Site icon IMLebanon

جنبلاط يرمي مبادرة انتخابية في المياه السياسية… الراكدة

كتبت  صحيفة “الراي” الكويتية: رغم الاستقرار الأمني المحروس بـ «العين الساهرة» للجيش والقوى الأمنية وإنجازاتها في الحرب الاستباقية على الإرهاب، فإن أخطاراً من نوع آخر تحوم فوق لبنان و«تقضّ مضجعه»، وليس أقلها إثارةً للمخاوف احتضار فترة السماح أمام اللبنانيين للتوصل الى قانونٍ جديدٍ للانتخاب قبل انفجار أزمة سياسية – دستورية في 15 مايو المقبل تضع البلاد في «فم المجهول»، والخشية المتعاظمة من تحويل لبنان صندوقة للبريد الساخن بين إيران والولايات المتحدة في مواجهتهما المتدرّجة، وكان آخر «الرسائل» في هذا السياق الخروج العلني لـ «حزب الله» على الحدود مع اسرائيل في الجولة الاعلامية التي نظّمها، وسارعتْ الحكومة اللبنانية الى احتواء مضاعفاتها بزيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري للمنطقة الحدودية في الجنوب.

وبدتْ بيروت في الساعات الماضية كأنها تتدارك ما فاتَها من الوقت الذي استُهلك بمناوراتٍ سياسية واقتراحاتٍ لقوانين انتخابٍ ذات طبيعة فئوية، فرمى «الحزب التقدمي الاشتراكي» بزعامة النائب وليد جنبلاط حجراً في «المياه الراكدة» عبر مبادرته الى اقتراح قانون انتخابٍ بـ «معايير موحدة» تزاوج مناصفةً بين نظاميْ الاقتراع الأكثري والنسبي. ومن المتوقع أن يشهد الاسبوع الطالع مبادراتٍ مماثلة من رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يعتزم طرح مشروعٍ جوهرُه اعتماد النسبية الكاملة، ومن «تيار المستقبل» بزعامة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يتجه لصوغ مشروعٍ يستند الى اتفاق الطائف الذي قضى بتشكيل مجلس شيوخ الى جانب مجلس النواب.

واللافت أن هذه المواجهة الجديدة من الاقتراحات حيال قانون الانتخاب المفترض تأتي بعد السقوط المتتالي لمجموعةٍ من الصيغ كان اقترحها رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل بسبب «فيتوات» من الأطراف الأخرى، وقبل ثلاثة اسابيع على المهلة الحاسمة التي تضع البلاد، في حال لم يتم التوافق، أمام ثلاثة احتمالات تراوح بين السيىء والاسوأ، وهي إما التمديد (وهو الثالث) للبرلمان الحالي، وإما معاودة تعويم القانون النافذ، الذي كان أَعلن «دفنه» رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وإما الفراغ.

ورغم الأصداء الايجابية لعزْم القوى السياسية على إطلاق اقتراحاتٍ بهدف كسْر المأزق، على غرار ما فعله حزب جنبلاط امس، فإن شكوكاً تنتاب الأوساط السياسية من مغبة تقطيع المهلة الفاصلة عن 15 ايار المقبل بمناقشاتٍ على طريقة «سوق عكاظ»، وتالياً بلوغ «اللحظة القاتلة» من دون تفاهُم حول سيناريو واحد لتجاوُز المأزق الخطر، وخصوصاً في ضوء حرب «الفيتوات» المتبادلة التي كانت تطيح بالصيغ المقترحة الواحدة تلو الاخرى.

غير أن أوساطاً مهتمة رأت أن ثمة مَخارج يمكن اعتمادها لشراء مزيد من الوقت على غرار الخطوة الدستورية التي كان لجأ إليها عون بتعليق عمل البرلمان لشهرٍ لتفادي صِدام سياسي عشية الجلسة التي كانت مقرَّرة للتمديد للبرلمان في 13 نيسان الحالي، مشيرة الى ان السلطة السياسية قد لا تعدم وسيلة في اعتماد سيناريو مماثل كالاتفاق بين دوائر القرار على فتح دورة استثنائية للبرلمان لـ «تغطية» الفترة الفاصلة بين انقضاء الدورة العادية لمجلس النواب في 31 ايار وانتهاء ولاية المجلس في 20 حزيران، الأمر الذي يتيح تمديد فترة التفاوض على قانون الانتخاب الى ربع الساعة الاخير ما قبل انتهاء ولاية، وتفادي المعركة المبكرة على التمديد او الفراغ و«الستين» كأبغض الحلال.

وفي انتظار ما ستؤول إليه لعبة الكرّ والفرّ، فمن المتوقع ان تكون البلاد مع دينامية جديدة، أول الغيث فيها كان اقتراح جنبلاط امس القائم على صيغة مختلطة بين الاكثري والنسبي. انتخاب 64 نائباً أكثرياً في 26 دائرة و64 نائباً نسبياً في 11 دائرة. ومن مفارقات هذا الاقتراح:

واللافت في هذه الصيغة التي تقسم لبنان الى 26 دائرة في الاقتراع الاكثري، والى 11 دائرة (وسطى) في الاقتراع النسبي، انها تعتمد قانون الستين «المعلّق» في دوائره الـ 26 كأساسٍ للشق الأكثري من الاقتراح، وتلاقي في الدوائر الـ 11 النسبية الكاملة.

ولم يتأخر وزير الخارجية جبران باسيل في التعليق على طرح «التقدمي» فأعلن أنه «بمجرد أن يبادر الحزب التقدمي الاشتراكي في قانون الانتخاب ويقدّم اقتراحاً او أفكاراً، بمعزل عن رأينا بها، فهذا شيء ايجابي ويشكل خطوة الى الأمام».