كتبت مي الصايغ في صحيفة “الجمهورية”:
في الذكرى الـ72 لنصر الإتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية في الحرب «الوطنية العظمى» (1941-1945)، التي تتزامن مع وجود إدارة أميركية جديدة في البيت الأبيض، يبدو أنّ العلاقات الأميركية ـ الروسية قد تتّخذ منحى مختلفاً، وسط مراعاة روسيا للمطالب الأميركية لجهة إقامة «مناطق لتخفيف التصعيد» في سوريا. غير أنَّ ذلك يبقى رهن ما «سيُسفر» عنه لقاء وزيري الخارجية سيرغي لافروف وريكس تيلرسون، والذي سيعقبه اللقاء المنتظر بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، خلال قمة مجموعة الـ20 في هامبورغ، في نظر السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين.يرى السفير الروسي أنّه «من الصعب التكهّن واستباق الأمور»، في ما خصّ تطور أفق العلاقات الروسية – الأميركية، ولا سيما لجهة التعاون لمكافحة الإرهاب.
ومثلما «نجحت روسيا في إلحاق الهزيمة بالنازية، تتطلّع اليوم الى القضاء على الإرهاب، إذ سبق وقدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتراحه الإستراتيجي بضرورة تشكيل جبهة مُوحّدة ضد الإرهاب»، يذكّر زاسبكين، مُشيراً إلى ضرورة أن تضمّ هذه الجبهة المزعومة أكبر عدد من الدول للقضاء على هذه الآفة بأشكالها كافة.
ويقول زاسبكين لـ«الجمهورية»: «إنّ التعاون الأميركي-الروسي له أهمية خاصة، وستشهد المرحلة المقبلة تطوراً على صعيد اللقاءات المُبرمجة على مستوى وزراء خارجية البلدين، ومن ثم لقاء الرئيسين بوتين وترامب»، مُتسائلاً عمّا إذا كانت الإدارة الأميركية «جاهزة» لهذا الأمر.
وفي ظلّ الحديث عن مراعاة روسيا للمطالب الأميركية لجهة إقامة مناطق آمنة في سوريا، يوضح زاسبكين أنّه «قبل اجتماع أستانا الأخير تمّ التوصل الى تفاهم بعد مروحة من الإتصالات بين الأطراف المعنية، بين روسيا وتركيا ودول الخليج، وقد شكّل هذا الموضوع العنوان الأساسي للمحادثة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب».
ويرى السفير الروسي أنّ «حقيقة الموقف الأميركي ومدى إيجابيته سوف تتضح من خلال الإتصالات المقبلة وكيفية ترجمته على الأرض»، لافتاً إلى أنّ المجال مفتوح أمام انضمام دول أخرى بما فيها اميركا الى مذكرة التفاهم الروسية ـ التركية ـ الإيرانية، التي تمّ توقيعها في 4 أيار الجاري في أستانة.
وفي وقت تراجعت وتيرة العنف بشكل واضح السبت في عدد من المناطق السورية منذ بدء تطبيق المذكرة، التي لن تدخل فعلياً حيّز التنفيذ إلّا بحلول 4 حزيران، عندما تُنهي الدول الضامنة رسم حدود المناطق الأربع «لتخفيف التصعيد»، يرى السفير الروسي أنّ «فرَص نجاحها تتوقف على مواقف الأطراف المعنية، ومدى جهوزيتها للانتقال من مرحلة النزاع المسلّح الى التسوية السياسية».
ويعتبر زاسبكين أنّ مذكرة التفاهم الثلاثية بين الأطراف الضامنة تشكّل «خطوة نوعية الى الأمام، إذ بات هناك إطار ملموس لتحقيق المراقبة ووقف الأعمال العدائية»، بعدما فشلت سلسلة اتفاقات للهدنة او لوقف الأعمال القتالية، خلال 6 سنوات من النزاع، الذي أودى بأكثر من 320 ألف شخص في سوريا، وشرَّد ملايين من سكانها.
وفي الوقت الراهن يعكف فريق روسي ـ تركي ـ إيراني على تشكيل «مجموعة العمل المشترك» لترسيم حدود «مناطق تخفيف التصعيد»، على أن يتمّ اتخاذ القرارات بالتشاور والتنسيق بين الاطراف الثلاثة، وفق ما يؤكّد زاسبكين.
وعمّا إذا كان هناك دور للأمم المتحدة في متابعة تنفيذ هذه المذكرة، يذكّر السفير الروسي بأنّها تمّت في «إطار مسار أستانا»، وليس حسب عملية جنيف، ويختم حديثه من دون استبعاد أن يكون هناك «آليّة لتطوير عملية المراقبة، وانضمام أطراف مشاركة أخرى مستقبلاً».