Site icon IMLebanon

إخراج التمديد التقني يتقدّم القانون الجديد… لكن كيف؟

كتب نقولا ناصيف في صحيفة “الأخبار”:

في مثل هذا النهار من الشهر المقبل تكون انتهت ولاية برلمان انتخب عام 2009، ومدّد بنفسه لنفسه مرتين على التوالي عامي 2013 و2014 كي يصل ولاية اولى بثانية، وفكّر الشهر الفائت في تمديد ثالث، ولم يفقد الامل فيه بعد.

من الساعة صفر من 20 حزيران المقبل، بعد شهر واحد تماماً من الآن، يقتضي ان تكون البلاد امام واقع جديد: إما فراغ كامل لتعذر التوافق على قانون جديد للانتخاب ورفض اجراء الانتخابات عملاً بالقانون النافذ منذ عام 2008، او تمديد لبضعة اشهر يقود الى العودة مجدداً الى القانون النافذ.

لا تكمن الفضيحة في العودة الى هذا القانون، وهو قانوني ودستوري ما دام انبثق منه برلمان وأربع حكومات وانتخب في ظله رئيس الجمهورية، بل في إهدار أربعة أشهر بلا طائل من الانقسامات والخلافات أطاحت إجراء الاستحقاق في موعده الدستوري بذريعة رفض الأفرقاء جميعاً تقريباً خوض الانتخابات وفق أحكامه مع إطلاقهم أوسع حملة تشهير به، ثم المسارعة الى الركون إليه على أنه قارب نجاتهم من الفراغ. بانقضاء الاشهر الاربعة المنصرمة منذ شباط، الموعد الاول لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة، انقلبت معادلات المفاضلة رأساً على عقب: بعد مفاضلة اولى بين القانون النافذ وقانون جديد، ثم مفاضلة ثانية بين القانون النافذ والتمديد، ثم مفاضلة ثالثة بين التمديد والفراغ، انتهى الامر الآن بمفاضلة رابعة على احد خيارين: القانون النافذ او الفراغ.

ومع ان اجتماعات التشاور المعلنة والبعيدة عن الاضواء لا تتوقف عن تبادل الاقتراحات، الا ان التوافق على الاقتراع النسبي بدا غير كاف في ذاته للاتفاق على قانون جديد، في ظل تشعب افكار تقسيم الدوائر، يبدأ بست دوائر وفق ما يقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا ينتهي بخمس عشرة دائرة يقترحها ثنائي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.

وعلى غرار استنفاد الوقت الذي احتاج اليه اقتراح التأهيل كي يرفضه الافرقاء الرئيسيون ويحرمونه فرصة التوافق عليه، فان السجال الدائر حيال دوائر النسبية من شأنه استنزاف الايام المتبقية من العقد العادي الاول للبرلمان نهاية هذا الشهر قبل ان يسقط. في احسن الاحوال محاولة الاتفاق على حل وسط بغية انقاذ ما تبقى من ولاية المجلس، اكثر منه الاتفاق الجاد على قانون جديد. والواقع ان اجتماع عين التينة الاحد الفائت وارفضاضه على خلاف، عكس التباعد الذي يتعذّر معه التفاهم على تقسيم الدوائر، لا على نظام الاقتراع فحسب. اذ تولد فكرة من فكرة. طُرح في عين التينة اقتراح لم يُرضِ مضيف الاجتماع رئيس المجلس بشقيه: 15 دائرة انتخابية (بيروت اثنتان، وكل من الشمال والبقاع والجنوب ثلاث دوائر، جبل لبنان اربع دوائر)، ونقل مقعدين مارونيين (من طرابلس الى البترون ومن البقاع الغربي الى جبيل، اولهما لارضاء الوزير جبران باسيل بغية تعزيز حظوظه في الدائرة التي خيبته اكثر من مرة، وثانيهما لارضاء القوات اللبنانية كي تشغل مقعداً متعذراً لها في جبيل).

لم يكن إخفاق اجتماع عين التينة الوحيد او الاخير، بيد انه أبرزَ وطأة تناقض مقاربة كل من الافرقاء المعنيين القانون الجديد، من دون ان يسع اي احد ان يجهر بتحبيذه العودة الى قانون 2008.

على نحو كهذا، يقيم وزر المشكلة الآن في جانب آخر، هو سبل اخراج التمديد التقني، ثلاثة اشهر على الارجح، قبل الوصول الى نهاية الولاية في معزل عن الذهاب الى القانون النافذ او الاتفاق على القانون الجديد. بذلك يكون على عاتق مجلس النواب إخراج التمديد التقني في الايام المتبقية من العقد العادي الاول، وتحديداً في الجلسة المقررة في 29 ايار، او انتظار مرسوم العقد الاستثنائي الذي يصدره رئيس الجمهورية ميشال عون. تبعاً لذلك يُنظر الى هدف العقد الاستثنائي، لاقل من ثلاثة اسابيع، على نحو ما عناه استخدام الرئيس المادة 59 من الدستور، وهو إمهال المشاورات والمساعي مزيداً من الوقت للتوافق على قانون جديد للانتخاب. نجحت المادة 59 في القفز فوق تمديد طويل الامد وتعطيله نهائياً، لكن دونما الافادة من مهلة الشهر ما بين 13 نيسان و13 أيار لإنجاز مسودة قانون الانتخاب. وقد لا يكون مرسوم العقد الاستثنائي أفضل حظوظاً من المادة 59، في ظل استمرار الخلافات نفسها بين الافرقاء الرئيسيين اياهم. الامر الذي يطرح علامة استفهام حيال طريقة الوصول الى تمديد تقني لاشهر ثلاثة، دونما المرور بقانون جديد للانتخاب؟

الواضح ان المشكلة المقبلة، في ظل انقسام المواقف والمسودات ما لم تحصل اعجوبة، تكمن في ان الافرقاء بدأوا يتعاملون مع الحاجة الى التمديد التقني على انه هدف في ذاته ــ ووحيد حتى الآن على الاقل ــ لتفادي الفراغ. في حين تحدثوا عنه في الاشهر المنصرمة على انه جزء لا يتجزأ من القانون الجديد، ولا يعدو كونه جسر عبور الى إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الجديد بعد تعديل المهل.

كل ذلك في ظل إصرار الجميع ــ وآخرهم رئيس الجمهورية البارحة ــ على ان لا فراغ واقعاً في السلطة الاشتراعية منتصف ليل 19 حزيران. بيد ان احداً لا يقول كيف.