تقرير سيرج مغامس:
كثرت في الآونة الأخيرة المقالات والمواضيع والتقارير والتحاليل التي تتحدث عن حرب محتملة بين “حزب الله” وإسرائيل، بحيث لم يبق ولو وسيلة إعلامية واحدة لم تنشر خبرا بشأن السيناريوهات المحتملة في حال حصول أي حرب على لبنان، وعما إذا كان “حزب الله” مستعدا لهذه المواجهة أم لا.
ولكن هل صحيح أن الحرب على الأبواب وأننا أمام “لو كنت أعلم أخرى” وهل سيكون صيفنا حارّا كصيف تموز 2006؟ وما الدافع وراء التسويق لحرب لم تحصل بعد أو بالأحرى وهمية؟
المواجهة بين إسرائيل و”حزب الله” مستبعدة
العميد المتقاعد جورج صغير يستبعد في حديث لـIMlebanon “إمكان حصول مواجهة بين “حزب الله” وإسرائيل خصوصا أنه من الناحية العسكرية “حزب الله” منهك بسبب تدخله العسكري في سوريا والذي مرّ عليه 4 سنوات، ما يعني أن إيران لن تعطيه الضوء الأخضر لكي يقوم بأي عمل ضد إسرائيل، أما بالنسبة للإسرائيل فهي مشغولة اليوم بترتيب وضعها بعدما أعلن خالد مشعل انه يقبل بدولة فلسطينية لحدود 1967، كما وأنها رأت أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب رجل حاسم ومحاط بضباط كجيمس ماتيس وريكس تيليرسون يوجّهان ترامب وهما ضد السياسة الايرانية والاسرائيلية في المنطقة خصوصا أن السياستين متناغمتين”.
من جهته يرى المحلل السياسي الدكتور سامي نادر في حديث لـIMlebanon أنه “إذا نظرنا الى المسألة من الإطار الواسع فالمنطقة تعيش لحظة مواجهة إيران أكان بالنسبة لإسرائيل أو أميركا ولكن ليس من الضروري أن تكون المواجهة عسكرية، فإيران إستفادة من سياسة الانفتاح خلال فترة الرئيس الأميركي السابق براك أوباما بحيث ركزت على حصول مناطق نفوذ لها في الشرق الأوسط اثناء المفاوضات النووية، ولكن هذه الحقبة تبدلت ووصلنا الى لحظة مواجهة إيران ونرى التصعيد الأميركي لمواجهتها، خصوصا ان الإدارة الاميركية تسعى الى اعادة النظر بالاتفاق النووي ولم تتأخر بضرب مطار الشعيرات في دمشق بعدما بلغت روسيا، فالادارة الاميركية تريد الشراكة مع روسيا بشروط بالاضافة الى الانفتاح مع تركيا”.
الكيميائي السوري في لبنان؟
وعن مدى تأثير الضربات العسكرية الإسرائيلية على اهداف تابعة لـ”حزب الله” داخل سوريا، يشرح صغير أن “إسرائيل تُحرم على “حزب الله” امتلاك صواريخ مضادة للطائرات، فالحجة ليست سلاح متطور او غيره وإنما فقط سلاح مضاد للطائرات، وهذا الامر متفقين عليه إيران وإسرائيل والذي ينص بعدم اعطاء “حزب الله” سلاح مضاد للطائرات، والسؤال المطروح هنا، هل الصاروخ الذي يبلغ طوله 5 امتار وأكثر لا تراه اسرائيل بينما سلاح مضاد الطائرات الذي يصل طوله كحد اقصى مترا واحدا تراه اسرائيل وتقصفه وتدمره؟ والظاهر ان هناك مخبرين إسرائيلين في مطار الشام ينقلون المعلومات لاسرائيل كي تحرك طائراتها”.
من ناحيته، يوضح أبي نادر أن “إسرائيل تسعى الى ايصال رسالة الى ايران أن منطقة النفوذ التي تريد جعلها قاعدة عسكرية لها لا يمكنها ان تهدد أمنها، لذلك رأينا ضربات اسرائيلية ضد شاحنات تنقل السلاح لـ”حزب الله”، والأمر البارز والواضح هو ان النظام السوري المتحالف مع ايران لم يتخل عن الاسلحة الكيميائية وحتى هناك تسريبات بأن جزءا من هذه الاسلحة اصبح في الداخل اللبناني، والثابت هو ان هذه الاسلحة لا تزال موجودة ما يغير المعادلة وهذا “Casus Belli” آخر أي سبيل للحرب ممكن ان يطلق شرارة المواجهة”.
المسألة أكبر من أن تكون مواجهة عسكرية
ولكن في حال اندلعت الحرب، فهل ستستمر طويلا؟ يؤكد صغير أنه “في حال اندلاع مواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل فأميركا ستسعى الى انهائها سريعا لأن لا هدف وراء الحرب، فلا اسرائيل ستزول ولا “حزب الله”، خصوصا ألا مصلحة للحزب بإندلاع المواجهات بعد تجربة حرب تموز 2006 وبعدما وُعد نصرالله بأن تتدخل ايران وسوريا لمساندته إلا انه بقي وحيدا في المواجهة وتخلتا عنه، فعندما يحل السلام في الشرق الاوسط تنتهي إسرائيل، فإسرائيل تعيش في الحرب وتموت في السلام”.
ويضيف صغير: “القضاء على “حزب الله” مرتبط بإيران وسوريا وطرقات الامداد، فالمسألة أكبر من أن تكون مواجهة عسكرية وإنما مواجهة سياسية واستراتيجية كبيرة ومترابطة لا يمكن فصلها عن بعضها، فإيران غارقة في اليمن والبحرين والعراق وسوريا وغير قادرة على فتح جبهة إضافية في جنوب لبنان”.
الساحة الإيرانية تبدلت بعد الضغط الأميركي
من جهته، يشرح نادر أن “إيران اليوم في موقع المواجهة، وهذا الأمر يؤكد ان امكان تحويل هذه المواجهة الى معركة عسكرية قائمة ما يدفع المراقبين بالتحذير من احتمال وقوع حرب مع إسرائيل، بالإضافة الى ان هناك شيئا ثابتا وهو ان سوريا تقسمت الى ثلاثة نفوذ، فشمال شرق سوريا يخضع لأميركا، فيما الاتراك يسيطرون على وسط الشمال، أما روسيا فتسيطر على غرب شمال سوريا. اليوم ساحت ايران هي حمص والشام والجبال اللبنانية، وإذا حاولت تحويل هذه النقطة منطقة عسكرية لتهدد فيها إسرائيل فهذا الامر سيحرك الجبهة او يكون هو الشرارة لأي مواجهة محتملة”.ويلفت الى “أميركا تسعى الى تطويق مناطق النفوذ الايراني الذي امتد خلال الفترة السابقة وذلك عبر التحالف مع الاكراد والتوغل في الموصل وسنجار، وهناك تحالفات قديمة جديدة مع تركيا ومع اسرائيل، لذلك منطقة الجنوب السوري ممكن ان تشهد تطورات في المرحلة المقبلة”.
أما بالنسبة للجولة التي قام بها “حزب الله” على الحدود منذ مدة، فيؤكد أبي نادر أنها “لتوجيه رسالة الى القوى الإقليمية ولإسرائيل ان هذه الجبهة هي تحت سيطرة “حزب الله” ويستطيع فتحها والاشتباك مع اسرائيل في اي وقت”!