رأى وزراء لبنانيون معارضون للمشروع الانتخابي الذي قدمه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، إن رفض مجلس الوزراء مجتمعاً التمديد للبرلمان يفتح الباب أمام السؤال عن البديل في حال انتهت الولاية الثانية الممددة للمجلس النيابي في 21 حزيرن المقبل، من دون التوافق على مشروع قانون انتخاب جديد.
واكد هؤلاء بحسب صحيفة “الحياة” أن رفض التمديد لم يلق أي اعتراض، لأن الجميع اضطروا للانخراط في المزايدات الشعبوية والسياسية الرافضة للتمديد، من دون أن تتوصل الحكومة إلى حد أدنى من التفاهم على قواسم مشتركة تهيء الأجواء أمام التوافق على القانون الجديد.
ولفت الوزراء أنفسهم إلى أن المداولات التي سادت جلسة مجلس الوزراء بقيت تحت سقف السجال حول دستورية التصويت على القانون في حال تعذر التوافق عليه، ويؤكدون أن رئيس الحكومة سعد الحريري كان على حق عندما سأل كيف صوت مجلس الوزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على قانون الانتخاب بإجماع جميع أعضائه باستثناء تحفظ وزراء «اللقاء النيابي الديموقراطي» عليه، في غياب «تيار المستقبل» وحزبي «القوات» و «الكتائب» الذين لم يشاركوا في الحكومة، فيما يعترض البعض على التصويت اليوم في إشارة إلى رفض «حزب الله» و»حركة أمل» وآخرين له.
ويرون أن هؤلاء لا يريدون الدخول في سجال مع الرئيس الحريري على موقفه هذا، على رغم أن التصويت لا يزال مستبعداً حتى إشعار آخر، لكنهم يسألون عن الأسباب التي دفعت وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» إلى مقاطعة بعض جلسات مجلس الوزراء في حكومتي الرئيسين ميقاتي وتمام سلام، وإلى رفضهم مبدأ التصويت في حال حضورهم على أمور عادية ولا تتعلق بإعادة تكوين السلطة.
واشاروا أيضاً إلى أن وزراء «تكتل التغيير» الذين يتذرعون حالياً بالمادة 65 من الدستور كانوا أول من علقوا العمل بها في السابق، وأعاقوا تسيير عجلة الدولة والالتفات إلى بنود تتعلق بتوفير حد أدنى من الحلول لمطالب المواطنين؟
واعتبروا أن هؤلاء الوزراء هم أول من تلاعبوا بالمادة 65، وكانوا وراء الشلل الذي أصاب حكومة سلام الذي حملهم في معظم الجلسات مسؤولية تعطيل العمل الحكومي.
وغمز الوزراء من قناة «تكتل التغيير» الذي قاطع جلسات انتخاب الرئيس، وكان وراء تمديد فترة الفراغ في رئاسة الجمهورية، ولم يقلع عن مقاطعته إلا بعد ضمانه انتخاب رئيسه في حينه العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وسأل هؤلاء ما إذا كان باسيل يحاول أن يستنسخ ما أصاب رئاسة الجمهورية من تعطيل ويستحضرها في البحث عن قانون انتخاب بذريعة أنه يدفع بالأمور إلى حافة الهاوية، لعله يضغط على من يعارض مشروعه الانتخابي من أجل تعديل موقفه؟
ومع أن الوزراء أنفسهم يقفون إلى جانب إحياء اللجنة الوزارية برئاسة الحريري، بحثاً عن قانون انتخاب جديد، فإنهم في المقابل يسألون ما إذا كان ضيق الوقت سيعيق التوصل إلى هذا القانون، وبالتالي ما هو البديل، وهل يكون بالعودة بصورة موقته إلى القانون النافذ حالياً أي الستين، لئلا يسقط البلد في فراغ قاتل قد ينسحب على السلطة التنفيذية ولا يلقى تسويقاً لدى المجتمع الدولي، بصرف النظر عن الذرائع التي لا يمكن أن يلجأ إليها من يعتبر «الستين» ميتاً، ولا إمكان لبث الروح فيه. لذلك، فإن الكرة في ملعب الحكومة ورئيس الجمهورية على أن تنتقل لاحقاً إلى ملعب المجلس النيابي، على رغم أن رئيسي الجمهورية والحكومة كانا تعهدا إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون جديد.
فمفعول تبادل الاتهامات لن يعمر طويلاً، وسرعان ما يزول ويبقى السؤال ما العمل لتفادي الفراغ؟ وهل يمكن الإفادة من عامل الوقت الذي يفصلنا عن انتهاء ولاية البرلمان الممدد له وتوظيفه لإنتاج قانون جديد؟
وعليه، فإن الغموض الذي يكتنف استئناف المشاورات بدءاً بإحياء اللجنة الوزارية لوضع قانون انتخاب لا ينسحب على المشهد السياسي وتداعياته في حال اقتصر الأمر على رفض التمديد للبرلمان من دون أن يقترن بتوفير بديل ملموس.
ويبقى السؤال، من يتحمل مسؤولية إقحام البلد في فراغ في السلطة التشريعية في ظل تراجع حظوظ الموافقة على مشروع باسيل ورفض قوى سياسية اللجوء إلى التصويت في مجلس الوزراء؟ وهل يكون الخيار الأكثر مرارة الذهاب إلى المؤتمر التأسيسي، أم أن تبادل رفع السقوف حول قانون الانتخاب قد استنفد أغراضه وأن الحل يكون في إقرار الجميع بحثاً عن تسوية تقوم على تبادل التنازلات؟
لكن، في غياب أي تصور لطبيعة المرحلة السياسية في حال استحال على اللجنة الوزارية أن تحقق خرقاً من شأنه أن ينقذ الجميع من الورطة التي هم فيها الآن، فإن لعبة عض الأصابع يمكن أن تأخذ البلد إلى المجهول الذي لن يؤدي إلى تحييد الشأن الاقتصادي عن بلوغ التأزم السياسي ذروته.