كتبت صحيفة “الديار” أن الزيارات المتتالية لوفود اميركية الى بيروت في الايام القليلة الماضية، جاءت لتعيد طرح العديد من الاسئلة عما تريده واشنطن من لبنان في مرحلة التحولات الكبرى في المنطقة؟
هذه الزيارات التي تؤكد في العلن دعم الولايات المتحدة للبنان وللجيش اللبناني وللمؤسسات الأمنية الشرعية في لبنان، تحمل في طياتها مضامين اخرى متصلة بمناخات «مقلقة» حملتها الوفود الاميركية الى بيروت، مع عودة الحديث ليس فقط عن مرحلة ما بعد «داعش»، بل عودة «معزوفة» ما بعد الاسد في سوريا، وبحسب المعلومات، لا مطالب اميركية محددة من القيادات السياسية والامنية اللبنانية لكن الاسئلة كانت استطلاعية واستكشافية لبلورة دور للبنان في مرحلة التغييرات المنتظرة بفعل «استدارة» ادارة الرئيس الاميركي باتجاه تفعيل التدخل الاميركي في المنطقة.
لكن الملاحظات الاولية على الزيارة الاميركية الاستكشافية تشير بحسب اوساط ديبلوماسية مطلعة، الى ان الاهتمام الاميركي بلبنان ينطلق من محاولة استكشاف فرص الاستثمار في اعمار سوريا انطلاقا من الاراضي اللبناني، ثانيا ملف الاستثمار في الغاز المستكشف، ثالثا، تاثيرات حصول تقسيم واقعي في سوريا على الساحة اللبنانية في مرحلة ما بعد الاسد و«داعش»، ورابعا كيفية التعامل مع حزب الله في المرحلة المقبلة…
وتلفت تلك الاوساط، انه يصعب على الاميركيين ان يطلبوا من لبنان تغيير استراتيجيته الأمنية والعسكرية الان، لكنهم يبحثون عن خلق ارضية مناسبة «لمحاصرة» حزب الله عبر تحجيم نفوذه الاقليمي الذي تعزز في سوريا، رهانهم على اسقاط الرئيس الاسد واخراجه من المعادلة، وبحثهم عن صفقة مع الروس تجعلهم يتخلون عن التحالف القائم مع ايران، هو المدخل الاساسي لاضعاف حزب الله، واعادته الى «حجمه» الطبيعي في الداخل اللبناني…«الرسائل» الاميركية واضحة للحلفاء، «انتظار التبدلات الاقليمية المقبلة» «ليبنى على الشيء مقتضاه»…
ولفهم حقيقة ما تسعى اليه ادراة ترامب، تشير تلك الاوساط الى ان الوفود الاميركية التي تعرج بعد لبنان على الاردن وجدت هناك ترجمة عملية لما تريده الادارة الاميركية، وتدرك صعوبة الحصول عليه في لبنان الان، فخلال بضعة ايام انقلب المشهد الاردني راسا على عقب، من تعاون امني مع الدولة السورية الى «عدائية» مفرطة مع دمشق وطهران مواكبة للسيناريو اميركي جديد. الولايات المتحدة تحاول تشبيك العلاقة مع دول المنطقة في «خلطة» بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، البريطانيون ليسوا بعيدين عن المشهد، رئيسة الحكومة تيريزا ماي زارت عمان وركزت على الجنوب السوري وحرضت الاردنيين على التحرك عسكرياً وأمنياً في تلك المنطقة..
وفي هذا السياق، تؤكد تلك الاوساط ان الوفود الاميركية الى بيروت سوف تتزايد في الاسابيع والاشهر المقبلة، فموقع لبنان استراتيجي في سياق اعمار سوريا، وفي هذه الاثناء يستعد الجميع لتقاسم حصته في مشروع «إعادة الإعمار«، الرئيس ترامب رجل المقايضات يتصرف على اساس استثماري، الأمر الذي يفسر اصلاً إستعانته بوزير خارجية متخصص باستثمارات البترول والغاز.. . وبحسب المعلومات، هو زار موسكو ليس لبحث «مستقبل الأسد» فقط، بل للتفاهم على «كعكعة» الاستثمارات بعد طي صفحة تنظيم «داعش»… الواضح ان إدارة ترامب إنتقلت لمستوى الإستثمار في «التقسيم» التي ترى واشنطن انها أصبحت واقعا في سوريا… القوات الأميركية التي يتم إنزالها في مناطق الاكراد شمالي سوريا ليست فقط قوة لوجستية موقتة بل قوة دائمة، الأميركيون يؤسسون لقاعدة عسكرية طويلة الامد في سوريا، وقد طلب الأميركيون من بعض الدول الاوروبية الاستعداد لمشاركتهم في عقود الإعمار، وطالبوا السعوديين بتمويل القوات العسكرية المزمع تسليمها تلك المنطقة وجلها من الاكراد.
وفي هذا الاطار، لا يبدو لبنان خارج الحسابات الاميركية، الثابت حتى الان ان دوره غير متقدم في مشروع ترامب السوري، ثمة تعقيدات يدركها الاميركيون، ويدركون ايضا ان الطرف الاخر يراقب تحركاتهم عن «كثب»، لكن الانطباع السائد لدى من التقوا الوفود الاميركية ان «عين» ادارة ترامب على حزب الله «حمراء»، وهو عاد على راس قائمة الاستهداف في المنطقة، بتحريض سعودي مباشر، ووفقا للمعلومات، فانه كان احد الملفات الاساسية التي حملها ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان الى واشنطن، وقد طرح الوفد السعودي تساؤلات حول امكانية توسيع «التحالف الدولي» عملياته الجوية في سوريا لتشمل كل التنظيمات المصنّفة ارهابية من الجانب الاميركي، وفي مقدمته حزب الله..