كتب رضوان الذيب في صحيفة “الديار”:
الاثنين يوم مفصلي في ملف قانون الانتخابات لا بل في تاريخ البلد، فهل يتم التوافق او تتجه الامور الى الانفجار في جلسة الحكومة الاثنين وتدخل البلاد في الفوضى الدستورية المفتوحة على كل الاحتمالات، وهنا يتقدم سؤال وليد جنبلاط القديم الجديد؟ الى اين؟
في المعلومات ان التوافق ما زال بعيدا، والخلافات جدية، لكن الاتصالات لم تنقطع، وتتكثف مع عودة الوزير جبران باسيل “صانع القوانين”، “لعل وعسى” خصوصا ان الدعوة لعقد جلسة الحكومة لمناقشة قانون الانتخابات والتصويت عليه دون التوافق المسبق زادت من الامتعاض الشيعي وحدة الخلاف مع التيار الوطني الحر.
الثنائي الشيعي لن يسمح بالتصويت على قانون الانتخاب. وهذا ما نقل الى النائب وليد جنبلاط المرتاح الى موقف امل وحزب الله والمردة، في مقابل خشية من موقف الحريري صاحب اقتراح الدعوة الى جلسة للحكومة. لكن الحريري أبلغ النائب وائل ابو فاعور انه لن يقر اي شيء دون موافقة جنبلاط.
وفي المعلومات، ان جلسة الحكومة الاثنين قد تنفجر، ولن تحدث اي خرق. وهذا ما سيدفع الرئيس نبيه بري الى الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب قبل 18 نيسان للتمديد للمجلس النيابي، في ظل موقف الثنائي المسيحي مدعوما من الرئيس ميشال عون الذي يرفض التمديد التقني والعادي، دون اقرار قانون جديد للانتخابات. علما ان القوى السياسية المكونة للحكومة هي نفسها عقدت عشرات الاجتماعات بشأن قانون الانتخاب ولم تتوصل الى نتيجة، فكيف ستتوصل الى قانون في جلسة واحدة؟ وكشفت معلومات عن اتصالات لتأجيل جلسة الحكومة لم تنجح حتى الآن، تحت حجة ضيق المهل، التي تفصل البلاد عن 21 حزيران موعد انتهاء مدة المجلس النيابي.
وفي المعلومات ايضا ان خيار التصويت يدعمه الثنائي العوني – القواتي، فيما التصويت ممنوع لدى الثنائي الشيعي، وبالتالي ستدخل البلاد في اشكال سياسي مفتوح.
وتشير المعلومات ان التمديد للمجلس النيابي سيحظى بالاكثرية النيابية، لكن الرئيس ميشال عون سيرد القانون مستندا الى صلاحياته الدستورية. ولذلك سيعجل الرئيس بري بدعوة المجلس الى التمديد اخذاً في عين الاعتبار رد رئىس الجمهورية للمشروع قبل موعد الانتخابات. وهذا ما يعطي المجلس مهلة لعقد جلسة جديدة للتصويت على التمديد واقراره وفقا للاصول الدستورية. وهنا ستقع مشكلة كبرى حول دستورية التمديد، وسيتوسع بيكار الخلافات، حول ما اذا كان التمديد يحتاج الى ثلثي المجلس النيابي او بالنصف زائدا واحدا.
وفي ظل هذه الاجواء المقفلة، فإن المرحلة المقبلة قاتمة جداً، وقد تؤدي الى تفجير البلد برمته وتعطيله وشل المؤسسات، في ظل اجواء دولية واقليمية غير مهتمة بالمطلق في شؤون لبنان، مما يبقي الازمة مفتوحة وطويلة. كما انه لا يوجد اي مناخ اقليمي ودولي لتعديل اتفاق الطائف، حتى ان الجو العربي والدولي لا يسمح باتفاق دوحة جديد لتفادي التفجير.
وفي المقابل فإن الرئيس عون لن يسمح بالتمديد قطعياً، وسيفتح مرحلة جديدة من التعاطي في حال اصرت امل وحزب الله وجنبلاط وفرنجية على منع الفراغ عبر التمديد للمجلس.
كما ان القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر سينزلان الى الشارع للاحتجاج على التمديد والاصرار على حقها في اعادة الاعتبار للمسيحيين في لبنان وتمثيلهما بالشكل الصحيح.
