Site icon IMLebanon

حزب الله ينفي “الموعد” ويفي بـ”الوعد”!

كتب عماد مرمل في صحيفة “الديار”:

أغلب الظن، ان جلسة المناقشة النيابية العامة للحكومة اليوم وغدا، مرشحة لأن تتحول الى “طاولة بلياردو” سياسية، سيحاول عبرها النواب المتكلمون ان يصيبوا أكبر عدد ممكن من الكرات، في تسديدة خطابية واحدة.

وبرغم ان الحدود تبدو متداخلة ومتشابكة بين مفهومي الموالاة والمعارضة، مع تمثل معظم الكتل النيابية في مجلس الوزراء وبالتالي انتفاء المسافة الفاصلة التي تسمح بانتظام اللعبة الديموقراطية، إلا ان ذلك لن يمنع معظم النواب من التصويب على الحكومة، انطلاقا من اعتبارات متفاوتة، ابرزها:

– تنفيس “الكبت الخطابي” الناتج من ندرة جلسات المناقشة خلال فترة الشلل المؤسساتي الذي رتّبه الشغور الرئاسي.

– دغدغة عواطف المواطنين- الناخبين، ومحاولة وصل ما انقطع معهم على مدى سنوات من التمديد النيابي، وذلك تحسبا لاحتمال حصول الانتخابات النيابية في الصيف او الخريف المقبل.

– تصفية الحسابات الجانبية بين بعض النواب من جهة، ورئيس الحكومة وبعض الوزراء من جهة أخرى.

– الاستفادة من النقل التلفزيوني المباشر لاثبات الوجود وتوجيه الرسائل عبر “البريد السريع”.

ويمكن القول ان رئيس “حزب الكتائب” النائب سامي الجميل والنائب بطرس حرب سيكونان من بين المتكلمين الاكثر “شراسة” في الهجوم على الحكومة، خلال الجلسة “الكر والفر”، لانتفاء الالتباس في موقعهما السياسي، كونهما معارضَين صريحين، وبالتالي فهما سيستثمران فرصة مثول الحكومة امام المجلس، للانقضاض عليها من الزاوية التي يفترضان انها تشكل “خاصرتها الرخوة”..

 ويقول حرب لـ”الديار” انه سيسمّي الأشياء بأسمائها في الكلمة المقرر ان يلقيها غدا امام مجلس النواب، وسيفصح عما يعرفه في شأن كل القضايا المطروحة، من الكهرباء الى الغاز مرورا بقانون الانتخاب وسياسات الحكومة، مؤكدا ان ملفه مُحكَم لان أهل السلطة يقدمون لنا من خلال أدائهم هدايا مجانية.

ويعتبر حرب ان ما يجري على المستويات كافة يندرج في خانة الغرائب والعجائب التي سألجأ الى تفنيدها وشرحها، انما من دون نكايات او كيديات، “لان هذه ليست طريقتي في معالجة الشأن العام، علما ان أخطاء الحكومة الكثيرة تسهل عليك المهمة وتقودك تلقائيا الى المعارضة”.

وبالنسبة الى قانون الانتخاب، يوضح حرب ان هذا الملف يتأرجح بين هبة باردة واخرى ساخنة، معربا عن اعتراضه الشديد على مشروع الوزير جبران باسيل “المزدحم بالخزعبلات والذي يتعارض مع وحدة لبنان والمصلحة الوطنية”، مشيرا الى ان هذا المشروع هو كناية عن خلطة غريبة عجيبة، سواء على مستوى نظام الاقتراع او على مستوى توزيع الدوائر، ومستنتجا ان صاحبه يريد تعيين النواب قبل اجراء الانتخابات.

وعما إذا كانت لا تزال توجد حظوظ لطرح باسيل، يقول حرب: ما أخشاه إذا جرى اقرار طرح من هذا النوع هو الا تبقى حظوظ للبنان الذي سينتهي عندئد، وأنا أحذر من ان اعتماد قانون باسيل معناه ان لبنان الذي نعرفه “راح”…

وحول البديل الذي يقترحه، يعتبر حرب ان الصيغة الانسب في هذه المرحلة هي الدائرة الفردية التي تسمح بإيصال الاشخاص الاكثر تمثيلا للناس وتعبيرا عنهم الى مجلس النواب، مشددا على ان تطبيق النسبية في الوقت الحاضر لن يساهم في تغيير الطاقم السياسي الحالي بل ستكرس هيمنته على مؤسسات الدولة ومقدراتها.

