أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه لا يمكن تأجيل الدورة الاستثنائية للبرلمان، وأنه بعد اجتماعه مع نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان وافق على تقسيم الدوائر الى 15 وهو كان غير موافق أصلا.
بري، وفي مؤتمر صحافي، علق على مسألة تعيينه جلسة في 5 حزيران، فقال: “لا يحق لرئيس مجلس النواب ان يفتتح دورة استثنائية”.
ولفت إلى أن المجلس النيابي حاول ويحاول ولن يتوقف عن العمل للاتفاق على قانون انتخاب ولا احد يمكنه الضغط على المجلس الا الشعب.
وتابع: “ما فهمته من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ان مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس هو على الطريق، وانعقاد مجلس النواب حق دستوري، ولا يمكن تقصير مدته الا بنص دستوري، والجميع يعرف مدى التعاون الذي احرص عليه للابتعاد عن الستين والفراغ”.
وأوضح بري أن نقل المقاعد النيابية أمر مرفوض أصلا وشكلا وأساسا، ويجب شطب هذه المسألة من اي قانون جديد، وإذا جرى التمسك بهذا الموضوع فلن أسير بالقانون المطروح حالياً. وقال: “عُرض علينا الصوت التفضيلي برغم عدم الحاجة اليه شرط الا ينحصر بطائفة أو مذهب”، مشددا في المقابل على أن لا أعداد في لبنان ونتمسك بالمناصفة”.
وأضاف: “أنتظر القرار النهائي لـ”تكتل التغيير والإصلاح” بشأن قانون الانتخابات لمتابعة النقاش حول العتبة الوطنية وطريقة احتساب المقاعد، ونأمل في 5 حزيران ان يكون القانون الانتخابي جاهزاً وان نلتقي في المجلس النيابي”.
وأشار إلى أن ما يحصل في المنطقة يجعلنا نتمسك بالمسيحيين أكثر فأكثر.
وفي ما يلي كلمة الرئيس بري كاملة
“في اليومين الاخيرين نشهد ضجة كبيرة لأن رئيس المجلس النيابي حدد جلسة في 5 حزيران، هجمة كبيرة بشكل نسوا فيها عدوان 5 حزيران الاسرائيلي. ويكاد هذا الموضوع يخيم على هذه الذكرى وغيرها، وهو القول إن الرئيس بري خالف الدستور، وكلام من هذا القبيل. طبعا سأقول بعض الامور بصراحة واقعية.
أولا، بالشكل: اليوم كان يفترض ان تكون جلسة مجلس النواب في هذا الوقت، وطبعا لم نصل الى إتفاق على قانون الإنتخاب، وخشية ان يحصل تمديد حرصنا على عقد الجلسة اذا ما كان هناك قانون انتخاب. وصلت الى يوم الجمعة مساء ولم يكن هناك تباشير خير حول قانون جديد، وأنا لا استطيع ان أثبت الجلسة إلا قبل 48 ساعة بحسب الاصول في النطام الداخلي. عندها أجريت اتصالا بفخامة رئيس الجمهورية وأطلعته على هذا الامر. كما عقدت اجتماعا مع النائب جورج عدوان ووافقت على قانون الدوائر الخمس عشرة بعدما كنت أرفض هذه الصيغة، وذلك في محاولة لتقريب وجهات النظر، وتقدمنا بكذا وكذا. وقد رحب عدوان بهذا الموقف مبديا اغتباطه لهذا التطور. وقلت له انه بالنسبة الى الدورة الاستثنائية، لن أؤجل الآن الجلسة المقررة الاثنين (29 أيار) الا اذا جرى فتح الدورة، ولا بد من تعليق الجلسة. وبعد شرح هذه الامور قال لي نعم اتكلنا على الله، وسأتكلم مع الرئيس سعد الحريري في هذا الموضوع.
