ينعقد مجلس الوزراء قبل ظهر غد في بعبدا، لبحث رزمة ملفات، يختلط فيها الاقليمي – الدولي، بالمحلي الانتخابي والسياسي، وحتى الإداري، على خلفية معادلة الوقوف على حافة الفراغ، والخشية من مخاطر اللعب بالنار، على أبواب فصل الصيف، الذي يتطلع إليه اللبنانيون بتفاؤل، علّه يكسر حدّة الجمود التي تضرب لبنان في استثماراته، واقتصاده وتعافيه على الرغم من نحو من ثمانية أشهر من ملء الفراغ الرئاسي.
وقد كشف مصدر مطلع لصحيفة “اللواء” انّ ملف التعيينات الإدارية في عدد من المراكز وضع على الطاولة تحسباً من الفراغ النيابي، وانعكاساته على ملء الشواغر في بعض الإدارات، إذا ما شلّ عمل الحكومة أيضاً، بإنتظار اجراء الانتخابات النيابية في أيلول.
وتسبق الجلسة كلمة للرئيس سعد الحريري يرجّح انها كانت ستلقى باسم لبنان في مؤتمر القمة الإسلامية – العربية – الأميركية، لكن ذلك، لم يحدث لضيق الوقت، في حفل تخريج نجله حسام في الشهادة الثانوية في الرياض، علّها تساهم في تنقية الأجواء، التي اكفهرت، بعد تغريدات وزير الخارجية جبران باسيل، الذي أعلن تمسك لبنان بخطاب القسم والبيان الوزاري.
ولم تستبعد مصادر وزارية ان يكون لموقف باسيل تداعيات في مجلس الوزراء، حيث ستتطرق الجلسة إلى نتائج قمّة الرياض ومضمون ما أعلن عنها مع العلم ان المصادر الوزارية نفسها كما قالت لـ”اللواء” لا ترى في البيان الصادر عن القمة أي إساءة للبنان وثوابته، لا سيما وأن الإعلان لم يذكر لا لبنان ولا حزب الله في أي فقرة من فقراته..
وأشارت المصادر إلى ان المجلس سيستمع إلى ما يقوله الرئيس الحريري، خصوصاً وأن كلمته التي ألغيت في القمة ككثير من رؤساء الوفود بسبب ضيق الوقت، كانت ترتكز بشكل واضح على مضمون خطاب القسم، وكانت منسقة مع الرئيس عون.
من جهتها اكدت مصادر نيابية لـ “اللواء” ان مواقف باسيل من قمة الرياض ستناقش بالتأكيد اليوم في اجتماع كتلة المستقبل، من زاوية ان “اعلان الرياض” لم يتناول لبنان حتى يتم اطلاق النار عليه قبل ان يجف حبره.
ورأت هذه المصادر انّ لبنان لا يمكنه ان ينأى بنفسه عن التضامن العربي والوقوف صفاً واحداً ضد التدخلات الايرانية والتي تؤجج الصراعات الطائفية والمذهبية في البلدان العربية، مشيرة الى ان من يزج فعليا لبنان في اتون الصراعات هو الذي يتخذ مواقف ضد المملكة من شأنها ان تضر بلبنان.
اما مصادر تكتل الاصلاح والتغيير فقد رفضت التعليق على موقف باسيل، مشيرة الى ان اعضاء التكتل لم يطلعوا بعد من رئيس ” التيار الوطني الحر” (اي الوزير باسيل) على تفاصيل نتائج القمة بانتظار اجتماع التكتل اليوم.
لكن المصادر نفسها لاحظت ان موقف باسيل قصد طمأنة “حزب الله” وقطع الطريق امام اي تصلب قد يبديه في المرحلة المقبلة، في قانون الانتخاب. الا انّ مصادر نيابية مطلعة على موقف حزب الله رأت في تقييمها لاحتمالات الموقف بعدما صدر عن قمة الرياض تجاه ايران وحزب الله من الخطأ الكبير ان يراهن اي فريق داخلي على متغيرات خارجية، يعتبر انّها ستؤثر على موازين القوى الداخلية ويرفع سقفه السياسي ومطالبه، هذا جنون حقيقي وجنون قاتل جربناه سابقاً. فقانون الانتخاب محكوم بميزان القوى الداخلية ولا يستطيع احد تجاوزها مهما تكن التطورات الاقليمية والدولية.
وختمت المصادر انّ الجميع ينتظر عودة الرئيس الحريري من الرياض، لمعرفة التوجهات المقبلة وهل سيتم استئناف التفاوض حول قانون الانتخابات ام لا!
ورداً على حملة 8 اذار على قمة الرياض، قالت مصادر سياسية: هل هناك عاقل يمكن ان يتوقع صدور بيان عن قمة اسلامية – أميركية، عقدت في الرياض، ولا يتناول التدخل الايراني في شؤون البلدان العربية والإسلامية ؟ واضافت: البيان الذي صدر عن القمة يقع في خانة تحصيل الحاصل، وفِي خانة التأكيد على وجود مشكلة كبيرة جداً بين النظام الايراني والأكثرية الساحقة من البلدان الاسلامية.
ان تمسك لبنان بسياسة النأي بالنفس، وتجنيب البلاد تداعيات الحروب المحيطة، لا يلغي التزام لبنان بموجبات التضامن العربي، وبأن لبنان هو جزء لا يتحزأ من العالمين العربي والإسلامي الذي اجتمع في الرياض، وأطلق رؤية تاريخية تلتقي مع رسالة لبنان في التسامح والتعايش المشترك ونبذ التطرّف.
وأكدت انّ مشاركة لبنان في المؤتمر، لا يمكن ان تكون محل جدل او تشكيك، بل هي مشاركة واجبة وحتمية وضرورية، في ظل تحولات لا بد من ان تُقرأ بدقة، وبحس المسؤولية الوطنية المعنية بحماية لبنان، وعدم الخروج عن قواعد التضامن العربي.
وأضافت: ان ما يزج لبنان في آتون التجاذبات الخارجية، وفِي الخروج عن موجبات النأي بالنفس، هي الجهات التي تصر على اعتبار نفسها في منأى عن التزام الاجماع الوطني، وتعطي نفسها حقوقاً تفوق حقوق الدولة بالمشاركة في الحروب الخارجية، وخدمة اجندات إقليمية، على صورة ما يجري في سوريا والعراق واليمن والبحرين وغيرها.
وقالت: انّ مسلسل الشتائم المتواصل، قبل القمة وبعدها، والذي ينصب يومياً ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، هو سبب إضافي وموجب لما صدر من القمة تجاه ايران وسياساتها، ويقع في سياق ادلة الاتهام السياسية التي تعطي الدول العربية والإسلامية حق الرد على النهج الايراني المتبع في تغذية النزاعات المذهبية، وتأجيج الصراعات الاهلية في بلدان المنطقة.