Site icon IMLebanon

ترامب يحصد تظاهرة ضد الإرهاب والحل السوري لجنيف

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

شمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحركه الخارجي الأول، بزيارات استهلها بالخليج ثم إسرائيل، وفلسطين والفاتيكان ثم مع «الناتو»، ولقاء قمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في بروكسيل.

عادة الرئيس الأميركي يجمع زيارته لا سيما في بداية توليه لمنصبه، في إطار السعي لوضع سياسته الجديدة والاطلاع عن كثب على ملفات المنطقة. وإبرز ما نتج إقامة تظاهرة دولية لمكافحة الإرهاب بانضمام «الناتو» إلى التحالف العربي – الإسلامي – الأميركي ضد الإرهاب والذي كان قد تقرر في قمم الرياض، على المستوى الأميركي – الفرنسي، وحيث القمة الأميركية – الفرنسية انعقدت فإن مصادر ديبلوماسية تقول إن كلا الرئيسين دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون من مدرسة مختلفة عن الثانية. ماكرون من أصول يسارية ليبرالية، وترامب نيوليبرالي أي أقصى اليمين المتطرف. ترامب بدأ في توضيح سياسته، لكن ماكرون لم تتضح بعد سياسته بالتفاصيل، ولا خياراته أيضاً ولا ممارسته، ولا يملك باعاً طويلاً في العمل السياسي. وهو الآن محكوم بالانتخابات النيابية بالقدر الذي يتمكن فيه من بناء قاعدة تستطيع دعم عهده. أما الرأي العام الفرنسي فليس متعاطفاً كثيراً مع ترامب لأن الأخير كان قريباً من مرشحة اليمين مارين لوبن، لا سيما وأن خيار ماكرون أوروبي.

لكن ماكرون سيسعى لبناء علاقة متوازنة ومعتدلة مع ترامب، بحيث يتواصل معه عندما يحتاج الأمر ذلك، وفي الوقت نفسه لا ترتب عليه العلاقة مسؤوليات كبيرة والتزامات لا يمكن التخلص منها. إذاً، لا يريد ماكرون أن يكون رهينة للأميركيين. والولايات المتحدة تقيم وزناً واعتباراً للأوروبيين متحدين، وليس كدول «بالمفرق». حتى أن الاتحاد الأوروبي حالياً ليس في موقع يؤهله أن يكون شريكاً أو منافساً. كذلك ترامب ليس خبيراً في السياسة الخارجية.

وتتوقع المصادر، أن تكون هناك مسافة واختلاف في المقاربات بين واشنطن وأوروبا، في عدد من المواضيع لا سيما على مستوى السياسة الخارجية. لكن على العموم الروابط قوية بين الطرفين، ولطالما كان هناك تنسيق حيال كافة قضايا المنطقة. والتنسيق والتعاون سيستمران لأن المواقف لن تكون بعيدة عن بعضها مع الإشارة إلى أنه لا يتوقع، تغييراً في السياسة الخارحية الفرنسية، وكانت هناك «طحشة» فرنسية أكثر حيال إيران وضرورة احتوائها، و«طحشة» حول وجوب إيجاد حل سريع في سوريا، لا يكون الرئيس بشار الأسد جزءاً منه. الفرنسيون انزعجوا جداً من عودة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في ٢٠١٣، عن خطة ضرب النظام. أما عندما ضرب ترامب النظام على خلفية استعماله الكيماوي فقد دعمت فرنسا هذا التوجه.

الأميركيون لم يعدوا خطة بعد في مجال الحل السياسي في سوريا، وفقاً للمصادر. إذاً، إنهم يعطون الأولوية لمكافحة الإرهاب واستعادة الرقة، على أن ينظروا في بقية المسائل لاحقاً. واضح أن تعاوناً كبيراً يجري مع الأردن، وهو ما يهم إسرائيل، بحيث لا يكون لحزب الله مثيلاً على حدودها هناك. فضلاً عن أنه يتم تدريب المعارضة السورية. لكن لا يوجد حل يتم الدفع في اتجاهه.

في الشأن السوري، مواقف ترامب متطابقة مع مواقف ماكرون الذي عين وزيراً للخارجية، من كان يحمل حقيبة الدفاع. كما تبقى الأولوية الفرنسية لمكافحة الإرهاب. وعلى هذا الأساس أيضاً، ونظراً للأولوية الأميركية لمكافحة الإرهاب، عقدت القمم الثلاث في الرياض، والهدف أيضاً، احتواء إيران والحد من نفوذها، وإعطاء فرصة جديدة لتوطيد العلاقة الأميركية مع الحلفاء التقليديين. وإذا كانت واشنطن لم تُعد خطة للحل في سوريا، إلا أنها عملت على فتح صفحة جديدة في منع استخدام الكيماوي، وفي اعتبار الأسد ليس جزءاً من الحل السياسي ومستقبل سوريا.

الخلاف الأميركي مع روسيا حول الأسد لا يزال قائماً ولا تقدم في الزيارات المتبادلة الأخيرة حول هذه النقطة. فقط هناك اتفاق حول مكافحة الإرهاب، مع أن الروس يفهمون مكافحة الإرهاب دعماً للنظام.

وبالتالي، باتت الأزمة السورية متروكة لمسار جنيف، بحسب المصادر، حيث يتفاوض حوله الأميركيون والروس.

والقمم الثلاث، تشكل رسالة من أجل تقوية الموقف الخليجي في وجه إيران إذ إن حالة الاستقطاب لا تزال قائمة على الرغم من بعض التقارب الإيراني حيال دول خليجية. لذلك لن تترك الولايات المتحدة حلفاءها وحيدين. والأمر متصل بلعبة شد الحبال القائم بين الطرفين.

وزراء خارجية أوروبيون لا يزالون يقولون إنهم لم يفهموا شيئاً بعد عن سياسة ترامب، ويحاولون استطلاع مواقف الدول المعنية بالملفات في المنطقة لمعرفة إذا ما اتضح شيء حول ذلك لديها.