رعى رئيس الوزراء سعد الحريري في السراي الحكومي مصالحة بين عائلتي عبد الواحد ومرعب والمؤسسة العسكرية، وذلك في لقاء حضره وزير الدفاع يعقوب الصراف، وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والنواب: خالد زهرمان، نضال طعمة وخضر حبيب، النائب السابق فارس سعيد، مفتي عكار الشيخ زيد زكريا بكار، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء سعد الله حمد، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير وممثلون عن عائلتي الشهيدين الشيخ أحمد عبد الواحد ومحمد مرعب وشخصيات دينية وفعاليات عكارية.
استهل الحفل بكلمة للمفتي دريان قال فيها: “نحن دائما نعوّل على وحدة عائلاتنا، وعلى الاستقرار والأمن والسلامة والاطمئنان في كل مناطقنا اللبنانية. عكار عزيزة على قلوبنا، ونريد منها أن تكون منطقة حاضنة للأمن والاطمئنان، حاضنة للتسامح والعيش المشترك”.
ثم تحدث الرئيس الحريري فقال: “أعرف أن الخسارة كبيرة جدا، خاصة للعائلة، فمهما فعلنا ومهما حاولنا أن نفعل، أنتم أكثر من تأثر بما حصل، وما وقع عليكم وقع علي، ولكن وجودنا مع بعضنا البعض ووقوفنا سويّا ومحبتنا هو وحده ما يمكن أن يخفّف هذه الخسارة. ليس هناك من أمر يمكن أن يعيد شعور الأب أو الزوج حين يكون بين عائلته، ولكن محبة الناس هي التي يمكن أن تعوض، وخاصة عائلتكم الكريمة التي تكون إلى جانبكم. هذا ما عشته أنا وما أنتم تعيشونه اليوم”.
وأضاف: “في نهاية المطاف، فإن المصالحة هي لوجه الله، وقد تكون من أحب الأمور إلى الله سبحانه وتعالى، ولكم فيها أجر إلى يوم الدين بإذن الله. لذلك أشكركم كعائلة، لأنكم خطوتم هذه الخطوة الصعبة ولكنها باتجاه الصواب والوحدة لمصلحة بلدكم ومنطقتكم. فإعطاء البعض فرصة للانتقام لا يسيء إلا لما كان يسعى إليه الشيخ عبد الواحد رحمه الله”.
وختم قائلا: “لذلك نحن هنا لكي نطوي صفحة الماضي ونقول أن المستقبل هو لجيل الشباب الذين سيكونون إن شاء الله بمستوى والدهم وهذه العائلة الكريمة إن شاء الله. واعتبروا أن لديكم أخ اسمه سعد الحريري دائما، وإن شاء الله تكون هذه المصالحة مباركة للجميع، ونقتدي بالأهل الذين هم بالفعل يُقتدى بهم، فرحمه الله كان مثالا بالأخلاق والصفات الحسنة والصدق والصداقة، فرحم الله أمواتنا جميعا”.
ثم عقّب المفتي دريان بالقول: “أود أن أؤكد أننا في لبنان، في كل المناطق ولا سيما عكار، التي هي خزان الجيش اللبناني، ليس لدينا أي مشروع سوى مشروع الدولة القوية القادرة والعادلة. وأنا أعرف أن أهل عكار لن يكونوا إلا إلى جانب المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية، وهم يعتبرون أنفسهم أنهم مع الجيش اللبناني كشخص واحد، وأملنا وأمل دولة الرئيس في هذا الأمر أن نظهر عكار كصورة للعيش المشترك ومثالا لكل لبنان في المحافظة على الاستقرار والأمن”.
بعد ذلك تحدث شقيق الشهيد عبد الواحد الشيخ علاء الدين عبد الواحد فتوجه إلى الرئيس الحريري قائلا: “برعايتكم يا دولة الرئيس، ومباركة دار الفتوى، وعلى رأسها صاحب السماحة، وافقت عائلتي عبد الواحد ومرعب على المصالحة مع المؤسسة العسكرية التي نعتبرها الضامن الوحيد للسلم الأهلي في بلدنا، معاهدين محبي الشهيد الشيخ أحمد أن نبقى على عهده ونكمل مسيرته التي آمن بها واستشهد من أجلها. ونعاهدك أيضا يا دولة الرئيس أن نبقى على نهج ودرب الرئيس الشهيد رفيق الحريري لإكمال هذه المسيرة التي تؤمن بالله وصون الوطن والذود عنه جنبا إلى جنب مع مؤسستنا العسكرية وسائر القوى الأمنية. إن مبادرتكم هذه ليست بغريبة عليكم، حيث قمتم بخطوات جبارة لإنقاذ وطننا وصونه والحفاظ عليه، وما نفعله اليوم جزءا يسيرا من عطاءاتكم وتضحياتكم”.
من جهته قال الوزير الصراف: “هذه المناسبة ليست مصالحة كما سبق أن ذُكر، فلم ولن يكون هناك أي خلاف بين مؤسسة الجيش وأي مواطن لبناني، لا بل على العكس، هذه المؤسسة لا تحيا ولن تحيا بدون أدعيتكم وصلواتكم، وبدون دعمكم السياسي يا دولة الرئيس، وبدون ظل عمامتك يا سماحة المفتي”.
وأضاف: “كل عائلة وكل رب عائلة يخظئ، والحمد الله أن ربنا يلهم ليس فقط السماح ولكن أيضا الدعم والانفتاح والمحبة، واليوم موسم محبة، وما أجمل تكليل هذه المحبة بلقائنا بداركم”.
وختم قائلا: “أود أن أشكركم، ليس فقط بصفتي وزير دفاع، ولكن أيضا بصفتي ابن عكار وأخ لكل يتيم من عكار”.
وفي الختام رد الرئيس الحريري بالقول: “أود أن أشكر الجميع ممن أتى إلى هنا، وأؤكد أننا كدولة وكحكومة علينا مسؤوليات، بأن لا يتكرر الخطأ، هذا منهجنا الأساسي. لا شك أن الخسارة كانت كبيرة، ومن سيبقى مع هذه الخسارة هم بالدرجة الأولى أهله وأخوته، وكذلك المشايخ الأفاضل الذين واكبوا غضب الشارع والعائلة، كان لهم الدور الكبير في تهدئة البال والنصح بأن الكره والغضب لن يفيد أحد. الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية كلها هي في خدمة المواطن، وستكون في خدمة المواطن دائما. وما دمت أنا حيث أنا، سأبقى حريصا على ذلك. نحن جميعا، حكومة ودولة، في خدمة المواطن. أهل عكار هم الخزان الأكبر للجيش الذي أثبت بطولاته في عدة معارك دفاعا عن الوطن والمواطن. هذه المصالحة ستكون إن شاء الله مباركة وتفتح بابا لتحسين الأداء في هذه المؤسسة وتجنّب الأخطاء الكبرى، وتصبح مثالا في التعامل بالمستقبل. وتأكدوا جيدا أنه لو كان الشهداء ينظرون إلينا ورأوا هذا المشهد، لن يكونوا إلا سعداء، لأنهم كانوا أصلا لا يطالبون إلا بالسلام والسلم الأهلي”.