Site icon IMLebanon

“جولة الأرانب” الأخيرة في قانون الانتخاب تبدأ اليوم

كتبت ليندا عازار  في صحيفة “الراي” الكويتية:

كأنّها «التصفية نصف النهائية» دخلها ملف قانون الانتخاب في لبنان قبل 23 يوماً من «نهائي» 15 ايار المقبل الذي يترنّح بين «سيناريويْن»: إما تمديد تقني للبرلمان تحت سقف قانون انتخاب جديد، وإما تمديد «الضرورة» بذريعة تفادي «الفراغ القاتل» في مجلس النواب الذي تنتهي ولايته في 20 حزيران.

وابتداءً من اليوم تشهد بيروت «موجة» مبادراتٍ لأكثر من طرفٍ سياسي تحمل صيغاً جديدة لقانون الانتخاب، بدءاً من الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط اليوم، وصولاً الى رئيس البرلمان نبيه بري الاسبوع المقبل، وذلك في سياق مزدوج:

* الأوّل إعلان انتهاء مرحلة «تلزيم» رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون) منفرداً تقديم الاقتراحات الانتخابية، واستطراداً «نعي» طرح القانون التأهيلي (من مرحلة اقتراعٍ طائفي بالأكثري ضمن القضاء الى اقتراعٍ وطني ضمن 10 دوائر بالنسبي) الأخير الذي وُضع على الطاولة قبل أيام قليلة من جلسة التمديد التي كانت مقرَّرة للبرلمان في 13 ابريل وعلّقها استخدام رئيس الجمهورية المادة 59 من الدستور التي أوقفت عمل البرلمان لمدة شهر.

* والثاني اعتبار الصيغ التي ستُطرح بمثابة آخر «الأرانب» التي يمكن إخراجها من «الجيوب» قبل حلول «ساعة الحقيقة» منتصف مايو، وذلك على طريقة «اللهم اشهد اني بلّغت»، بمعنى إما تلقُّف إحدى هذه الطروحات و«تدوير زواياها» والخروج بقانونٍ توافقي يجعل التمديد التقني جسراً الى الانتخابات المؤجّلة، او استمرار الدوران في «الحلقة المفرغة» فتكون جلسة 15 ايار «مفخخة» باحتمالات «نسْف الجسور» بين قوى عدة ولا سيما بين الثنائي الشيعي (رئيس البرلمان نبيه بري وحزب الله) والثنائي المسيحي (التيار الحر ومعه «القوات اللبنانية»)، ولا سيما مع رسْم الأول خطاً أحمر أمام اي فراغ في السلطة التشريعية «ولو لثوانٍ»، واعتبار الثاني اي تمديد ثالث للبرلمان بمعزل عن قانون جديد بمثابة خسارة ورقة قوية في «الصراع الشرس» لاستيلاد صيغة تضمن تحسين التمثيل المسيحي داخل مجلس النواب كمرتكز «لاحترام الميثاقية والمناصفة الحقيقية».

وتترافق الاستعدادات لإخراج «أوراق الاحتياط» الانتخابية مع إفراز اللاءات الحاسمة التي كرّرها الرئيس عون اول من امس تحت عنوان استحالة التمديد والفراغ والعودة الى قانون الستين النافذ حالياً، معادلاتٍ مضادة أبرزها «التمديد او الستين» و«النسبية الكاملة او الستين» التي تبلورت في الساعات الماضية، وبدت في سياق رفْع منسوب سقوف «الحرب النفسية» على مشارف المرحلة الفاصلة من المفاوضات حول قانون الانتخاب والتي غالباً ما تسودها المناورات الأكثر «دهاءً».

وفي رأي أوساط سياسية في بيروت، ان «التعويم التهديدي» لقانون الستين الذي سبق ان اعتبر رئيس الجمهورية والقوى المسيحية الوازنة انه «دُفن» يأتي في إطار محاولة حشْر الثنائي المسيحي بين التمديد او النسبية الكاملة التي تبقى «الهدف الأمّ» لـ «حزب الله»، اليوم او بعد حين، من أيّ قانون انتخابٍ باعتبار انها المدخل لتكريس «تفوّقه» السياسي داخل المعادلة اللبنانية عبر «الأكل من صحن» غالبية القوى الأخرى من خصوم وحلفاء أساسيين مفترضين وضمان الإمساك بخيوط اللعبة الداخلية التي تتشابك مع المشهد الاقليمي المتفجّر وتوازناته التي تتغيّر بالدم، وايضاً بمفاتيح الانتخابات الرئاسية المقبلة التي لا يمكن ان يسلّم بأن تقع في يد ثلث معطّل طائفي (التيار الحر و«القوات اللبنانية»).

ولكن دوائر متابعة أخرى تحاذر التسرع في رسْم المسارات المحتملة، لافتة الى ان الرئيس عون الذي أعاد الاعتبار الى مبدأ النسبية الكاملة ولو من دون اي محاولة لفرْضها كخيار وحيد، يمكن ان يلعب دوراً في ترجيح كفّتها بحال اختارها كـ «أهون الشرّيْن» قياساً الى التمديد بلا قانون جديد، ملاحِظة في الوقت نفسه ان ما يُسرَّب عن ان زوار «القصر» في الفترة الأخيرة لم يلمسوا رفضاً مطلقاً من عون لـ «الستّين» على قاعدة «لا حول ولا قوة» لتفادي «كأس التمديد» من دون قانونٍ، قد يكون في إطاريْن: إما التحسب فعلياً لإمكان الفشل في توفير أرضية مشتركة للنسبية الكاملة يرضى بها كل الأفرقاء، وإما مجاراة مفاوضات ربع الساعة الأخير بسقفٍ يسحب ورقةً يعتقد البعض انها «توجع» العهد وهي «الستين» الذي قد يكون «حزب الله» أكثر المتضررين منه في سياق لعبة التوازنات.

وابتداءً من اليوم يفترض ان يصبح «الستين معدّلاً» على الطاولة رسمياً وفق ما ستعلنه كتلة النائب جنبلاط التي زار وفد منها امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأطلعه على مبادرته، علماً ان الراعي كان اول من «احيا» قانون الستين باعتباره أفضل من الفراغ والتمديد، وهو ما كرره النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم بإعلانه «ان بكركي بالطبع لا تفضل قانون الستين ولكن يبقى»أبغض الحلال«.

ويسبق طرح جنبلاط، صيغةً سيقترحها الرئيس بري الاسبوع المقبل وتقوم على النسبية الكاملة بضوابط من ضمنها، وذلك في موازاة مواصلة»القوات اللبنانية» تحركاً مكثفاً في محاولة للتوصل الى قواسم مشتركة في قانون الانتخاب تسمح بانعقاد مجلس الوزراء الاسبوع المقبل لبحث الملف.