اعتبرت صحيفة “الأنباء” الكويتية أن الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جوزيف عون الى واشنطن في 29/4/2017، كانت على درجة عالية من الأهمية، بحيث تناولت مواضيع استراتيجية على صِلة بالتطورات السياسية والعسكرية في لبنان ومحيطه الجنوبي والشرقي، وقد جاءت بناء على دعوة القيادة العسكرية الاميركية، وللمشاركة في تخريج عدد من الضباط اللبنانيين الذين انهوا تدريباتهم على استخدام طائرات «السوبر توكانو» الحديثة.
وزيارة العماد عون تأتي أيضا لمتابعة البرامج التي تم الاتفاق عليها في زيارة العماد جان قهوجي الى واشنطن في 14/10/2014، حيث شارك في اجتماع قادة جيوش الدول المشاركة في الحملة على الارهاب، وعددهم 22 قائدا، وشارك في الاجتماع في حينها الرئيس الاميركي باراك اوباما.
وقد وضع القادة مجموعة من الخطط، مازال بعضها معتمدا حتى اليوم، كما اقروا برنامجا لمساعدة الجيوش التي تفتقد للإمكانيات، خاصة الجيشين الاردني واللبناني. برنامج المساعدات الاميركية للجيش اللبناني يسير على قدم وساق، وبعض جوانب هذه المساعدات تطورت بشكل نوعي من خلال تقديم معدات وأسلحة لم يكُن مسموحا بتسليمها للجيش اللبناني في المرحلة السابقة. كما ان الكميات التي قدمت للجيش كانت معقولة، ولولاها لما تمكن الجيش من القيام بالمهام المتقدمة التي نفذها في المرحلة السابقة، خصوصا بعد ان تم تجميد الهبات الأخرى التي كان سيحصل عليها من جهات عربية.
وأضافت الصحيفة: “أن البارز في سياق خطة المساعدة الاميركية لتسليح الجيش اللبناني، كان هبوط طائرة عسكرية اميركية ضخمة من نوع «اس 5» في مطار رياق في البقاع بتاريخ 18/4/2017 وطائرة أخرى بتاريخ 24/4/2017، وهما مُحملتان بكمية كبيرة من الأسلحة والذخائر مقدمة للجيش اللبناني. وهي المرة الاولى التي تهبط فيها طائرات اميركية في تلك القاعدة اللبنانية التي تحيط بها بيئة سكانية ليست مُغرمة بالسياسة الاميركية، وفيها الكثير من المؤيدين لحزب الله.
ومما لا شك فيه ان هبوط الطائرات الاميركية في قاعدة الرياق يحمل دلالات عدة. وتقول اوساط متابعة: ان الرسالة الاولى من هذه العملية موجهة الى حزب الله وحلفائه، ومضمونها ان الاميركيين لا يخشون نفوذه في البقاع، ولديهم ثقة في قدرة الجيش اللبناني، علما ان اغلبية المهام التي يقوم بها الجيش تحظى بتأييد حزب الله ودعمه، ولا يبدو ان هناك خلافات جوهرية بين الطرفين، لاسيما في البقاع، بل على العكس من ذلك، فإن بعض المتابعين المحسوبين على المقاومة، يرون ان الجيش يحمي خلفية المقاومة ويقوم بدور الدفاع عنها ضد بعض المجموعات الارهابية التي تستهدفها.
الرسالة الثانية- كما تقول الاوساط المتابعة ذاتها- هي اقتراب الاميركيين اكثر من ساحات التوتر في سورية، ذلك ان مطار الرياق لا يبعد اكثر من 10 كلم عن الحدود السورية، وقد سرت معلومات الصيف الماضي عن نية روسيا باستئجار المطار من الدولة اللبنانية للقيام منه بمهام في سوريا، ولكن الدولة اللبنانية رفضت هذا الطلب. وهبوط الطائرات الاميركية الضخمة في الرياق هذه المرة، ربما يكون في سياق التجربة لمهام اوسع قد تحصل في المستقبل، إذا ما كانت هناك خطة جدية لضرب الإرهاب، وإنهاء الحرب في سوريا، بعد ان تجاوز المتقاتلون كل الخطوط الحمر، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، كما حصل مؤخرا في خان شيخون”.
وتابعت: “يبدو ان الدور المتقدم للجيش اللبناني يقع محل إجماع لبنان ودولي. فهو اولا، لا يتدخل في الشأن السياسي الداخلي، كما انه يقوم بواجب الدفاع عن لبنان في مواجهة اعداء الخارج، وضبط الارهاب، وحماية الاستقرار، وهو السند القوي لمؤسسات الدولة المتهالِكة، وهو ضمان للأمن المُهدد من الشرق، وتحديدا من تخوم عرسال، كما ان له دورا أساسيا في حماية القوات الدولية التي تحمي الجنوب من الاعتداءات الاسرائيلية، وزيارة رئيس الحكومة وبرفقته قائد الجيش ووزير الدفاع الى الحدود الجنوبية في 25/4/2017 كانت لها دلالات واسعة.