واللافت ان مداخلة النائب نقولا فتوش التي فتحت ملف التمديد بوضوح عبر رفضه للفراغ واعطاء الحكومة صلاحيات واسعة لادارة السلطة التنفيذية في غياب السلطة التشريعية، مما يضرب الميثاقية اللبنانية والشركة الوطنية. وقد قوبلت كلمة فتوش بارتياح من معظم النواب باستثناء نواب الثنائي المسيحي. وهذا ما يؤكد ان التمديد بات خيارا جديا ولسنة كاملة وربما … علما ان فتوش كان اول من اقترح التمديد الاول والثاني للمجلس النيابي الحالي وحظي مضمون كلمته بموافقة جميع النواب، ويبدو ان السيناريو سيتكرر.
وفي المعلومات ان النائب وليد جنبلاط قام وعبر مساعديه بسلسلة اتصالات مع الرئيسين بري والحريري وقيادة حزب الله، وهذه الاتصالات افضت الى حصول جنبلاط على ضمانات بعدم اللجوء الى التصويت في جلسة الاثنين، اذا اقر القانون سيكون توافقيا وسيأخذ بهواجسه، وهذا ما كشف عنه الوزير وائل ابو فاعور.
البلاد امام مفارق طرق صعبة قد تفرض على كل الافرقاء التمسك بمواقفهم، لان من يسيطر على المجلس النيابي القادم سيحكم البلد لاربع سنوات، في ظل ظروف دولية استثنائىة. وبالتالي فإن الانتخابات مسألة حياة او موت بالنسبة لافرقاء سياسيين، ولن يتراجعوا قيد انملة.
هذه الاجواء القاتمة هناك من يبددها، بالتأكيد ان الساعات القادمة، وقبل الاثنين، قد تحمل حلولا توافقية تجنب البلد ازمة كبيرة، في ظل اصرار حزب الله على الحفاظ على افضل العلاقات مع العهد والارتياح لمواقفه الاقليمية والدولية. وقد تفضي الاتصالات الى توافق، لكن الامر الملتبس ان وسائل الاعلام ضخت منذ ايام معلومات عن زيارة لحزب الله الى بعبدا لبحث الملف الانتخابي. وهذه التسريبات عممها اعلاميون مقربون من حزب الله والتيار الوطني الحر. وحددوا مواعيد كانت خاطئة، وهذا ما يؤشر الى تباين بين التيار الوطني الحر وحزب الله حول القانون الانتخابي، حتى ان ما يجري يؤشر الى “خلل” في مكان ما بخطوط التواصل بين الفريقين، ويعبر عنه لاول مرة بهذا الوضوح. لكن رهان حزب الله على الرئيس ميشال عون هو ثابت ولا يتغير، بعكس العلاقة مع قياديين في التيار الوطني الذين سربوا بوضوح “نحن غير معنيين بحلفاء حزب الله”. علما ان مشكلة الوزير سليمان فرنجية قد حلت، لكن كيف سيوافق الثنائي الشيعي على حصر الحصة المسيحية بالقوات اللبنانية والتيار الوطني؟ وهذا ما يستفز جنبلاط ايضاً، فجنبلاط لن يتخلى عن نوابه المسيحيين الستة، والرئيس بري، مدعوما من حزب الله، لن يتخلى عن ميشال موسى والنائب الماروني في بعلبك، والنائبين القوميين. ويسعى الرئيس بري الى استعادة نائب جزين. كما ان الرئيس الحريري لن يتخلى ايضاً عن حصته المسيحية. وبالتالي، لا يمكن للثنائي المسيحي الحصول على 55 نائبا في المختلط المرفوض من امل وحزب الله والاشتراكي والمردة، فيما الحريري “بين – بين” وسيمشي مع اي قانون توافقي اذا كان اكثرياً او نسبياً او الستين.
الاثنين مفصلي وسيحدد مسار المرحلة المقبلة، توافقا او انفجارا. وبالتالي جنوح الامور نحور الفوضى الدستورية المفتوحة على كل الاحتمالات. وهنا يقفز الى الذاكرة السؤال القديم لوليد جنبلاط : الى اين؟ في ظل موقفين متباعدين في ملف حساس واساسي بالتزامن مع تطورات خطرة في المنطقة، لكن ذلك لا يسقط التوافق ولو كان الامل ضئيلاً جدا.