كتب علي ضاوي في صحيفة “الديار”:
لم يكن «حزب الله» بهذا «الحزم» السياسي طيلة العلاقة الاستراتيجية والعميقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ تفاهم 6 شباط في العام 2006 . فما حمله وفد الحزب الى بعبدا كان واضحاً وسلسلاً ومحدد الاسباب والنتائج. وفي ادبيات الحزب عندما يتألف وفد من نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم والمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الحاج حسين خليل ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ومسؤول التنسيق والارتباط الحاج وفيق صفا، فاعلموا ان القضية «قضية حياة او موت» اي ان المسألة هامة وحاسمة ولا تحتمل الجوانب الرمادية فإما بيضاء ناصعة او سوداء قاتمة، وفق مصادر بارزة في الحزب. وتشير الاوساط الى ان الوفد نقل الى رئيس الجمهورية كلاماً حاسماً لجهة عدم القبول بالفراغ في مجلس النواب بأي شكل من الاشكال ولو «اقتضى الامر» التمديد او تأجيل الانتخابات، فإذا زال مجلس النواب زالت معه رئاسة الجمهورية والحكومة. فاللعب في الفراغ يعني وضع البلاد في مهب الريح. وفي الوقت نفسه كان الحزب مرناً في طرح فكرة واسباب ونشوء النسبية الكاملة والتي كان عون والتيار الوطني الحر تعهدا بالسير فيها منذ العام 2006 وخصوصاً ان الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية وحلفاء حزب الله جميعاً، السنة والدروز يسيرون بها رغم «ملاحظاتهم» عليها وخصوصاً في المناطق «الصرف طائفية» والمختلطة والمقصود بها زغرتا والشمال والبترون وكسروان والمتن وبعبدا وعاليه والشوف. كما أكد وفد الحزب لعون ان الرئيس سعد الحريري موافق على النسبية مع امكانية البحث بتعديل الدوائر وسطى او مصغرة او محددة بـ10 او 15 دائرة.
ولا تخفي الاوساط «احباط» الحزب والوفد الزائر من جواب عون عن تعهداته السابقة فلم يجب ايجاباً او سلباً وترك الامر لا «معلقاً ولا مطلقاً» واكتفى بالتعليق على اقتراح النسبية «سنرى والامر يحتاج الى درس» وهذا في «قاموس» الحزب ان الامر «متروك» للنقاش مع الوزير جبران باسيل اي ان عون يربط موافقته و«توقيعه» بموافقة باسيل وسيره بالنسبية. عند هذا الحد اكتفى النقاش في مسألة قانون الانتخاب ومهما كان شكله فإن حزب الله ومن معه لن يسيروا بأي قانون لا تكون النسبية عنوانه اما الدوائر فإنها خاضعة للنقاش. اما الفراغ فليس وارداً والحل بتمديد لبضعة اشهر من 3 اشهر الى عام يجري خلالها انجاز القانون والتحضيرات اللازمة لاجراء الانتخابات.
في المقلب الثاني من اللقاء كان لعون مواقفه الاستراتيجية الثابتة مع حزب الله والمقاومة وسوريا والقضية الفلسطينية فحزب الله لا يزال يرى في عون هذا الحليف الاستراتيجي في القضايا الكبرى اما في الداخل اللبناني والقضايا السياسية فلعون «حسابات اخرى» ومرتبطة بــ«طروحات» باسيل السياسية والداخلية و«مشروعه» الذي يريد «تسويقه» خلال عهد العماد عون على ان يكون «حلم» باسيل قد انجز.
وفي هذا السياق لا تخفي اوساط حزب الله البارزة حالة الامتعاض التي تسود من اداء وطروحات باسيل في صفوف 8 آذار وحلفاء الحزب وحتى داخل الحزب، وتؤكد ان «الكيمياء» مفقودة مع باسيل منذ زمن وليس اليوم وهي غير موجودة لا حكومياً مع وزراء الحزب ولا نيابياً مع نواب الحزب ولا حزبياً مع قيادات الحزب. فكثير من كلام باسيل وتصريحاته و«مشاغباته» باتت متعبة واستفزازية ومقلقة. فمن جهة يريد باسيل استثمار «رصيد» عون لدى الحزب وصرفه في «مشروعه» الخاص، وفي المقابل يستمر في استفزاز رئيس مجلس النواب نبيه بري وتوتير العلاقة معه ويريد من الحزب ان يعيد ترطيبها، كما يريد ان «يعزل» الحريري وجنبلاط وفرنجية والكتائب وحتى الدكتور سمير جعجع الذي يرى فيه باسيل مع فرنجية «منافسين اقوياء» على طريق بعبدا في العام 2022!
لهذه الاسباب كلها يقف الحزب على «ناصية التمديد» واخراجه بالطريقة التي يراه الرئيس عون مناسبة كما يراقب «عن كثب» كل التحركات النيابية والوزارية لاقرار القانون الجديد الذي لن يخرج من عباءة النسبية مهما كلف الامر ولو تاجلت الانتخابات، اما العلاقة بين باسيل والحزب وبري و8 آذار فإنها باتت في حاجة الى معالجة جذرية قبل فوات الآوان و«الصدام الكبير».