أوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ “المصارف والمؤسسات المالية في منطقتنا تواجه تحديات منها ما هو ناجم عن الوضع السياسي والأمني ومنها ما هو ناجم عن التغيرات في تقنيات العمل المصرفي نتيجة المعايير المستحدثة”، لافتاً الى أنّ “الحروب القائمة في المنطقة والعقوبات المالية المفروضة على بعض الدول والمنظمات، تدفع بالمصارف العالمية إلى التمادي في سياسة تقليص المخاطر في المنطقة العربية”.
سلامة، وخلال مؤتمر في فندق الـ”فور سيزونز” في بيروت، لفت الى أنّ “التشدّد الذي يشهده العالم في مجال تطبيق نظم الإمتثال وظاهرة تجنب المخاطر “De-Risking” هو من العوامل الاساسية التي ينبغي التنبه إليها لحماية النظام المالي والمصرفي في منطقتنا”.
واشار الى أنّ “تطبيق المعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يحمي المجتمعات والاقتصادات والمصارف من مخاطر هذه السياسات”، وقال: “هذا الامر أولوية بالنسبة إلينا في لبنان، لكونه يعزّز سلامة قطاعنا المالي والمصرفي ويحميه من المخاطر لا سيما مخاطر السمعة، علماً أنّ لبنان شريك في الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال، وذلك من خلال مشاركة هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بأعمال المنظمات الدولية”.
وأضاف سلامة: “إنّ إقرار مجلس النواب اللبناني لعدد من القوانين، منها قانون الانضمام الى اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لقمع تمويل الإرهاب، وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وإقرار قانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وقانون تبادل المعلومات الضريبية، كان له وقع إيجابي لدى المنظمات الدولية، ووقع إيجابي على سمعة لبنان وقطاعه المالي والمصرفي، وأيضاً على وضعية امتثاله بالمعايير الدولية. وفي اطار تحصين قطاعنا المصرفي والمالي، تم إخضاع شركات تحويل الأموال لمزيد من الإجراءات والموجبات، ومنع إصدار البطاقات المسبقة الدفع في حال لم تكن مرتبطة بحساب مصرفي، ومنع التعامل مع شركات اسهمها لحامله، كما جرى تعديل التعميم الأساسي رقم 83 الصادر عن مصرف لبنان لتعزيز وظيفة الامتثال لدى فروع المصارف والمؤسسات المالية، وأيضاً على مستوى مجالس الإدارة”.
وأوضح أنّ “مصرف لبنان طور، من خلال سلسلة من التعاميم، الهيكلية الإدارية للقطاع المصرفي في لبنان. فقد بادر، ومنذ سنوات، إلى المطالبة بأن يكون لدى المصارف لجان تقيم مخاطر التوظيفات، ولجان تتأكد من الإدارة الرشيدة. كما طالب بأن يكون مجلس إدارة المصرف مطلعا على أعمال المصرف وأن يتألف هذا المجلس من أعضاء مستقلين. كما طالب المصارف بأن يكون لدى مراكزها الرئيسية وفروعها دائرة امتثال تتأكد من شرعية الأموال الداخلة إليها كما استحدث مصرف لبنان أيضا دائرة امتثال لديه بهدف التأكد من شرعية العمليات التي تمر من خلاله بكافة العملات. هذا يجعل من المنظومة المصرفية اللبنانية منظومة حديثة وقابلة للتعاطي دوليا مع المصارف الاجنبية لأن لديها الآلية للتأكد من مصادر الأموال التي تمر عبر المصارف اللبنانية”.
وتابع سلامة: “من ناحية ثانية، انّ استمرار التعاون والتواصل بين جمعية المصارف والبنوك المراسلة يعزّز الثقة بالقطاع المصرفي لدى المصارف المراسلة رغم المخاطر والتحديات الاقليمية والدولية المحيطة بالعمل، وبعمل المصارف المراسلة ذاتها التي تلجأ بدافع متطلبات الـcompliance ومتطلبات الرسملة، الى قطع علاقاتها من خلال سياسة الـ “De-Risking” في العديد من الدول في أميركا اللاتينية وأفريقيا وغيرها”.
وختم: “ان تحرك جمعية المصارف مع المصارف من جهة، وتحرك مصرف لبنان مع السلطات حالا دون تعرض هذه العلاقة لأيّ مشكلة، مما حمى لبنان من مخاطر الـ”De-Risking”.