تسلم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مرسوم تعيينه محاميا روتاليا من قبل قداسة البابا فرنسيس، وذلك في احتفال اقيم في محكمة الروتا الرومانية، بحضور عميد المحكمة المونسنيور بيو فيتو بينتو ونائبه المونسنيور موريس مونييه وعدد من الاساقفة وقضاة المحكمة، اضافة الى النائب البطريركي العام المطران حنا علوان والمعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي المطران فرنسوا عيد وراعي ابرشية كندا المطران بول مروان تابت والمونسنيور طوني جبران.
في مستهل الاحتفال، ألقى المونسنيور بينتو كلمة هنأ فيها “البطريرك الراعي على هذه الالتفاتة الخاصة من قداسة البابا، والتي خصه فيها شخصيا بفضل علمه وثقافته الرفيعة، اضافة الى كونه ايضا رئيسا للكنيسة المارونية التي تتميز بقوة وصحة الايمان لديها، وقد شهدت له منذ عصور طويلة، وكانت على اتحاد وثيق وعميق مع كنيسة روما”، وقال: “إن العلاقة بين محكمة الروتا والكنيسة المارونية لم تعرف يوما المشاكل، لا بل على العكس تميزت بالتعاون المتبادل والشفافية، وتستمر حاليا مع التعديلات الجديدة التي ادخلها قداسة البابا على القوانين الكنسية”.
ووصف حدث اليوم بـ”التاريخي على مستوى المحاكم الكنسية”، معتبرا ان “هذا التعيين يشرف أيضا محكمة الروتا التي تفخر بالكاردينال الراعي”.
ولفت إلى أن “الكنيسة المارونية التي تتميز ايضا في علاقتها مع روما ومع المؤسسات الحبرية من بين كل الكنائس الشرقية تستحق ان يمنح رئيسها هذا اللقب الرفيع”، وقال: “يصادف عيد الرسولين فيليبس ويعقوب شهيدي كنيسة اورشليم، اللذين اغنيا ايضا اللاهوت الشرقي”.
ونوه بـ”علاقة الكاردينال الراعي والكنيسة المارونية بقداسة البابا خليفة بطرس، والقائمة على المحبة والاحترام والايمان الثابت”، مؤكدا أنها “ترجمت اليوم من قبل قداسته بتسمية الكاردينال الراعي محاميا روتاليا، وهو الذي يتميز بثقافته اللاهوتية والحقوقية الغنية والرفيعة”.
من جهته، شكر البطريرك الراعي “قداسة البابا فرنسيس على هذا التعيين ومحكمة الروتا بشخص عميدها وقضاتها على تنظيم هذا الاحتفال”.
وتحدث عن “العلاقات بين الكنيسة المارونية والكرسي الرسولي”، وقال: “إن لبنان هو الوطن الروحي للموارنة، وقد انطلقوا منه الى كل العالم حيث اقاموا الابرشيات والرسالات. إن أرض لبنان هي أرض مقدسة، ولقد ذكر في العهد القديم من الكتاب المقدس 70 مرة، فيما ذكر أرزه 75 مرة، اضافة الى ذكر مدينتي صور وصيدا. ولبنان تميز بالانفتاح على كل الحضارات والثقافات في العالم، وشكل جسر عبور بين الغرب والشرق. وفي العهد الجديد ذكر لبنان ايضا بانه ارض الكنعانيين والفينيقيين، حيث كان يتردد يسوع المسيح في زيارته، وقد شفى ابنة الكنعانية التي هنأها على ايمانها، وكان يبشر في نواحي صور وصيدا. وفي مدن لبنان، تكونت الجماعات المسيحية الاولى. كما أن هذه المنطقة الشرقية من العالم اعطت للكنيسة 5 بابوات”.
واعتبر ان “لبنان يشكل قاعدة ثقافية وحضارية قامت عليها المسيحية قبل الاسلام ب600 سنة، ومنه انتشرت الى كل العالم”، وقال: “إن الكنيسة المارونية حافظت تاريخيا على وحدتها واتحادها مع كنيسة روما منذ المجمع الخلقيدوني سنة 451، الذي دعم عقيدة البابا لاوون الكبير، واستمرت مع انتخاب اول بطريرك يوحنا مارون 686 حتى يومنا هذا”.
وتوقف عند “الاضطهادات التي افضت في النهاية الى استقرار الموارنة في لبنان، حيث راح بطاركتهم يتنقلون من منطقة الى اخرى، حاملين عروشهم على ظهورهم”.
وعدد الراعي “الوثائق والرسائل التاريخية المتبادلة بين البطاركة الموارنة والبابوات، والتي دلت على عمق العلاقة بينهما، وحرص الكرسي الرسولي على الموارنة الذين كانوا الجماعة الكاثوليكية الوحيدة في الشرق قبل الانشقاق الكبير في القرن السابع عشر”.
ولفت إلى “تأسيس المعهد الحبري الماروني مع البابا غريغوار الثالث عشر سنة 1584، والذي شكل علامة فارقة ومهمة في تاريخ هذه العلاقة، وقد خرج هذا المعهد الكثير من رجالات الكنيسة الذين عرفوا الشرق على الغرب، والغرب على غنى الشرق من خلال الترجمات والكتب، وكان ابرزهم المونسنيور يوسف السمعاني الذي اصبح في ما بعد حافظ المكتبة الفاتيكانية”.
وأشار إلى أن “الكثير من الموارنة لمعوا بعلمهم وثقافتهم، وقد كان الملوك يستعينوا بهم في بلاطاتهم وقصورهم إلى درجة أنهم أصبحوا مضرب مثل لكل مميز في العلم، حيث كان يقال: عالم كماروني. كما ان الذين عادوا منهم الى لبنان أسسوا المدارس ولعبوا دورا كبيرا في نهضة اللغة العربية”.
وتناول الراعي “محطة أساسية في تاريخ العلاقة مع الكرسي الرسولي، وهي انعقاد المجمع اللبناني سنة 1736 في اللويزة، الذي نظم وقاد حياة الكنيسة المارونية الى حين صدور الشرع الخاص للبابا بيوس الثاني عشر، ثم مجموعة قوانين الكنائس الشرقية”.
وختم: “الكنيسة المارونية تفتخر بعلاقتها الثابتة مع كرسي روما وبطاعتها الكاملة لقداسة البابا، وقد استحقت بذلك لقب “الوردة بين الاشواك” من البابا بولس الثاني، و”الذهب في النار” من البابا اكليمندس السابع”.
الى ذلك، يلتقي الراعي غدا الخميس قداسة البابا بندكتوس السادس عشر على ان يلتقي قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر يوم الجمعة المقبل.