نصف شهر يفصل عن جلسة 15 ايار، ولا جديد على صعيد قانون الانتخابات، وكل الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية تراوح مكانها، وكل طرف يتمترس خلف قانونه والجميع حسب مصادر متابعة يريد النتائج قبل القانون، وتحديد حصته وحجمه، وبالتالي فان من عجز عن الوصول الى قانون خلال سنوات لن يصل في نصف شهر.
وتشير هذه المصادر، الى ان كل الافرقاء يمارسون لعبة «الكمائن المتبادلة» والمشكلة ابعد من قانون بل تتعلق بازمة نظام برمته عاجز عن «ترميم هيكله» من خلال المشاكل المتنقلة المصبوغة بخطابات طائفية حتى العظم، فالاجتماعات العلنية الديبلوماسية شيء والاجتماعات المغلقة شيء آخر، حسب هذه المصادر، والمعركة في جزء كبير منها رئاسية بامتياز، ولن يتخلى الرئىس نبيه بري ووليد جنبلاط عن دورهما بانهما صانعا الرؤساء في لبنان، وبالتالي لن يعطيا الفريق المسيحي الثلث المعطل، حق الفيتو في المجلس النيابي، رئاسياً او في كل القرارات المصيرية التي تحتاج للثلثين، اي 43 أو 44 نائباً، فيما الثنائي المسيحي يطمح الى 52 نائباً أو اكثر، وهذا من رابع المستحيلات عند بري وجنبلاط ولو وصلت «المي للسماء». هذا هو عنوان المعركة حسب هذه المصادر، وهذا هو عنوان قانون الانتخابات الذي سيحدد من سيحكم البلد خلال الاربع سنوات المقبلة في ظل ظروف داخلية صعبة ودولية تزيل دولاً وترسم خرائط جديدة في المنطقة، ولذلك وحسب المطلعين على خفايا الكواليس، فان انتقادات لاذعة توجه من كل فريق 8 آذار بالاضافة الى جنبلاط واحياناً رئىس المجلس لباسيل ودوره، وتطال الانتقادات «العقل الجهنمي» الذي استطاع تركيب التحالف بين الثنائي المسيحي، لان هذا الامر كان باعتقاد كل قوى 8 آذار وجنبلاط من المستحيل تحقيقه وانجازه في ظل التاريخ الذي كان يحكم العلاقة بين الرئىس عون والدكتور سمير جعجع، كما تطال انتقادات هذا الفريق «المتشعب الاهواء» «ركاكة» الرئىس الحريري وعدم حسم موقفه كونه رئىساً للحكومة تجاه طروحات الثنائي المسيحي الذي يطالب بعودة الامتيازات وما سلبه الطائف، وهناك بعض الخبثاء يشيرون الى ان الحريري ربما كان مرتاحاً للمواجهة بين الثنائي المسيحي وبري وجنبلاط كي يقطف النتائج ويرفع سقفه، فلماذا الاستعجال؟ وحسب المصادر، فان القضية ابعد من قانون انتخابات، بل تتعلق بالحصص والدور، وطالما الاكثرية الدرزية تنظر الى قانون الانتخابات بمنظار «الغبن التاريخي» الذي لحق بالدروز منذ ايام فخر الدين وسيادة معادلة «عندما يتقدم الدروز يتراجع دور الموارنة، وبالعكس عندما يتقدم الموارنة يتراجع دور الدروز»، وهذا واضح من خلال تراجع الدور الدرزي وتحجميه مع تقدم الثنائية المسيحية، وفي ظل هذه القناعة كيف يمكن الوصول الى قانون مطمئن لهذه الاقلية وقلقها من قوة الثنائي المسيحي الذي فتح فوراً موضوع الحصة المسيحية في الجبل، وعدم التفريط باي نائب مسيحي لجنبلاط، وهذا ما قاله بوضوح الوزير جبران باسيل، ولذلك فان جنبلاط لن يتراجع بالسهولة التي يتصورها البعض، والجميع يدرك بانه واجه عهد الرئىس اميل لحود عندما حاول الانتقاص من دوره رغم كل الدعم الذي كان يحظى به الرئيس لحود، ولذلك فان الستين يحفظ حصة جنبلاط المسيحية والدرزية. ولن يخوض الانتخابات الا على اساسه، ويمكن ان يوافق على نسبية مخففة مع الستين. وحسب المصادر، فان الخطأ الذي ارتكبه الثنائي المسيحي رفضه لقانون جنبلاط الاخير، وقبوله بمبدأ النسبية، علماً أن جنبلاط ومعه بري منتعشان هذه الايام بموقف البطريرك الراعي وحكمته المطالبة بالستين، ولذلك لن يوافق جنبلاط لا على التأهيل ولا على النسبية الكاملة ولا على المختلط.