واضاف بري: “بادرت انا الى الاتصال بالرئيس الحريري وقلت له انني تكلمت مع فخامة الرئيس كذا وكذا وسيتصل بك واتمنى ان يأتيني مرسوم فتح الدورة الاستثنائية اليوم قبل الغد. وقال لي الرئيس الحريري هل أقوم بصياغة المرسوم واوقعه وارسله الى رئاسة الجمهورية؟ فقلت له لا، تشاور مع فخامة الرئيس اولا، فاذا قال لك نعم ترسله عند ذلك، وهذا ما حصل. ثم ارسل الرئيس الحريري عند التاسعة مساء خبرا يفيد بانه ارسل مشروع المرسوم الى فخامة الرئيس، ولم يصلني المرسوم ليلا او صباحا، وحتى ظهر يوم السبت لم يصلني، اصبحنا في مهلة الثماني والاربعين ساعة. وفي الاساس كان لدي ثلاثة طروحات لموضوع الجلسة:
الطرح الاول هو الدورة الاستثنائية، فخير البر عاجله وهذا أسهل الامور.
الطرح الثاني، وفقا لنص الدستور ان يوقع الاكثرية المطلقة من مجلس النواب وفقا للمادة 33 من الدستور، عندها على الحكومة والسلطة التنفيذية فتح دورة استثنائية.
الطرح الثالث سأضطر الى قوله. في الاساس دستوريا، هل يحق لرئيس مجلس النواب ان يدعو الى جلسة من دون فتح دورة استثنائية سواء بمرسوم او بعد توقيع الاكثرية المطلقة وصدور المرسوم؟ الجواب لا. ولكن انا لجأت الى الطرح الاول ولكي لا اخلق مشكلة بالطلب الثاني نتيجة الوعد بالطلب الاول لجأت الى الطرح الثالث الذي كنت لا اريد ان اقوله، وهو ما يلي: لماذا لم يتم توقيع مرسوم فتح الدورة الاسثنائية الآن؟ العلم عند الله”.
وتابع بري: “ما فهمته من الرئيس عون والرئيس الحريري ايضا ان المرسوم على الطريق، فإذا كان الذي يشاع هو أن هذا هو في سبيل الضغط على المجلس النيابي لكي يقر قانون الانتخاب، فإن المجلس النيابي حاول ويحاول ولم يتوقف. وللتذكير لمن يحب التذكر، فإن الحوار الوطني الذي دعوت له في عين التينة كان له جدول اعمال، وقلنا لهم على قياس الدوحة، فلنتفق على موضوع قانون الانتخاب ونبدأ بالترتيب بانتخاب رئيس الجمهورية، ولو سمعوا مني لما كنا وصلنا الى هذا الوضع. “قللو جدي كان يعدل الميلي، فقللو كان يعدلها قبل ما تميل”، كنا عدلناها قبل ان تميل هكذا. هذا الكلام لا ينطبق على المجلس النيابي، فلا أحد يستطيع ان يفرض شيئا على المجلس إلا الشعب اللبناني فقط لا غير”.
أضاف: “ما هو الموضوع الذي وجدت نفسي ملزما باللجوء إليه؟ أريد أن أشير الى المادة 59 من الدستور، ففخامة الرئيس مشكورا، استعملها لأول مرة منذ الاستقلال، فقد أستعملت سابقا في زمن الانتداب، واستعملت في لبنان وفرنسا. وهي تنص حرفيا على ما يلي: “لرئيس الجمهورية تأجيل انعقاد المجلس الى أمد لا يتجاوز شهرا واحدا وليس له ان يفعل ذلك مرتين في العقد الواحد”. ومن قراءة الدستور اللبناني ولاسيما المواد التي لها علاقة بانعقاد المجلس والدورات وغير ذلك، وفي ضوء دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة الذي استوحينا من مواده الدستور اللبناني يتبين ما يلي:
اولا: في الفقه واللغة والقانون لا معنى واحدا لكلمة تأجيل إلا تأخير مدته، فعندما نؤجل موعدا فإن ذلك يعني ان هناك موعدا آخر. إن معنى كلمة تأجيل هو تأخير، فإذا ما انقضت هذه المدة المؤجلة يعود للمجلس النيابي للإنعقاد فيستمر المجلس بالإنعقاد حكما لتعويض الفترة التي أجلت. بمعنى ان هذا دين تبقى للمجلس قائمة دائما بدليل اولا انه لو اراد المشترع الدستوري تقصير مدة الإنعقاد لإستعمل كلمة إختصار او الإنتهاء او التقصير او او الى آخره.
