اشارت صحيفة “الراي” الكويتية الى أن اليوم الأوّل من جلسة المناقشة العامة للحكومة في البرلمان كرّس ملامح المأزق الذي يمكن أن ينزلق إليه لبنان بحال لم تحمل الأيام القليلة المقبلة مَخارج في ما خصّ توفير “شبكة أمان” سياسية لتجاوُز الفشل في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري وتفادي أن يستولد هذا الأمر فراغاً في البرلمان الذي تنتهي ولايته في 20 حزيران المقبل.
وبدا واضحاً من مجريات جلسة المناقشة ومداخلات النواب التي أعقبتْ كلمة رئيس الحكومة سعد الحريري، أن غالبية الأطراف ثبّتتْ “متاريسها” لخوض “المنازلة الحاسمة” على جهتيْن متشابكتيْن هما: القانون الجديد للانتخاب الذي “يستحيل” التوافق عليه الاسبوع المقبل رغم انتقاله الى كنف مجلس الوزراء ابتداءً من الاثنين المقبل، وتمديد الضرورة (لمجلس النواب) الذي دخل “حقل ألغامٍ” مع تعاطي قوى سياسية معه وفق منطقين:
- الأول يعتمده الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و”حزب الله” اللذين يتعاطيان مع التمديد على أنه “رصاصة” بالغة الأهمية لهما في معركة فرْض النسبية الكاملة، على أن يحصل خلال عشرة ايام مراعاةً لاحتمالات ردّ قانون التمديد من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (خلال شهر) ما يحتّم معاودة مجلس النواب التأكيد عليه، وكل ذلك قبل انقضاء الدورة العادية للبرلمان نهاية أيار، لأن ما بعد هذا التاريخ يصبح اي التئام له قبل انتهاء ولايته محكوماً بفتْح دورة استثنائية تحاتج حكماً الى توقيع رئيس البلاد.
والثاني يعتمده الثنائي المسيحي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” اللذين من شأن التمديد من خارج إقرار قانون جديد ان يُفقدهما أفضلية تَفاوُضية على مطلب القانون المختلط (يجمع بين النسبي والأكثري) وفق الصيغة التي كان تَقدّم بها أخيراً وزير الخارجية جبران باسيل، وهو ما يجعلهما يحبّذان استكمال مسار الضغط لإقرار “المختلط” ولو على حافة الفراغ الذي رسَم بري و”حزب الله” حوله خطاً أحمر مزدوجاً وفق قاعدتيْن:
- الاولى أن الفراغ في المؤسسة التي تُعتبر من حصة الطائفة الشيعية وفق منطق توزيع “كعكة السلطة” في لبنان يعني “تطيير للبلد” وشلّ كل المؤسسات من الحكومة الى رئاسة الجمهورية، وفتْح البلاد أمام “مسارات انقلابية”.
- والثانية أن عدم تدارُك انتهاء ولاية البرلمان واستخدام “تمديد الاحتياط”، يمكن ان يعني العودة لإجراء الانتخابات على أساس قانون الستين النافذ حالياً باعتبار انه متى باتَ مجلس النواب “خارج الخدمة” دستورياً اي لا يمكنه التشريع، فإن لا إمكان للخروج من دوامة الفراغ إلا بخياريْن: إما انتخابات وفق القانون النافذ الذي خاض الثنائي المسيحي معركة طاحنة لإسقاطه، وإما السقوط في أزمة نظامٍ يمكن ان ترتّب إعادة النظر في مجمل التركيبة اللبنانية في لحظةٍ “الخرائط المتفجّرة” في المنطقة.