Site icon IMLebanon

الفيلم الهوليوودي – اللبناني الطويل (بقلم رولا حداد)

 

 

كتبت رولا حداد

 

يكاد كل ما يجري على الساحة السياسية أن يتحوّل فيلماً هوليودياً غير مسبوق، أبطاله سياسيون وأطراف سياسية، والمتفرجون فيه هم اللبنانيون الذين لا حول لهم ولا قوة إزاء كل ما يجري. أما الإخراج فيتاقسمه كل من يريد الإطاحة بالنظام الديمقراطي وتحويله مسخاً غريباً عجيباً غبّ الطلب.

ماذا يعني أن تفشل الطبقة السياسية في لبنان في إقرار قانون جديد للانتخابات منذ العام 2009 وحتى اليوم؟ في السابق كانت غالبية تلك الطبقة السياسية تتذرّع بالاحتلال العسكري السوري و”وصاية عنجر” التي كانت تقرّ قوانين غازي كنعان، فأي عذر اليوم؟

لأي هدف يتم إغراق الساحة السياسية والإعلامية بعشرات اقتراحات القوانين، التي تظهّر من جهة عجز الطبقة السياسية عن إنتاج قانون بسيط وبمعايير موحدة، وتعكس من جهة ثانية بعض النوايا المبطنة للإطاحة بالاستحقاق الانتخابي؟

إن الأكثرية الساحقة من اقتراحات القوانين الانتخابية لا تهدف الى تأمين تمثيل شعبي صحيح بقدر ما تهدف إلى تأمين حصص سياسية لأطراف السلطة الموجودة، بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، وكل النزاعات التي نراها تكاد تكون بأكثريتها الساحقة حول الحصص النيابية المفترض أن ينتجها كل من الاقتراحات الهجينة التي نسمع بها ونقرأ عنها.

وكأنه لا يكفي البلاد إغراقها في اقتراحات القوانين الانتخابية ليدخل أبطال الأفلام الهوليودية في لبنان عنصر التشويق المتمثل في حشر الحديث عن إنشاء مجلس للشيوخ، وهم عاجزون عن إنتاج قانون للانتخابات.

وكأن مجلس الشيوخ المزعوم يتم الاتفاق عليه “في يوم وليلة”، ولا يحتاج الى تمحيص ودراسة دقيقين لتبيان شكله وطريقة تأليفه، والأهم صلاحياته، في بلد مشلّع بسبب الصراعات التي لا تنتهي حول الصلاحيات، وفي دستور الصلاحيات فيه متشابكة ومتداخلة ولا تجد فيه من يفسّر الدستور إلا حسب أهوائه!

هكذا تتقن الطبقة السياسية في لبنان عمليات الإلهاء للرأي العام والمناورات السياسية السخيفة للتمويه عن النوايا الحقيقية المبيتة إزاء كل ما يجري. والأسوأ من ذلك كله أن عمليات “التمثيل الهوليودية” تتم تحت ستار كثيف من القنابل الاعلامية والدخانية، طوراً حول حقوق الطوائف وطوراً آخر بطوباوية ادعاء الحرص على قانون عادل لا يرى بعض المزايدين نموذجاً له غير النسبية الشاملة، وكأن أعرق الديمقراطيات التي لم تعتمد النظام النسبي فشلت لا سمح الله!

لقد سئمنا كلبنانيين من كل الأفلام الركيكة التي نشاهدها على الساحة السياسية بإنتاج هابط وممثلين مملين ومؤثرات لم تعد تنطلي على أحد، ناهيك عن ممثلي الأدوار الثانوية الذين باتوا أشبه بـ”شاهد ما شافش حاجة”.

متى ينتهي هذا الفيلم- الكابوس الذي نعيشه؟ قد لا ينتهي سريعاً بكل أسف لأن القدرة على “الحسم السياسي” داخلياً مرتبطة بكل ما يحيط بنا في ظل إصرار البعض على أن مبدأ التصويت في نظامنا الديمقراطي يؤدي إلى حرب أهلية.

إن ما جرى ويجري منذ انتخابات الـ2009 وحتى اليوم يُعد فضيحة وطنية كبرى تستلزم مساءلة شعبية عارمة لمجموعة من السياسيين والأطراف السياسية التي تبحث فقط عن سبل بقائها في السلطة ولو على حساب الديمقراطية وإرادة الشعب وعلى حساب المصالح الوطنية العليا!