كتب ناصر شرارة في صحيفة “الجمهورية”:
تجري «جبهة النصرة» محاولة جديدة لإنشاء إطار خاص بها داخل مخيم عين الحلوة.المحاولة التي بدأت منذ نحو أسبوعين، بحسب مصادر مطلعة، تأتي بعد قراءة «النصرة» خلاصات المعركة الاخيرة التي خاضتها فصائل فلسطينية في المخيم ضد مجموعة بلال بدر بقصد توقيفه واجتثاث ظاهرته الارهابية التي كانت تتمركز في حي الطيري وانتهت الى اضطرار هذه الفصائل لعقد تسوية غير معلنة معه، سمحت مفاعليها له بالخروج من هذا الحي، وذلك لمصلحة تظهير إخراج يفيد بأنه اصبح «فاراً» ليس فقط من وجه عدالة الدولة اللبنانية، بل ايضاً من وجه عدالة القوة الفلسطينية المشتركة المكلفة بتفويض من فصائل المخيم فرض الأمن فيه.
وتقول هذه المصادر إنّ بدر لا يتصرف بعد انتهاء معركة الطيري ودخول القوة الامنية الفلسطينية المشتركة اليها، بصفته فاراً ومطارداً. فهو انتقل من الطيري خلال النصف الاول من الشهر الماضي الى حي حطين، حيث يقيم الآن بمساعدة توفيق طه في منزل قدّمته له «كتائب عبد الله عزام».
ويبدو واضحاً من سياق المتابعات الامنية الحديثة، انّ مجموعات بدر لم يتم تفكيكها، وبدل ذلك فهي عاودت تموضعها في المخيم، خصوصاً في أحياء الصفصاف وحي عرب زبيد النبعة حيث معقل اسامة الشهابي امير تنظيم «الشباب المسلم»، وهو إطار كان قبل نحو عامين، وائتلفت فيه لفترة، كل مجموعات التكفيريين في المخيم من هيثم الشعبي الى بلال بدر الى نعيم عباس، وغيره.
وتشير المصادر نفسها الى انّ بدر، وكذلك شادي المولوي، لا يزالان بعد معركة الطيري كما قبلها، لديهما دور الذراع التنفيذية الاساسية لـ«جبهة النصرة» داخل مخيم عين الحلوة. وتقول: «فيما بدر يقيم في حي حطّين في ضيافة كتائب عبد الله عزام المحسوبة على «النصرة»، فإنّ شادي المولوي يقيم بصحبة قيادي جهادي من الجنسية السعودية في محيط مسجد النور في ضيافة قيادي جهادي من «النصرة» يدعى «أبو ريا»، في حين انّ فضل شاكر يسكن في المحيط نفسه في حماية الارهابي رامي ورد».
ويعتبر بدر والمولوي، وإليهما في مستوى أقل فضل شاكر، من أبرز الارهابيين الواردة اسماؤهم في لائحة المطلوبين الخمسين داخل المخيم للدولة اللبنانية. وما يحدث في شأنهم هو انه تجري الآن إعادة حمايتهم عبر تحديث تموضعهم ومجموعاتهم داخل المخيم، وايضاً عبر اعادة صوغ خطط جديدة لتحركهم في مرحلة ما بعد معركة الطيري وما تركته من نتائج على غير مستوى، سواء العسكري منها او السياسي او العلاقات البينية الفلسطينية داخل عين الحلوة.
وتفيد المعلومات المتصلة بهذا الجانب، انّ اخطر ما يشهده المخيم الآن هو انّ قيادة «جبهة النصرة» في سوريا، وممولين خارجيين لمجموعة بلال بدر، بدأوا محاولة لتأسيس حضور مستقل لها فيه، مستفيدين في اتخاذ قرارهم هذا، من استنتاجات توافرت لهم جرّاء قراءتهم لمعركة الطيري، وخصوصاً لجهة ما أظهرته من عجز فصائل المخيم غير الاسلامية عن الحسم ضد مجموعة بدر، اضافة الى ما أظهرته من عدم رغبة حركة فتح – رام الله التورّط في حسم المعركة ضد الارهاب في المخيم، او أقله عدم قدرتها على ذلك، فيما لو كانت تريد هذا الامر فعلاً.
وتالياً ما أظهرته هذه المعركة من انّ الفصائل الاسلامية في المخيم، والتي دخلت نادي القوة الامنية الفلسطينية المشتركة، ساعدت بدر سراً في تحاشي هزيمته على نحو ساحق في المعركة الاخيرة.
وعليه، فإنّ الاستنتاج الاساس الذي توصّلت اليه «النصرة» هو انه يمكنها إنشاء فصيل خاص بها في المخيم، وتوفير الحماية له من خلال جعله جزءاً من إطار ائتلافي يتمّ إنشاؤه، وتنضوي في اطاره كل المجموعات التكفيرية، ويكون له مجلس شورى ينطق باسمه، مع اقتراح إنشاء مجلس شورى جديد، او الاستعانة بذاك الذي شكّله أسامة الشهابي.
ويبدو واضحاً بالاستناد الى تجربتها في شأن تكتيكاتها لابتلاع الساحات الاسلامية، أنّ «النصرة» تهدف من هذه الصيغة للعمل في عين الحلوة، الى تثبيت حضورها داخله على مرحلتين اثنتين: الاولى إيجاد حضور مستقل لها داخل بيئة ائتلافية من كل المجموعات التكفيرية، ومن ثم في المرحلة الثانية فرض نفسها قائدة له، والقوة الرقم واحد فيه.
وخلال الفترة الأخيرة التي تَلت عملية الطيري، تقدّم مشروع «النصرة» في عين الحلوة، بحسب المعلومات عينها، بضع خطوات نحو تنفيذه. وفي التفاصيل انه خلال بدايات هذا الشهر كلّف محمد الدوخي (خردق) وهو قيادي من النصرة موجود الآن في سوريا، أحد الارهابيين المقيمين في المخيم ويلقّب «ابو سيف» بتشكيل فصيل عسكري مستقلّ تابع لـ«النصرة» في عين الحلوة، ووعده بتقديم الدعم المالي المطلوب لهذا الغرض.
كذلك كلّف «ابو سيف» مفاتحة اسامة الشهابي بقبول ضمّ هذا الفصيل الجديد الذي تمّ انتقاء اسم له هو «أحرار الشام»، ضمن مجلس الشورى الخاص بالجماعات الاسلامية الذي تمّ تشكيله في المخيم، والذي يوجد للشهابي الدالّة الأكبر عليه.
وتقول المعلومات انّ الشهابي لا يزال حتى الآن يبدي تحفّظاً عن الاستجابة لفكرة «ابو سيف»، وانّ «عصبة الانصار» التي تؤمن حماية غير معلنة لمجموعات المخيم «الجهادية» ذات الصلة بالشهابي، هي التي تقف وراء تحفّظه، كونها تخشى من انّ دخول «جبهة النصرة» بنحو مستقل الى المخيم، بغضّ النظر عن صيغته وحجمه، سيفضي في النهاية الى استيلائها عليه.