الأن لغة المصالح تتلاقى حسب المصادر، فان «الحلف المقدس» بين بري وجنبلاط مستمر وثابت منذ ان تولى جنبلاط الزعامة، والرئىس بري قيادة حركة امل، ولا يمكن ان يختلفا واتصالاتهما يومية، ويتبادلان «الرسائل النصية» ممزوجة «بنكات» تطال العديدين، ولديهما تصورهما المشترك لخوض المواجهة والوصول الى النتائج المرجوة، ومتفقان على رفض الفراغ، واذا كان الستين، ابغض الحلال عند الرئيس بري لانه يحول دون الفراغ فربما لا مشكلة لديه باجراء الانتخابات على الستين اذا كان ذلك يمنع سقوط البلد، وهذا التوجه يؤيده الراعي وسليمان فرنجية وبطرس حرب وكل فريق 8 آذار، وبالتالي خيار الستين لديه مناصرون وميزان قوى وضيق المهل قد يفرضه، ويبقى موقف الرئيس سعد الحريري غير حاسم لانه لا يريد فعلاً ان يضرب علاقته بالرئيس ميشال عون ويعمل لنجاح حكومته، والمدخل لذلك نجاح العهد ولكن المصادر تؤكد ان الحريري سينضم الى حلف بري ـ جنبلاط ـ فرنجية الرافض للفراغ كلياً واجراء الانتخابات على القانون الحالي، وابرز دليل على ذلك موقف مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان الذي لا يخرج عن موقف الرئيس سعد الحريري.
كما ان المصادر تؤكد ان بري وجنبلاط مع حلفائهم سيصعدون مواقفهم لدفع الثنائي المسيحي للقبول بالقانون الحالي منعاً للفراغ، ولا أحد يستبعد بان يستخدم الشارع للضغط حيث تؤكد مصادر العونيين ان اضراب مياومي الكهرباء ليس بريئاً مطلقاً؟ ولماذا اصر بعض المياومين على منع وزير الطاقة سيزار ابي خليل من الدخول الى مكتبه حيث تشير المعلومات الى تصاعد التحرك في الايام المقبلة.
وفي المقابل، فان الثنائي المسيحي لن يتراجع عن مطالبه حسب المصادر وسيعمل على تصحيح كل الاجحاف الذي لحق بالمسيحيين منذ الطائف ولن يخضع للتهويل واول الغيث وصول رئىس الجمهورية العماد ميشال عون الى بعبدا، والمسيرة مستمرة لتحقيق الطموحات عبر الكلمة الفصل للمسيحيين باختيار رئيس الجمهورية وورزرائهم ونوابهم مهما كانت الضغوطات حتى استعادة جزء كبير من صلاحيات رئيس الجمهورية، والمدخل الى ذلك قانون انتخابي يؤمن وصول 53 نائباً مسيحياً باصوات المسيحيين، وهذا ما يجعل حدود المناورة المسيحية محدودة جداً. ولا احد يستبعد لغة الشارع والحراك المدني لتحقيق المطالب والخوف ان تتحول القضية الى شارع ضد شارع.
وحسب المصادر، البلاد مقبلة على مشكل كبير في 13 ايار، فلا انتخابات ولا قانون حتى الآن، وسيتم تمديد الازمة من 13 ايار الى 20 حزيران موعد انتهاء ولاية المجلس عسى ان يتم الاتفاق. ولذلك فان البلاد ستدخل حالة من التعطيل والشلل ولن يلتئم مجلس الوزراء مطلقاً، لان الطرفين لن يتراجعا عن شروطهما.. وربما امتد الفراغ حتى الوصول الى تسوية سعودية ـ ايرانية غير ظاهرة في الافق خلال الاشهر المقبلة بسبب الانتخابات الرئاسية الايرانية، والوضع المقلق في السعودية بسبب حرب اليمن. ومن المحتمل ان تبقى حالة الشلل لسنة او اكثر كما استمر الفراغ الرئاسي لسنتين ولم ينتهِ الا عندما تحققت التسوية الايرانية ـ السعودية على الرئيسين عون والحريري. ولم تحصل ضربة كف واحدة خلال الفراغ، بسبب قرار دولي بمنع الفوضى في لبنان في ظل جهوزية القوى العسكرية والدعم الدولي لها والاتكال عليها لحماية البلد واستقراره، حيث ستتصاعد المساعدات للجيش اللبناني والقوى الامنية خلال الاشهر المقبلة، علما ان القوى العسكرية تعمل تحت سقف القرار السياسي للدولة لكنها لا تتوانى عن اجراء الاتصالات لاستقرار البلد حيث تحدثت معلومات عن زيارة مرتقبة لقائد الجيش العماد جوزف عون للولايات المتحدة الاميركية لبحث كل شؤون وشجون المؤسسة العسكرية ومتطلباتها.