تُشبه المفاوضات الخاصة بقانون الانتخابات النيابية البورصة، فتتباين نقاط تقدّم الطروحات في كلّ يوم. آخر مؤشرات أمس رست على نقطتين:
الأولى تحييد خيار التمديد، بعد تراجع رئيس الحكومة سعد الحريري عن موافقته على المشاركة في جلسة التمديد المُفترض أن تنعقد في 15 أيار. تلاقى ذلك مع معارضة شرسة عبّر عنها رئيس الجمهورية ميشال عون للتمديد، وصلت حدّ القبول بإسقاط الـ«لا» ضدّ قانون الدوحة (المعروف بالستين)، كونه بات أهون الشرور، بعد أن ضيّعت القوى السياسية قرابة أربع سنوات من دون الاتفاق على قانون جديد.
والثانية، ارتفاع أسهم مشروع قانون الرئيس نبيه بري القائم على النسبية الكاملة مقابل إنشاء مجلس للشيوخ يُنتخب على أساس مشروع اللقاء الأرثوذكسي. وقد أعدّ بري مسودة مشاريع لتعديل الدستور لإنشاء مجلس للشيوخ، إضافة إلى مسودات قوانين تنظيم عمل هذا المجلس. يعني ذلك أنّ الجميع بات مُسلّماً بأن مشروع القانون التأهيلي تخطاه النقاش. مروحة الخيارات ضاقت، ليكون الاختيار محصوراً بين اعتماد النسبية الكاملة مع إنشاء مجلس للشيوخ، أو العودة إلى «الستين».
قسّم طرح بري، في البداية، لبنان إلى ست دوائر. ولكن، بعد معارضة عدد من الأطراف، منها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والمستقبل، تقرّر اعتماد النسبية الكاملة في 10 دوائر (تُقسم كل من المحافظات التاريخية الخمس إلى دائرتين، مع مراعاة النائب وليد جنبلاط عبر جعل الشوف وعاليه دائرة واحدة). ويهدف رئيس المجلس إلى أن تتحول جلسة 15 أيار إلى جلسة للتصويت على القانون الجديد، إضافة إلى وضع قانون «إطار» لإنشاء مجلس الشيوخ. وقد بعث بري بمسوداته إلى القوى السياسية لتحديد موقفها منه. وعلمت «الأخبار» أن النقاش الرئيس يدور حالياً بين حركة أمل والتيار الوطني الحر والنائب وليد جنبلاط. ومن غير المتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق بسلاسة للأسباب الآتية:
ــ عدم الاتفاق على صلاحيات هذا المجلس.
ــ خلاف التيار الوطني الحر وجنبلاط على طائفة رئيس المجلس؛ الأول يريده مسيحياً، والثاني يريده درزياً.
ــ من غير المعلوم كيفية الالتزام بالمادة 22 من الدستور التي تنص على أن ينشأ مجلس الشيوخ مع أول انتخابات للمجلس النيابي تُجرى من دون قيد طائفي.
وعلمت «الأخبار» أن باسيل اطّلع على مسودة إنشاء «الشيوخ» التي أعدّها بري. وقد أبلغ الوزير علي حسن خليل أنه أعدّ في المقابل أكثر من مسودة للمجلس عينه، آخرها أمس. وعلمت «الأخبار» أن وزير الخارجية اجتمع أمس، لهذه الغاية، بالوزير السابق كريم بقرادوني، لنحو ثلاث ساعات، فيما نفى الأخير، في اتصال مع «الأخبار»، أن يكون اللقاء مرتبطاً بمشروع مجلس الشيوخ.
وكشف بري أمام زواره أمس أنه أنجز مشروعين، أحدهما لقانون الانتخاب يعتمد النسبية الكاملة، والآخر متكامل لمجلس الشيوخ يتضمن إنشاءه وصلاحياته. وهو سلّم نُسخاً عن المشروعين إلى المعنيين، متكتّماً على مضمونيهما إلى أن يُحدّد هؤلاء موقفهم منهما. ويعتقد بري أنه «بهذين المشروعين أُقدّم حلاً ومخرجاً للأزمة الراهنة، ولا أرى سبيلاً سواهما. المشروع التأهيلي طويت صفحته. أنا لم أعارضه لمجرد المعارضة، بل لأنه لا يلائم مصلحة البلد». وردّ بري على سؤال إن كان الحريري قد أبلغه عدم مشاركته في جلسة التمديد: «هنّأته على هذا الموقف. هم يعتقدون أنني مع التمديد. هذا شأنهم. موقفي معروف وليتصرفوا على هذا الاساس. إذا كانوا مُحقّين في الأمر، فليحرجوني وليتوصلوا الى قانون جديد». وأضاف أنّ «واجبي أن أظلّ أدعو إلى عقد جلسات لمجلس النواب لتفادي الفراغ في السلطة الاشتراعية». وقال بري «إنّني أُقدّم خدمة لهم من خلال مشروعَي النسبية ومجلس الشيوخ، فلينتهزوا الفرصة وأنا انتظر، علماً بأنني ألمس أن مشروعي لمجلس الشيوخ يحظى بتأييد غالبية الأفرقاء». أما في ما خصّ إمرار قانون للانتخاب في مجلس الوزراء عبر التصويت، فاستبعد بري ذلك: «أبداً، لا قانون بلا توافق. لن يكون هناك تصويت في مجلس الوزراء أياً يكن القانون».
وكان رئيس الحكومة قد قال بعد لقائه الرئيس عون إنّ «من يدعو إلى مجلس وزراء هو أنا. لذلك سأدعو الاسبوع المقبل إلى جلسة، وعلى جدول أعمالها بنود، إن كانت قانون الانتخاب أو بنوداً أخرى».