ويرى حرب ان لبنان يحتاج، في مرحلة انتقالية على الاقل، الى الدائرة الفردية التي من شأنها ان تمهد لخروج لبنان من برج بابل، وبعد ذلك يمكن ان نعتمد النسبية في ظروف ملائمة ووفق اسس سليمة.

وإذا كان “التيار الوطني الحر” قد روّج بانه ينتظر ردا نهائيا اليوم من “حزب الله” على المشروع الاخير للوزير باسيل، فان معلومات “الديار” الموثوق بها تؤكد ان الحزب لا يعتبر نفسه معنيا بهذا الموعد، مفترضا انه قدم رده عندما طرح ملاحظتين جوهريتين على قانون باسيل، من شأنهما إذا جرى الأخذ بهما، ان يعيدا صياغته جذريا، وبالتالي فان “الحزب” هو الذي ينتظر “التيار”، لا العكس.

صحيح، ان “الحزب” حاذر ان يبلغ رئيس “التيار” بالمباشر جوابا سلبيا، لكنه اعتقد انه أوصل رسالته الاعتراضية على الصيغة المقترحة، عبر معادلة “نعم.. ولكن”.

وما لا يبوح به “حزب الله” علنا لدواعي مراعاة التحالف الاستراتيجي مع “التيار الحر”، يمكن سماعه بوضوح في الغرف المغلقة، حيث يعلو منسوب الصراحة لدى اوساط قيادية في “الحزب”:

“ان ما عرضه باسيل “يقتلع” حلفاءنا، وهذا ما لا نستطيع ان نقبله. نعم، نحن متعاونون الى اقصى الحدود الممكنة، لكن هذه المرونة لن تدفعنا الى القبول بأي قانون كان وكيفما اتفق. ان الاعتبارات الاخلاقية والسياسية لا تسمح لنا بالموافقة على اي قانون يهدد مصالح حلفائنا ووجودهم السياسي، وكما احترمنا في السابق التزامنا بدعم ترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية وبقينا على هذا الالتزام الاخلاقي والسياسي حتى انتخاب الجنرال برغم كل الضغوط، فاننا اليوم وانطلاقا من المعيار ذاته لسنا في صدد التخلي عن الحلفاء، لان مصداقيتنا ثابتة وليست استنسابية او “على القطعة”. ونتمنى على “التيار الحر” ان يتفهم موقفنا وان يدرك ان المصداقية التي حكمت تعاملنا معه في ملف الاستحقاق الرئاسي وغيره من الاستحقاقات، هي ذاتها تحكم سلوكنا حيال حلفائنا على مستوى قانون الانتخاب، وبالتالي ليس مقبولا ان يلحق الظلم بمن يجمعنا معهم الصف الواحد والخيار المشترك، في الطوائف الاخرى… هكذا كنا وهكذا سنبقى”.

 ووفق ما يتسرب من النقاشات الداخلية في صفوف “حزب الله”، فان “التيار” مُطالب من ناحيته ايضا بأن يتجاوز حدود المقاربة الذاتية والآحادية الجانب لقانون الانتخاب، والتي تدفعه الى حصر حساباته في نطاق ما يمكن ان يربحه هو فقط او مع حليفه المسيحي، ليطل على الساحة الاوسع والمساحة الاكبر، “حيث توجد قوى سياسية حليفة لنا وله، ينبغي ان تُراعى حيثياتها كذلك”.

ولا يخفي “الحزب” قناعته بان الطبعة الاولى من مشروع باسيل تنتج محادل مموهة في ساحات كل الطوائف، خصوصا انها تسحب من النسبية عصبها وجدواها بعد ربطها بالصوت التفضيلي في القضاء، الامر الذي يمنحها مفعول النظام الاكثري.

ويرى “الحزب” ان النسبية الكاملة هي الطرح الاصلي للرئيس عون، ولو انه ابدى استعدادا للقبول بـ”المختلط”، من أجل تسهيل التسوية الانتخابية. وعليه، يشدد “الحزب” على ان وضع قانون عادل للانتخابات سيمثل انجازا تاريخيا للعهد، الذي هو صاحب المصلحة، قبل غيره، في انتاج قانون من هذا النوع، لانه سيكون كالعلامة الفارقة في سجله ومسيرته.