Site icon IMLebanon

العودة الى المربع الأول: الستين أو النسبية بست دوائر

 

 

كتبت هيام القصيفي في صحيفة “الأخبار”:

تتحدث معلومات مطّلعين على نقاشات قانون الانتخاب في الايام الاخيرة، عن أن ختام أشهر من المفاوضات لن يكون مسكاً، لأن الحوار توقف عند حدّين لا ثالث لهما، وهما قانون الستين والنسبية في ست دوائر، والأخير هو المطلب الذي كان حزب الله قد عرضه في اللقاء الذي جمع وفداً منه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في نيسان الماضي.

في النقطة الاولى تشير المعلومات الى أن تقدم الستين على بساط البحث لا يشكل مفاجأة لأي طرف، ما دام هو الذي بنيت على أساسه الصفقة بين عون والرئيس سعد الحريري، ليس في خريف العام الماضي حين نضجت طبخة الانتخابات الرئاسية، بل في أول حوار بينهما بين باريس وبيت الوسط، وقبل أن يتراجع الحريري ويعقد صفقة مع رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. وبقاء الستين هو الورقة الاساسية التي لا تزال قائمة، بدليل أمرين: أولاً أن السعودية التي وافقت على صفقة وصول عون الى بعبدا، وجهت الى من يعينهم الامر اكثر من مرة رسالة واضحة بأنها لا تزال تنتظر تنفيذ الشق المتعلق بقانون الانتخاب وتأمين وصول الحريري وحلفائها في لبنان الى المجلس النيابي في شكل مريح ومريح جداً. وتبعاً لذلك، فالحريري الذي سعى في الاشهر الماضية الى التلطي خلف مشاريع قدمها التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية، كان يهدف الى تخفيف الاحتقان بينه وبين الرئيس نبيه بري وحزب الله، فيترك للتيار رفض أي مشروع قانون، عالماً بأن عناوين الصفقة لا تزال هي نفسها منذ سنوات، وأن الستين عائد بقوة. ثانياً أن عون نفسه تحدث صراحة أمام أكثر من زائر عن فوائد قانون الستين وإمكان إجراء الانتخابات على أساسه، مبدلاً بذلك لهجته الرافضة له، تماماً كما غيّر موقفه من النسبية، وسيغيّر موقفه من واقع التمديد للمجلس النيابي.

ولا تزال مشكلة الستين فقط في طريقة الخروج من مأزق رفضه علانية، علماً بأن من في السلطة لا يتورع عن تبديل المعادلات، لأن روما من فوق غير روما من تحت. وهذا الخروج سيكون عبر المفاضلة بين الستين أو الوصول الى الفراغ في لحظة إقليمية حساسة ناتجة من الحركة الاميركية والعربية والتهديدات الاسرائيلية؛

فالمعلومات تشير الى أنه بعد فشل كل الصيغ التي طرحت أخيراً من جانب الرئيس نبيه بري والتيار الوطني الحر، فإن بحث النسبية يعود ليتركز على اقتراح حزب الله على عون، أي النسبية، بلوائح مفتوحة، وفق 6 دوائر، ليصبح الخيار بعد رفض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية كل أنواع النسبية التي طرحت محصوراً بهذا الشكل فحسب، علماً بأن النقاش بين التيار والقوات استفاق في الاسابيع الاخيرة على «مساوئ» النسبية، وعزّزه كلام رئيس الجمهورية الرافض للنسبية، لجهة ما يمكن أن تحققه عددياً في ظل الشعار الذي رفعه القادة المسيحيون باستعادة حقوق المسيحيين، بعدما اقتنع هؤلاء بأن «الارقام التي أعطيت لهم وكانوا يعوّلون عليها، منذ سنوات، كانت خاطئة». من هنا كثرت الاقتراحات المتعلقة بوضع شروط على أي مشروع وفق النسبي، في محاولة للحصول على ضمانات تؤمن عدد المقاعد المسيحية التي يأمل بها هؤلاء. وتشير المعلومات أيضاً الى أن النسبية التي طالب بها حزب الله هي الأكثر تقدماً، رغم أنه لا عدالة في تركيبة الدوائر، لأنها مبنية على تقسيم محافظة جبل لبنان دائرتين، مراعاة للنائب وليد جنبلاط، في حين ان الشمال، وهو في الاصل محافظتان، اعتبر دائرة واحدة، كما هي حال البقاع المؤلف من محافظتين، لكنه اعتبر أيضاً دائرة واحدة، أي إنه لا نسبية إلا وفق هذا الخط، وعدا ذلك دوران في حلقة مفرغة، في مقابل رفض التيار والقوات لهذا الشكل من النسبية في دوائر كبيرة.

وبسبب احتمال العودة الى واحد من هذين المشروعين لإجراء الانتخابات، يمكن فهم سر الخلاف بين التيار والقوات؛ فالنسبية تضع القوات والتيار حكماً في لائحتين متقابلتين، والطرفان اليوم يشعران بأن ورقة إعلان النيات بينهما لن تكون ذات فائدة عليهما، خصوصاً التيار الوطني. فالأخير يرى نفسه متفلتاً من قيود التحالف الجديد انتخابياً، لسبب أساسي أنه في السلطة وحلفه قائم من جهة مع حزب الله ومن جهة أخرى مع الرئيس سعد الحريري، وأنه بطبيعة الحال لا يحتاج الى أصوات القواتيين، مستنداً الى استطلاعات تفيد بتقدمه في كثير من الدوائر، وبأنه سيشكل وحده لوائحه إذا اعتمدت النسبية. والأمر ذاته ينسحب على قانون الستين، بالنسبة الى التيار في إدارته لاختيار المرشحين والتحالفات التي يريد فرضها على القوات، من دون أي مقابل.

ولأن القوات ترى نفسها في مأزق انتخابي ووضع غير مريح، تكثر حركتها الانتخابية في اتجاه بري والنائب وليد جنبلاط، علماً بأن مشكلتها حالياً في النسبية والستين تحمل إشارات مقلقة أكثر؛ فالقوات أمام تحدي مضاعفة عدد نوابها في المجلس، لأن ما غطّته ورقة إعلان النيات، فأوصلت 3 وزراء الى الحكومة مع منصب نائب رئيس الحكومة (في غياب حزب الكتائب)، قد لا يتكرر في أي حكومة ثانية، إذا لم تحقق تقدماً أساسياً في عدد مقاعدها النيابية، علماً بأن تجربة القوات في الحكومة الحالية تحتاج الى مراجعة جدية لتقييمها. ومشكلتها أيضاً أنها مضطرة الى تطعيم لوائحها بشخصيات مستقلة أو من 14 آذار أو تدور في فلكها، إذا ما أرادت خوض الانتخابات بلوائح شاملة في وجه التيار الوطني. وهذه الشخصيات قادرة على فرض شروطها، في ظل غياب المرشحين القواتيين الذين تعوّل عليهم القوات، وكذلك غياب الشخصيات القواتية (أمثال النائب أنطوان زهرا) التي يمكن أن تشكل رافعة حقيقية للقوات، وهو أمر قد لا يكون مهمة سهلة أمامها.