كتبت صحيفة “الأخبار” أن أزمة قانون الانتخاب تتصاعد. العلاقة متوترة بين كلّ القوى، وآخرها بين الاشتراكي وتيار المستقبل. الرئيس ميشال عون أسقط من حديثه الـ”لا” ضدّ القانون النافذ، فيما جدد الوزير جبران باسيل الاعتراض عليه. “حزب الله” يحاول إقناع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط بالتأهيلي، فيما أكّد “المستقبل” تمسّكه بملاحظاته عليه.
الثابتتان الوحيدتان أنّ البلاد متجهة نحو أزمة خطيرة، وأن قانون “الستين” لا يزال الأقوى.
وأضافت: “رغم أنّ من المفترض أن يكون الشغل الشاغل لأركان النظام الانكباب على إيجاد صيغة انتخابية قبل 15 أيار المقبل، بعد أن عُطلّ مجلس الوزراء وأوقفت جلسات مجلس النواب لهذه الغاية، لم يُسجّل بعد أيّ خرق في هذا المجال، رغم انقضاء 12 يوماً من مهلة الشهر التي عطّل رئيس الجمهورية فيها مجلس النواب. أما الرئيس سعد الحريري، فلا شيء يثنيه عن المضيّ قدماً في سياسته الرامية إلى إيجاد شرخٍ بين حزب الله والتيار الوطني الحر. فلا يكاد الأخير يُقدّم مسودة قانونٍ، حتى يُسارع رئيس الحكومة إلى الالتحاق بموقف التيار العوني، أقلّه في العلن. السبب، تفضيل الحريري أن يأتي الاعتراض على خيارات العونيين من حليفهم الأول: حزب الله. فحين أعاد الوزير جبران باسيل “نبش” طرح التأهيل الطائفي، أبلغ حزب الله موافقته عليه لقيادة التيار. «هدف المستقبل الفتنوي» الأول سقط. ورغم أنه أبلغ التيار الوطني الحر عدّة ملاحظات على التأهيلي، إلا أنه كتمها علنياً.
وحين تيقّن الحريري من أنّ الرئيس نبيه بري حاسم لجهة رفضه التأهيلي، وجدها رئيس الحكومة فرصة ليقذف كرة النار بعيداً منه، وأبلغ ــ أول من أمس ــ كلّاً من بري والنائب وليد جنبلاط أنه لن يُشارك في جلسة التمديد للمجلس النيابي، وأنه يقبل حصراً بتمديد تقني مقرون بالاتفاق على قانون جديد.
ومن تبلغوا قرار الحريري الجديد، لم يروا فيه سوى استكمال لسياسة التفرقة بين حزب الله و«التيار»، على قاعدة أنّ الخلاف بين الرئيس ميشال عون وبري هو خلاف بين رئيس الجمهورية والشيعة، ما يعني أنّ التبعات ستصيب حتماً، برأي الحريري، العلاقة بين التيار العوني وحزب الله.
الطريقة التي يتصرّف وفقها الحريري تؤكد أنّ الأزمة آيلة إلى مزيد من التعقيد، وأنّ سيف الفراغ أصبح مصلتاً على رؤوس كلّ المؤسسات الدستورية. والقانون الأوفر حظاً لاعتماده هو قانون الدوحة النافذ (المعروف بالستين)، كونه لا يوجد هيئة تشريعية تتمكن من أن تضع قانوناً جديداً في عهد الفراغ النيابي.
وكان لافتاً كلام رئيس الجمهورية أمس حين أسقط من “لاءاته” الاعتراض على «الستين». فنبّه من التهديد بالتمديد، مؤكداً أنه باستطاعتهم حتى 20 حزيران وضع قانون جديد للانتخابات، ولا يقول أحد إن المهلة انتهت كي يتخذ قراراً يستبق به الامور. وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران، فإنه لا فراغ سيحصل في المؤسسات. فليقرأوا الدستور، وتحديداً المادتين 25 (إذا حُلّ مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة (…) في مدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر) و74 (إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء…). بإمكاننا أن نجري الانتخابات ولا فراغ في المؤسسات».
