IMLebanon

التسنيق بين الرئاستين الاولى والثالثة لن يهتز!

 

 

كتب ميشال نصر في “الديار”:

فجأة ومن دون سابق انذار انقلبت الاولويات مع سحب ملف قانون الانتخابات من التداول الى الغرف المغلقة، ليطل قلق فريق رئيس الجمهورية براسه الى العلن مع خروج الهواجس من السياسة الخارجية للدولة بعد سلسلة التطورات التي تشهدها الساحة الاقليمية والدولية واحساس حزب الله بمحاولات تطويقه الجدية، في ظل دعوة الرياض الملتبسة لبيروت للمشاركة في القمة التي سيشارك فيها الرئيس الاميركي والتي وضعت لائحة المدعوين اليها وجدول اعمالها بالتنسيق بين المملكة السعودية والولايات المتحدة.

واذا كان ثمة من يعوّل على ان شكل الدعوة سيؤدي الى ضرب العلاقة القائمة بين الرئاستين الاولى والثالثة، فان مصادر التيار الازرق تؤكد ان التنسيق قائم بين الرئاستين وان زيارة رئيس الحكومة الى بعبدا عشية سفره انما جاءت لتثبت ذلك ولتعيد تظهير الصورة التي رآها العالم في القمة العربية من موقف لبناني جامع، خصوصا ان وزير الخارجية سيشارك في الوفد، مشيرة الى ان الشيخ سعد يحضر بوصفه رئيسا لحكومة كل لبنان ويتكلم باسم الدولة اللبنانية، ومن ضمن ثوابتها الواضحة والمعروفة ، معتبرة ان غياب لبنان عن تلك المناسبة كان سيكون له تداعيات سلبية كبيرة .

المصادر التي دعت المشككين بصدق العلاقة بين بعبدا والسراي الى التخييط بغير تلك المسلة، خصوصا ان التقارب بين الشخصين يخيف الكثيرين، معتبرة ان التعاطي بين السلطتين الاولى والثالثة الذي يمر في افضل مراحل التنسيق، والتفاهم الذي بات يفرض نفسه كمعادلة نوعية لم يعد في مقدور اللاعبين السياسيين تجاوزها او حتى التشكيك بها في اي من الملفات المطروحة، «فالشيخ» حريص على العهد ونجاحه بالقدر الذي يحرص عليه الجنرال نفسه ويعمل على ترجيح كفة الايجابيات في مسار «التفاهم» وتكريسه بواقعية سياسية كـ«ضمانة» لتحقيق الانجازات بما يكفل النجاح المنشود. وليس ادلّ الى هذا الحرص من مبادرة الرئيس الحريري الى تهيئة ارضية اعادة وصل علاقات لبنان مع محيطه العربي بعد كل ما اصابها من شظايا سهام اطلقها حزب الله في اتجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وكانت اولى الثمار زيارة الرئيس عون الى المملكة التي اعادت ضخ الدم في شرايين علاقات لبنان بمحيطه العربي واستتبعت بمواقف الرئيس في القمة العربية في الاردن.

تبعا لهذا المشهد، وما قد يحمله من ضغوط ستبلغ حدودها القصوى عند نضوج طبخة التسوية الكبرى، اعتبرت المصادر ان المشاركة هي لصالح لبنان لعدة اسباب ابرزها: اولا، استكمال الجهود الدبلوماسية المبذولة لدرء المخاطر التي قد تنتج عن قانون العقوبات الجديد الذي تعده الولايات المتحدة الاميركية ضد حزب الله وبعض الكيانات المرتبطة به واسماء شخصيات حليفة له او متعاطفة معه، خصوصا بعد التسريبات الاعلامية الغربية عن ان القرار قد يطال رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، ثانيا، للتاكيد على اهمية المساعدات العسكرية والانسانية التي يحصل عليها لبنان لمواجهة مشكلة النازحين وخطر الارهابيين، في ظل استلام الجيش اللبناني لكامل الحدود اللبنانية الشرقية، ثالثا، ستكون الفرصة الاولى لمسؤول لبناني رفيع ان يلتقي رئيس الولايات المتحدة الاميركية، علما ان قائد الجيش التقى خلال زيارته الى واشنطن الاسبوع الماضي عددا من الشخصيات المؤثرة والفاعلة سياسيا وعسكريا في الادارة الجديدة.

اما رابعا، فتأتي المشاركة بحسب المصادر للتاكيد على دور لبنان في الجبهة العالمية ضد الارهاب وشرح ظروف الحكومة اللبنانية والوضع اللبناني الداخلي فيما خص التدخل الايراني وسبل مواجهته،خصوصا الخشية اللبنانية الدائمة من ان يدفع هذا البلد الصغير ثمن التسويات الكبيرة في المنطقة، وفي ظل الاندفاعة الاميركية في اتجاه التوصل الى فرض تسوية من خلال تعزيز نفوذ واشنطن في المنطقة على حساب النفوذين الروسي والايراني، والذي ظهر جليا في طلب ترامب من الروس كف يد ايران وحزب الله في سوريا والمنطقة، ومع ذهاب الامور في الاقليم، وفق المصادر، في اتجاه ارضاء الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة وعلى رأسهم السعودية عبر لجم جماح ايران ومن خلالها حزب الله. من هنا اهمية دور الرئيس الحريري، حيث سيتعين عليه التمسك بالشرعية الدولية ومحاربة التنظيمات الارهابية وطلب التعاون والدعم الدولي للمضي في هذه الاهداف.

عليه تتخذ المشاركة اللبنانية وفقا للصيغة التي اتت بها، بعدا خاصا في ضوء تزامنها مع تحولات اقليمية ومعطيات ومواقف دولية توحي بقرب فرض التسوية الكبرى على الجميع، حيث تؤشر لذلك المواقف الصادرة عن البيت الأبيض حول دعوة الرئيس دونالد ترامب موسكو خلال اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى «كبح جماح» الرئيس السوري بشار الأسد وإيران ووكلائها، تزامنا مع التحضيرات الاميركية لصدور قانون العقوبات على الحزب الذي يعمل الكونغرس على إجراء تعديلات عليه توسع مروحة الجهات التي يطالها.

فهل سقطت الرياض في التجربة مسقطة معها الرئيس الحريري؟ ام ان المشاركة فاول حريري ؟ ام هو هدف مشترك بين بعبدا والسراي في شباك محور الممانعة؟ خصوصا ان العهد يسير خلافا لرغبة هذا المحور في الكثير من الملفات. وهل من قدرة للبنان على تحمل نتائج وتداعيات القرارات التي تصدر عن قمة بهذا الحجم وفي هذا التوقيت؟