ذكرت “الوكالة المركزية” أنه بالتزامن مع انطلاق التنفيذ الميداني لخطة أميركية تقضي باقامة حزام آمن حول سوريا، تنظَّف بموجبها مناطقها الحدودية من أي وجود ارهابي او متطرف، ويمنع هؤلاء العناصر من التسلل الى دول الجوار فيُحصرون في بقعة جغرافية واحدة هي الداخل السوري، أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن “مهمة مقاتلي الحزب في منطقة الحدود الشرقية أُنجِزت، وأنهم بدأوا الانسحاب من مواقعهم، ليتسلّمها الجيش اللبناني”.
الاوساط السياسية المحلية انشغلت في سبر أغوار قرار “الحزب”، حيث رأت مصادر دبلوماسية عبر “المركزية” أن الخطوة كانت “متوقّعة” في ظل العزم الاميركي على تزخيم جهود الحل السوري عبر البدء باجراءات ميدانية أبرزها احاطة البلاد بحزام آمن يلف حدودها، مشيرة الى ان “الروس اطلعوا أيضا على هذه الخطة لا سيما في اللقاءات التي أجراها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف منذ يومين في واشنطن مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب ونظيره ريكس تيلرسون، وقد انتهت الى تصميم اضافي مشترك على المضي قدما في التسوية السورية”.
انطلاقا من هنا، وتماشيا مع قرار إحكام الطوق على الحدود السورية، أُبلغ لبنان الرسمي عبر أكثر من قناة في الاسابيع الماضية، بضرورة ضبط حدوده الشرقية وإنهاء وجود “حزب الله” فيها، وهو ما تم نقله ايضا الى طهران، بحسب المصادر، وسط توافق اميركي – روسي- اسرائيلي مشترك على منع اي نفوذ أو تمدد ايراني نحو سوريا او لبنان، فكان قرار “الحزب” الذي أعلن أمس، باخلاء الجرود وتسليمها للجيش، وتبقى معرفة ما اذا كانت الخطوة هذه مقابل ثمن ما، أم أنها نتيجة تبدّل سيطرأ على موازين القوى الاقليمية في المرحلة المقبلة، لن يكون لصالح طهران.
المصادر تكشف ان قرار حزب الله كان مدار بحث بين مسؤوليه وقيادات أمنية وعسكرية محلية في الآونة الاخيرة، في اجتماعات عقدت علنا وخلف الكواليس كان محورها التنسيق والتحضير لانسحاب “الحزب” من السلسلة الشرقية، وقد زار أكثر من مسؤول عسكري ابرزهم قائد الجيش العماد جوزيف عون المنطقة أخيرا.
وفي حين لا تستبعد أن يكون خروج “الحزب” من الجرود مقدمة لانسحاب أوسع لقواته من سوريا كلّها، على ان يحصل ذلك في شكل تدريجي وعلى مراحل، انسجاما مع متطلبات التسوية التي يعمل عليها الطباخان الاميركي والروسي، تتوقع المصادر ان يسعى “الحزب” في المرحلة المقبلة الى سلسلة خطوات لتبييض صورته من جهة، وتأمين غطاء سياسي يقيه شرّ ما يمكن ان يواجهه من تحديات في الاشهر المقبلة، من جهة أخرى.
ومن هذه الخطوات، تتابع المصادر، اعلان نصرالله أمس عن استعداد حزبه “لتسوية مع المسلحين في جرود عرسال لان لا افق للمعركة الدائرة هناك”، واستعداده ايضا “لحل أزمة النازحين الموجودين في مخيمات عرسال، بما فيه التواصل مع النظام في سوريا، لإعادة أكبر عدد منهم إلى منازلهم”.
وفي الاطار نفسه، سيسعى الى قانون انتخابي يقوم على “النسبية الكاملة”، كون هذه الصيغة تضمن له أفضل تمثيل فيما تحجّم كتل خصومه السياسيين بما يمنعهم من التحكم بالقرار المحلي.
في الموازاة، سيحرص ايضا على اعادة اطلاق عجلات الحوار الثنائي الذي يجريه منذ سنوات مع تيار المستقبل برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، ربما بعيد القمة العربية – الاسلامية – الاميركية التي ستعقد في جدة في 20 و 21 الجاري.
والهدف من كل هذه الخطوات العسكرية والسياسية، تقول المصادر، خلق صمام أمان يحمي “الحزب” من الرياح التي قد تهب في المنطقة وقد تدفع محوره الى الانكفاء، عموما، ومن العقوبات الاقتصادية الاميركية التي ستفرض عليه قريبا، في شكل خاص.