ووصف عون التمديد بـ«انقلابات متمادية على الشعب من مجموعة تحكم لبنان. من باستطاعته أن يجزم لنا بأننا إذا ما مدّدنا للمجلس، لن يقوم هذا الاخير بالتمديد لنفسه مرة رابعة؟».
وتوضح مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ”الأخبار” أنّ كلام عون موجه ضد التمديد والفراغ. وترفض المصادر اعتبار كلام عون تمهيداً للستين، نحن لا نريد شيئاً أكثر من الاتفاق على قانون جديد.
وفي السياق نفسه، رأت عدّة شخصيات سياسية أنّ موقف الكاردينال بشارة الراعي الرافض للفراغ تمهيد للعودة إلى «الستين». وتستند في حديثها إلى الكلام الذي دار بين الراعي وعون خلال عيد الفصح، حين رأى البطريرك أنه بين التمديد وإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، الأرجحية للخيار الثاني. جواب الرئيس كان «عمومياً» حينذاك، ولكنّ موقف الراعي قد يكون سلّم النزول عن شجرة «لا للستين».
من جهتها، كتبت صحيفة “الجمهورية” أنه خلافاً لكلّ ما يُشاع من هنا وهناك عن وجود اندفاعة قوية على مختلف المستويات لإنتاج قانون انتخاب جديد قبل 15 أيار المقبل، فإنّ ما يرشح من مختلف الأوساط يشير إلى استمرار دوران الجميع في حلقة مفرغة، في ظلّ تَباعُد بين المواقف وتضارُب بين المشاريع الانتخابية التي لم يرتقِ أيّ منها بعد إلى مستوى تحقيق عدالة التمثيل وشموليته لشتّى فئات الشعب وأجياله، حسب روحية “اتفاق الطائف”.
وبدا من المعلومات التي ترشح من أوساط هذه المرجعية المسؤولة أو تلك أنّ قانون الستين بدأ يستعيد “بريقه” ومكانته كقانون نافذ لم يمت رغم إماتة كثيرين له، وأنّه قد يُعتمد مخرجاً من المأزق، بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليه، لتُجرى الانتخابات على أساسه بعد تمديد لا يتجاوز خمسة أشهر، وهو ليس تمديداً بمقدار ما هو تعديل مهَل أو استعادة المهَل نفسها التي أسقِطت قبل موعد الانتخابات التي كانت مقرّرة في 20 أيار، علماً أنّ البعض ما زال يُبدي تفاؤلاً باحتمال الاتفاق على قانون جديد في ربعِ الساعة الأخير ما قبل 15 أيار.
وكان اللافت في الشأن الانتخابي أمس أمران: الاوّل موقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي خفّض لاءاته الثلاث الى اثنتين، فباتت: “لا للتمديد ولا للفراغ”. ونحّى جانباً قانون الستين، وذلك عندما أكّد “أنّ التمديد للمجلس النيابي يجب ان لا يحصل ولا يهدّد احدٌ به، لأنّ فيه خراباً للبنان”.
وأشار الى انّه حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضعُ قانون انتخابي جديد “وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران، فإنّ لا فراغ سيحصل في المؤسسات”. وقال: “هذا المجلس لن يمدّد لنفسه ومِن غير المقبول ان يمدّد لنفسه دقيقة واحدة”.
وإذ اعتبر عون انّ التمديد هو ايضاً فساد متراكم، “وليس في إمكاننا ان نستمرّ به اربع سنوات بعد”، فإنّه سأل: “من في استطاعته ان يقول لنا انّنا اذا ما مدّدنا للمجلس مرّة ثالثة، انّ هذا الاخير لن يقوم بالتمديد لنفسه مرّة رابعة؟ ولاحَظ “انّ ثمّة من يتحدث من حين الى آخر أنّ لطائفته خصوصية، فلماذا لا يكون للآخر من خصوصية ايضاً؟