كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:
أكّد مصدر سياسي مُطلع على جزء مُهمّ من الإتصالات القائمة على خط ملفّ قانون الإنتخابات النيابيّة، أنّه إضافة إلى التعثّر المُستمرّ بالنسبة إلى القانون الإنتخابي، برز خلاف جديد بين رأي يدعو إلى عدم إستخدام ورقة التمديد للمجلس النيابي في جلسة 29 أيّار الحالي، واللجوء إلى خيار بديل يتمثّل في أن يطلب كل من رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري فتح دورة إستثنائيّة للمجلس، كسبًا للمزيد من الوقت حتى نهاية الولاية المُمدّدة إلى 20 حزيران المقبل، ورأي آخر يُطالب بالتمديد للمجلس لبضعة أشهر، طالما أنّه قد جرى تجاوز المُهل القانونيّة والتمديد سيحصل لا محالة، حتى لو جرى التوافق اليوم قبل الغد على قانون إنتخابي جديد.
ولفت المصدر نفسه إلى أنّ المُشاركين في جولات التفاوض مُقتنعون بأنّ إنقضاء ولاية المجلس الحالي من دون التوافق على قانون جديد، سيضع البلاد أمام خيارين، الأوّل رضوخ الجميع لحتميّة إجراء الإنتخابات وفق القانون النافذ حاليًا، حتى لو مثّل هذا الأمر تراجعًا عن وعود وتعهّدات برّاقة سابقة، والثاني قيام أحد الأطراف السياسيّة الأساسيّة بتنازلات مُهمّة عن مطالبها وشروطها السابقة، بهدف إزالة العقبات أمام القانون الذي يعتمد صيغة النسبيّة الكاملة. وأضاف أنّه يتردّد في أروقة غرف التفاوض أنّ الجهة المُرشّحة أكثر من سواها لتقديم تنازلات مُهمّة في حال كانت راغبة بتحريك قانون النسبيّة الكاملة قُدمًا، هي «التيار الوطني الحُر»، لجهة التراجع عن مطلب نقل بعض المقاعد النيابيّة المسيحيّة وعن مطلب «الصوت التفضيلي» وفق القيد الطائفي، في مُقابل مُوافقة الجهات الأخرى على توسيع جغرافيا الدوائر وبالتالي رفع عددها إلى ما بين 12 إلى 15 دائرة. وشدّد المصدر على أنّ إستمرار حديث مسؤولي «التيار الوطني» عن «القانون التأهيلي» يدخل في سياق مُواصلة رفع سقف شروط التفاوض لا أكثر، وذلك إلى أن يحين موعد تقديم التنازلات وُصولاً إلى التسوية المنشودة.
وشدّد المصدر السياسي المُطلع على أنّ أكثر من جهة سياسيّة صارت على قناعة أنّه ما لم يُقدم «التيار الوطني الحُر» قبل سواه على التراجع عن سقف مطالبه الذي يصفُه البعض بالمُرتفع، فإنّ «قانون الستّين» الذي جرى تعديله في «مؤتمر الدوحة» سيعود إلى التداول، وسيُعتمد في الدورة المُقبلة من الإنتخابات في نهاية الصيف أو بداية الخريف المقبل على أبعد تقدير، وذلك بصفته القانون النافذ حُكمًا، والذي لا يسقط إلا بقانون جديد يحلّ مكانه، وليس عبر نعيه بتصاريح إعلامية من هنا أو هناك. وأضاف أنّ حُجّة المُتمسّكين بهذا المنطق تستند إلى تفسير المادة 25 التي جاء فيها: «إذا حلّ مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحلّ على دعوة لإجراء إنتخابات جديدة، وهذه الإنتخابات تجري وفقًا للمادة 24 وتنتهي في مدّة لا تتجاوز الثلاثة أشهر». وبالتالي، وبحسب رأي المُتمسّكين بقانون الستّين كأمر واقع، فإنّ إنتهاء ولاية المجلس وحلول الفراغ على المُستوى التشريعي، مُشابه تمامًا من حيث النتائج والمُعطيات لمسألة حل المجلس، ما يستوجب بالتالي إجراء إنتخابات جديدة في غضون ثلاثة أشهر، أي قبل 20 أيلول، ووفق المادة 24 التي جاء في مقدّمها: «يتألف مجلس النوّاب من نوّاب مُنتخبين يكون عددهم وكيفيّة إنتخابهم وفقًا لقوانين الإنتخاب المرعيّة الإجراء… «أي عمليا وفق القانون النافذ».
وتابع المصدر السياسي نفسه أنّه إنطلاقًا من هذا المنطق فإنّ الكثير من الماكينات الحزبيّة قد باشرت تحضيراتها اللوجستيّة للإنتخابات النيابية وفق «قانون الستّين»، بحيث بدأت تحضير لوائح ناخبيها وداعميها ودراسة تحالفاتها، إنطلاقًا من تقسيمات ودوائر ومعايير القانون الذي جرت على أساسه إنتخابات العام 2009 الأخيرة، وإنطلاقًا من النتائج التي تحقّقت في حينه.
وختم المصدر السياسي نفسه كلامه بالإشارة إلى أنّ العيون شاخصة حاليًا على موقف «التيار الوطني الحُر» حيث تتوقّع أكثر من جهة سياسيّة تراجع «التيار» عن جزء من مطالبه في نهاية المطاف، لإنقاذ العهد، ولعدم تخييب آمال اللبنانيّين الذين يُعوّلون على قانون إنتخابي جديد. لكن في مُقابل هذا الرأي، يُوجد من يؤكّد من داخل «التيّار» أنّ الجميع سيُفاجأ بأنّ عدم التوصّل إلى قانون إنتخابي جديد، لا يعني إجراء الإنتخابات وفق قانون الستّين كأمر واقع، بل يعني فراغًا تشريعيًا إلى حين التوصّل إلى قانون جديد، في تكرار للسيناريو الذي حصل في ملف رئاسة الجمهوريّة عندما بقي «التيّار» مُصرًّا على الفراغ على مدى سنتين ونصف السنة تقريبًا، وذلك إلى حين موافقة الأغلبيّة على إنتخاب العماد عون، وهذا تمامًا ما سيحصل في ملف الإنتخابات النيابيّة، بحسب رأي نافذين داخل «التيار الوطني الحُر».