تقرير لـ”ايلاف”:
لا يقتصر السباق بين الدول على التسلّح والاقتصاد فقط، فثمة معركة خفية، تبدو أكثر ندية وقوة، وهي المعركة التكنولوجية، فمن يفوز بها، يحكم قبضته على الآخر، وربما يسيطر على العالم اجمع.
خاضت الولايات المتحدة العديد من المنافسات في القرن العشرين والحالي، فخلال الحرب الباردة، جرى بينها وبين الاتحاد السوفييتي آنذاك سباقا مريرا للصعود على إلى الفضاء، حتى أعلنت الولايات المتحدة نجاحها في هذه المهمة بصعودها إلى سطح القمر، وهو ما زال الكثيرون يشككون في صدقيته حتى يومنا هذا !
هٌزمت روسيا في الصعود على القمر، لكن ثمة معركة أخرى خاضتها الولايات المتحدة مع اليابان في منتصف الثمانيات، وعرفت اليابان بقدراتها التكنولوجية المذهلة في الصناعة، بل أن التكنولوجيا اليابانية لا زالت تتمتع بسمعة طيبة، حيث إنها تعتبر الاقوى والأفضل بالنسبة للكثيرين.
وفي العقد الأخير جاءت الصين بقوة، عبر منظومة قائمة على التقليد ثم تطوير المقلد حتى يصبح أفضل من الأصلي، وهي آلية اثبتت نجاحها، حيث إن الصناعات الصينية باتت تغزو العالم.
العملية السابقة جعلت الأميركيين يعيشون حالة من الصدمة والذهول، فالصينيون يأتون دائماً متأخّرين لكنهم يحلّون في المقدمة بعد فترة من الزمن، وتمكنوا من الانتصار في سباق الكمبيوترات الخارقة، أو ما يعرف باسم “سوبر كمبيوتر”، واولى هذه النجاحات تمثلت في كمبيوتر “تيانهي” الذي صنع عام 2013.
يقول الخبراء إن الصينيين لا يستخدمون من المكونات الإلكترونية سوى ما يقلّدونه نقلاً عن غيرهم، لكن ابداعهم يتمحور في التصميم والهندسة والربط لما يصنعونه، بمعنى آخر، تقليد الآخر والتفوق عليه عبر تطوير التقليد !.
وسجّل آخر تفوّق للصين، قبل عدة شهور، عندما أعلنت عن إطلاقها لمشروع التلسكوب “فاست”، الذي يعوّل عليه الباحثين في الوصول إلى إشارات تدلل على وجود حياة ذكية في الفضاء.
بلغت تكلفة المرحلة الاولى من هذا المشروع الذي يوصف بالضخم نحو 180 مليون دولار، وهو سيكلف مليارات الدولارات لوضع محطة فضائية صينية على مدار حول الأرض بحلول 2020، وإرسال مركبة مأهولة إلى القمر.
هذا التلسكوب الذي يبلغ قطره نحو 500 متر (تقارب مساحته 30 ملعب كرة قدم)، تنبع اهميته كونه يتربط في كمبيوتر خارق يمتلكه الصينيون، وهو بدأ بالفعل بإرسال إشارات من الفضاء.
الـ”سوبر كمبيوتر” المرتبط بالتسلكوب، قادر على إنجاز حسابات فلكية بالغة التعقيد، وهي تصل إلى هدفها عبر موجات الراديو.
ويرغب العلماء في الإستفادة من هذا التطور المذهل في البحث عن حياة خارج الأرض واستكشاف الفضاء “المادّة المظلمة” وطاقتها. وما زالت المادة/ الطاقة المظلمة حقلاً بكراً أمام العلماء، وهي تمثّل الحدّ الأخير حاضراً في التفكير العلمي بالكون وأصله ونشأته وتطوّره ومسار مجرّاته وغيرها.
وتقول رابطة الفلك الصينية إن التلسكوب الذي يعمل بإشراف إدارة عسكرية أكبر بكثير من المرصد الموجود في بورتوريكو، وإنه مزود بتقنية عالية الحساسية أعلى بخمس إلى عشر مرات من التقنيات المتوفرة حاليا.
ويرى مراقبون أن أهمية المشروع تكمن كونه يمهد الطريق للعلماء لالتقاط إشارات لاسلكية قد تأتي من حياة محتملة فوق حوالي 12 مليون نجم ونظام شمسي.