IMLebanon

عن فترة السماح السياسي للعهد

كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

 كل القوى السياسية اللبنانية تراعي بعضها، ولا تريد الاشتباك او القطيعة على خلفية مجاراة الوضع الجديد الذي قام في البلاد منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية نهاية نوفمبر 2016. بالمقابل، يؤخذ على الفريق المقرب من رئيس الجمهورية انه حشر بعض الحلفاء، واستفز بعض الأصدقاء، وهمش بعض القوى الحزبية الأخرى، وتصرف على أساس انه منتصر منذ ما يقارب 6 اشهر.

القوى السياسية الوازنة في لبنان لا تريد الخصام السياسي مع العهد، ولكنها لم تحتضنه في آن واحد.

وصورة العلاقات بين المؤسسات الدستورية ليست على ما يرام، كما ان حالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «القوي» تبدو انها تحتاج لعوامل قوة فعلية، كانت على الدوام مصدرا لإعلاء شأن الرئيس بين الأوساط الشعبية والديبلوماسية وفي الخارج. فالزيارات الأسبوعية لرئيس مجلس النواب غير موجود مثلها الى قصر بعبدا.

ولقاءات الرئيس تكاد تقتصر على استقبال بعض الموظفين، والهيئات المحلية والبلدية، ووفود تذهب برفقة بعض الطامحين للوجاهة ولالتقاط الصور، بينما الشخصيات الوازنة في البلاد، لا تتردد الى القصر، ربما لأنها تشعر بأن مفاوضة الرئيس لا تجري في بعبدا، بل في مكان ما خارجه، او من خلال اللقاء مع مقربين لهم مونة كبيرة على الرئاسة. ورغم ان هذه الشخصيات التي لا تزور القصر، الا انها لا تكن عداء للرئيس، ولا تريد ربط نزاع معه منذ الآن.

وفترة السماح السياسي للعهد طالت، وربما تطول اكثر فأكثر. والمراعاة السياسية للنهج القائم واسعة، وما يثار في بعض وسائل الإعلام، او من قبل بعض الشخصيات المتابعة حول الأخطاء، او ما يطلق عليها في لبنان «الصفقات» يعتبر عاديا، وفي حدوده الدنيا، ولو كانت هناك نوايا اشتباكية، لقامت القيامة في مواجهة بعض هذه الأخطاء، مثل ملف الكهرباء، حيث اصحاب اقتراحات المعالجة بواسطة تلزيم البواخر بمناقصات محصورة اليوم، كانوا قيمين على القطاع منذ اكثر من 15 عاما ولم يحركوا ساكنا.

يساهم في مرحلة «السماح السياسي» معظم القوى الفاعلة، بما في ذلك ما يطلق عليه «الحراك المدني» الذي اختفى بعضه فجأة. فالرئيس نبية بري لا يريد الاشتباك مع العهد، وحزب الله لا يبدو انه مسرور بممارسات المقربين من بعبدا. وقد اعلن ان ثقته محصورة بالرئيس دون غيره.

ونادي رؤساء الحكومات السابقين على اختلافهم ـ إضافة الى بعض الشخصيات المقربين من تيار المستقبل – عبروا عن امتعاضهم مما يجري، واعترضوا علنا على التساهل الدستوري والإجرائي الذي يقدمه الرئيس سعد الحريري للعهد. اما القوى والأحزاب التي تتبنى طروحات سياسية غير تقليدية – ومنهم الحزب التقدمي الاشتراكي ـ فيشعرون بأن المطلوب منهم إلغاء ذاتهم، من خلال طلب موافقتهم على مشاريع لقانون الانتخاب، تتضمن اعتماد المذهبية والطائفية في التأهيل، او في انتخاب نوابهم، وهذا يتعارض مع اللوائح الداخلية لأحزابهم.

وتتعرض بعض القوى السياسية ـ لاسيما المسيحية ـ لمحاولة إلغاء او تحجيم من خلال الاستقواء عليهم من قبل المقربين من العهد، او من خلال تهديدهم بتسونامي الثنائية المسيحية.

وهذه القوى التي تعتبر تاريخيا مؤيدة لرئاسة الجمهورية ومدافعة عن الموقع وخصوصا حزب الكتائب، لا تزور القصر الرئاسي، ولا تشعر بأن الرئاسة تحتضن الجميع، كما هو مفترض، او كما أعلن عن لسان الرئيس بعيد تسلمه مقاليد الحكم، انه «بي الكل».

هل تنطوي فترة السماح السياسي للعهد مع اقتراب الاستحقاقات الدستورية الداهمة فيما يتعلق بانتهاء ولاية مجلس النواب في 20/6/2017؟ ام ان هذه الاستحقاقات ستكون محطة لإطلاق عربة التعاون السياسي في البلاد مدفوعة من الجميع باتجاه واحد، وليست بحصانين، واحد يشدها الى الأمام وواحد يشدها الى الخلف، كما كان يشبه البطريرك صفير الوضع قبل الانسحاب العسكري السوري عام 2005؟