تصف مصادر سياسية مسيحية مطلعة على تفاصيل ملف قانون الانتخاب، عشية جلسة مجلس الوزراء المخصّصة لبحث مصير قانون الانتخاب العتيد والاستحقاق برمته الاثنين المقبل، تصف الواقع المحيط بالقانون بالمأساوي والقاتم نظراً لحال التصلب المتحكمة بمواقف قوى سياسية لا ترى التوافق الا من منظار فرض ما تريد وهو ما تعكسه بوضوح مواقف حزب الله الذي يتمسك بالنسبية من جهة ويؤكد ضرورة التوافق من جهة ثانية فكيف يكون توافق على خيار وحيد لا سبيل للتخلي عنه؟
وتقول المصادر للوكالة “المركزية”، انّ حزب الله يضغط بقوة لفرض النسبية الكاملة مع ابقاء الباب مفتوحا نصف فتحة على البحث في تقسيم الدوائر لا اكثر. وامام هذا الاصرار تصبح جلسة الاثنين بين موقفين يكبّلان اي امكانية للتوافق، النسبية الكاملة، ورفض مبدأ التصويت باعتبار ان قانون الانتخاب لا يخضع للتصويت، ما يؤشر الى انسداد الافق واتجاه الملف ومعه البلاد الى أزمة كبرى، تتزامن مع تأزم اقليمي دولي في ظل ما يجري على المسرح السوري، فهل ان تبدل المشهد السوري سيبدل المشهد الانتخابي اللبناني؟ وما هي ردة فعل حزب الله عليه؟ هل يضطر الى السير بالقانون المختلط الذي يوافق عليه الجميع باستثنائه لضرورات اجراء الاستحقاق بأي ثمن، تلافيا للفراغ المؤسساتي الذي لا يصب في مصلحته في الظرف الراهن ام ان الضغط المتعاظم الذي يمارسه بأكثر من وسيلة لفرض النسبية سيفعل فعله؟
اوساط القوات اللبنانية، تؤكد في هذا المجال لـ”المركزية” انّ التيار الوطني الحر يرفض النسبية المطلقة واعطى ضمانات لعدم السير بها، وتبعا لذلك، واذا بقي الثنائي المسيحي على موقفه هذا، فلن يحقق حزب الله ما يريد ولن يفرض صيغته. واكدت ان معراب تواكب الحملة على التيار بالايحاء انه انقلب على طروحاته السابقة وبات يبَدي القوات على حزب الله ومحاولة وضع الرئيس ميشال عون بين واحد من خيارين حزب الله او القوات اللبنانية. وتضيف ان احد الاهداف الاساسية التي يتطلع اليها الرئيس عون منذ العام 2005 هو تصحيح التمثيل المسيحي انطلاقا من تصحيح الخلل في الواقع الميثاقي، وتاليا ليس في وارد التراجع عن هذا الهدف راهنا، لان النسبية الكاملة “تخردق” الطوائف وتضرب التوازن بين المجموعات الطائفية وتؤدي الى خراب لبنان.
وتشدّد على انّ حزب الله لا يمكن ان يتجاوز مواقف القوات والتيار ورئيس الجمهورية لفرض قانونه، لكنها تلفت الى ان البلاد ستدخل في ازمة خطيرة اذا لم تصل الامور الى نقطة التقاء، فالفريق المسيحي لن يقبل بالتمديد من دون قانون وليس في وارد الاذعان لتهويل الحزب ومستعد للمواجهة المفتوحة مع النسبية والتمديد.
وفي معرض الرد على اتهام المسيحيين بالقبول بالنسبية في اجتماعات بكركي تقول اوساط القوات: لا يحاولنّ احد التلطي خلف بكركي، فعندما اقرت النسبية في بكركي لم تكن خيارا اول بل ثالثا بعد “الارثوذكسي” والدائرة الفردية، ثم ان الظروف انذاك كانت مختلفة تماما عما هي اليوم اذ كانت من طبيعة انقسامية بين 8 و14 آذار، وبين المسيحيين انفسهم، ما يفترض اخذ الامور في سياقها. اما اليوم فالظروف تبدلت بالكامل وانقلب المشهد تماما، اذ بتنا امام مصالحة مسيحية وتبدّل في المشهد السياسي العام. وتؤكد ان بكركي اليوم مع صيغة المختلط واستعادة الدور المسيحي، والتناغم الثلاثي بين بكركي ومعراب وبعبدا كبير جدا، وهذا التكامل حريص على الدور الوطني المسيحي الذي بدأ رئاسيا ليستمر نيابيا من خلال قانون يشكل مصلحة استراتيجية، ولا عودة عن هذا الخيار.