختلفة سيوضَع على جدول أعمال مجلس الوزراء للتصويت، فالتصويت ممنوع بقرار «حزب الله» وحركة «أمل»، كما أنّ مِن غير المرجّح في حال وافقَ عون والرئيس سعد الحريري على طرح مشاريع القوانين للتصويت أن تنال أيّ صيغة الثلثين داخل الحكومة، ذلك على الرغم من حسابات الثنائي المسيحي بأنّ وزراء «التيار الوطني الحر» ورئيس الجمهورية و«القوات» و«المستقبل» وجنبلاط قادرون على حسمِ النتيجة لمصلحتهم، فالتصويت على القانون ليس مسألة عدد في الحكومة، لأنّ «حزب الله» يعتبر أنّ أيّ قانون لا يرضى عنه لا يمكن أن يمرّ، وما العراضة العسكرية في الضاحية، إلّا رسالة متعدّدة الأهداف، لتحذير من يجب تحذيره من فرضِ أيّ قانون انتخاب ولو بقوّة التصويت.
لهذا، يُجمع المطّلعون على أنّ نقاش مجلس الوزراء في قانون الانتخاب لن يؤدي إلى أيّ نتيجة، إلّا إذا وافقَ رئيس الجمهورية على النسبية، عندها سيتغيّر موقف وزرائه ووزراء «التيار الوطني الحر»، وتصبح الطابة في ملعب الحريري وجنبلاط، أمّا «القوات اللبنانية» فلن يكون لديها أيّ خيار سوى الاستمرار في الاعتراض، لكنّ هذا الاعتراض لا يمكن أن يعوق مسيرةَ النسبية.
أمّا إذا لم يوافق عون على النسبية، فإنّ مجلس النواب سيكون جاهزاً اعتباراً من 15 نيسان للتمديد التقني، الذي هو في الحقيقية تمديد أوّل من سلسلة قد تطول، وهذا ما لا يمكن العهد أن يقبل به، حيث سيلجأ إلى استعمال سلطاته الدستورية، التي تَحسّبَ برّي لكلّ المهل المرتبطة بها حين حدَّد السقفَ الزمني للتمديد بهذا التاريخ.
وتذهب بعض الأوساط إلى القول إنّ عون يستطيع أن يتحمّل تمديداً واحداً حتى أيلول، على أن يقبل بعدها بإجراء الانتخابات على اساس قانون الستّين معدّلاً، على قاعدة «اللهمّ أشهد أنّي قد حاولت».