Site icon IMLebanon

الحريري: السياحة الثقافية ـ الدينية تزيد النمو الاقتصادي وفرص عمل

 

أكّد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أنّ لبنان يجب أن يأخذ حصته من السياحة الثقافية ـ الدينية لأنها تزيد النمو الاقتصادي وتجد فرص عمل. وتساهم في السياحة المستدامة على مدار السنة وتضع لبنان على الخارطة العالمية.

وقال خلال إطلاقه مشروع السياحة الثقافية ـ الدينية من السراي الحكومي: “وضعنا خارطة لـ230 موقعًا إسلاميًا ومسيحيًا، وستشكل هذه الخارطة بداية لمئات المواقع الأخرى التي ستضاف لاكمال خارطة المواقع السياحية الدينية في لبنان”.

وهذا نص الكلمة كاملاً:

فرحتي كبيرة اليوم، أن أشارك معكم في إطلاق مشروع “السياحة الثقافية الدينية” في لبنان. هذا المشروع، بدأ بفكرة، خرجت من نقاش خلال إفطار رمضاني سنة 2009 مع رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في لبنان. وخلال النقاش، وبعضكم كان حاضرا، قلت: إذا صرت رئيس حكومة، سأسجل هذه المبادرة في البيان الوزاري وأعمل عليها. وبالفعل، بعد أقل من سنة، في العام 2010 هذا ما حصل. وكلنا نعلم الظروف التي وقعت بعدها ووُضع هذا المشروع، كما البلد ككل تقريباً، في الثلاجة.

وعندما أعدنا إخراج البلد من الثلاجة وانتخبنا فخامة الرئيس ميشال عون رئيسا، وشكلنا حكومة “استعادة الثقة” كان من أوائل قراراتي أن نسير مجددا بمشروع “السياحة الثقافية الدينية”.

طبعاً، اليوم بداية، وهناك عمل كثير  يجب أن يحصل مع كل الوزارات المعنية ومع كل المعنيين، لكن دعوني أحدثكم قليلا عن سبب تعلقي بهذا المشروع وتمسكي بإنجازه.

إن الزيارات الدينية، إذا فكرتم في الموضوع، هي عملياً من أول النشاطات السياحية التي عرفتها البشرية، بمعنى أن الانتقال من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر لزيارة مواقع معينة كان سببه الأول زيارة الأماكن الدينية، حتى ما قبل الأديان السماوية الموحدة.هذا النوع من السياحة تطور عبر العصور، وصار يشمل زيارة المحجات والمقامات وأماكن العبادة حتى بات اليوم نشاطا سياحيا قائما بحد ذاته.

وكنت دائما أفكر أن لبنان، المعروف بأنه أرض قداسة وأرض التقاء الأديان، يجب أن يعرف كيف يأخذ حصته من هذه السياحة في العالم، والتي تساهم في زيادة النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل للشباب خاصةً.

وبالفعل، لبنان فيه أكثر من 5 آلاف سنة من العلاقة بين الأرض والسماء. بلدنا فيه أنهار مقدسة وجبال مقدسة ووديان مقدسة. حتى مواقعنا الأثرية القديمة كانت كلها بالأساس معابد. بعلبك بدأت كمعبد وتطورت إلى معابد، وأفقا فيها معبد عشتروت، وصيدا فيها معبد أشمون، وبيت مري، وحرمون، وغيرها وغيرها.

واليوم، هذا الفريق النشيط، الذي أوجه له التحية بقيادة العزيزة رولا العجوز، وضع أمامنا خارطة لـ230 موقعا إسلاميا ومسيحيا في لبنان، ما هي إلا بداية لمئات المواقع الأخرى التي يجب أن تُضاف لتكتمل خارطة السياحة الثقافية الدينية في لبنان.

وهذه مناسبة لأشكر بإسمكم جميعاً الحكومة الإيطالية، ومكتب التعاون التابع لها والسفير ماسيمو ماروتي، وطبعاً وزارة السياحة اللبنانية والوزراء المتعاقبين وكل الوزارات، وكلّ واحد وواحدة آمنوا بهذا المشروع وعملوا ولا زالوا يعملون ليصبح حقيقة وإنجازا.

وأهمية هذا النوع من السياحة أنه يساهم في السياحة المستدامة وعلى مدار السنة. لأنه لا ينتظر لا الثلج ولا البحر ولا الفرص ولا الأعياد، بل يستقطب سياحا من كل العالم على مدار السنة.

والسبب الثاني لتعلقي بهذا المشروع، هو أكثر من اقتصادي، وقد تصحّ تسميته وطني وإنساني، لبناني وعابر للحدود. فالسائح العادي ينتقل أفقياً على مساحة الجغرافيا من موقع لموقع، من معلم لمعلم، من بلدة لمدينة. السائح الديني، يقوم بالأمر نفسه، ولكن أيضا هو يبحث عن رحلة عامودية، من الأرض نحو السماء، نحو الخالق، نحو القيم السامية. وهذا المشروع، يضع لبنان على خارطة السياحة الدينية في العالم، من دون شك.

ولكن أيضاً، هذا المشروع، يلفت نظر العالم، في وقت كل العالم يفكر ويعمل على إطلاق الحوار بين الأديان، أن لبنان تخطى الحوار بين الأديان، ولبنان مكان العيش الواحد بين الأديان، والتقاء الأديان، وأن كل الأديان اعترفت بهذا الدور وهذه الفضيلة، وتركت في لبنان آثارا ومقامات ومعابد.

وفي وقت الموضة في العالم وبعض المنطقة هي التركيز على الصراع المزعوم بين المسلمين والمسيحيين، والصدام الموهوم بين المسيحية والإسلام، هذا المشروع يقول بكل اختصار، للبنانيين وللعالم: لبنان هو الدليل على أنه ليس هناك من صراع ولا صدام، وأننا جميعا بشر ومؤمنون،  وأننا جميعا متمسكون بإنسانيتنا وبإرثنا وتراثنا وببلدنا، أرض للقداسة وللأخوة والإنسانية الواحدة.