ثانيا: في فرنسا تطورت النصوص الدستورية في اتجاه التأكيد أن دور الانعقاد هو حق دستوري لا يجوز إلغاؤه او تقصير مدته. عندما يرد نص في الدستور عندها لا تستطيع ان تقصر مدته او تنقصه إلا بموجب نص دستوري آخر. وفي بداية الجمهورية الثالثة استشهد بالعالم بيار اوجيه الذي يذكر في كتابه “الوسيط في القانون السياسي والإنتخابي والبرلماني” واقعتين: الاولى عام 1899 والثانية عام 1901، في المرة الاولى كان البرلمان في دورته العادية وانتخب برلمان جديد في فرنسا قبل انتهاء الدورة ب 15 يوما، ومع أنه برلمان جديد اعتبر ان لديه في ذمة السابق خمسة عشرة يوما، وانعقد من دون دورة استثنائية ومن دوء شيء واكمل الخمسة عشر يوما. فإذا كان بالإمكان لبرلمان جديد ان يكمل السابق دون حاجة لمرسوم إستثنائي فالأحرى يحق للبرلمان القائم الذي لا يزال قائما حتى الآن ان يكمل هذه المدة ويستفيد منها. وقد تطورت هذه الحالة في فرنسا مع إنتهاء ولاية المجلس النيابي السادس في 31 ايار 1898 حيث اكملها المجلس السابع. اما الثانية فتؤكد ان المدة الدستورية للإنعقاد 5 اشهر وفي لبنان نحن ايضا 5 اشهر لأننا نأخذ من القانون نفسه”.
وتابع: “نحن نبدأ العقد العادي الاول في النصف الثاني من آذار الى نهاية أيار، أي شهرين ونصف شهر، ونبدأ من الصف الثاني من تشرين الاول العقد الثاني وينتهى في نهاية العام، أي شهرين ونصف شهر ايضا، والمجموع خمسة أشهر. فلا يحق للسلطة التنفيذية ان تختصرها بمرسوم، بينما هي حق دستوري، بمعنى ان البرلمان يستمر لأن دوراته محددة.
وقد أخذ في لبنان من الدورة العادية الدستورية شهر، لذا سمحت لنفسي بكل بساطة، بعدما حاولت بالامر الاسهل، ان اعين الجلسة تلافيا لأي اشكال مع فخامة الرئيس الذي اقدر واحترم، لكن كلينا على ما اعتقد لا نبيع ولا نشتري، وسأحاول بكل جهدي، ويعرف الجميع مدى التعاون الذي احرص عليه الإبتعاد عن الستين والتمديد والفراغ الذي هو غير وارد عندي ولا عند غيري، وايضا عن كل ما هو طائفي او مذهبي في قانون إنتخاب، اي قانون على الإطلاق. والدليل هو انني بعد رفض قانون ال15 دائرة، الذي سمي قانون بكركي، وفي الحقيقة هو احد سنابل الوزير مروان شربل في حكومة الرئيس ميقاتي، عدت وأخذت المبادرة أنا شخصيا واتصلت بالاستاذ جورج عدوان الذي اعاده، وقلت له انني اقبل به، وبالتالي فإن احدى الصحف التي احترمها وأقدرها ذكرت اليوم ان نبيه بري يرفض بسبب اصوات جزين، لا، فجزين موجودة وما زالت “بعدها لحالها”. على كل حال، رغم القبول، بدأت الشروط وكان الشرط الاول: هل ستكون المناصفة مؤكدة؟ فأجبنا نعم، بالتأكيد، وقلنا انه حتى لو اقتضى ان يوضع نص دستوري فلا مانع لدينا. ففي لبنان ليس هناك عد، النصف مسيحيون والنصف مسلمون، وإذا كان هناك من لديه نية غير ذلك علما انه لا يوجد، عليهم ان ينظروا ما يجري في المنطقة لان ما يجري يجعلنا نتمسك اكثر بالمسيحيين. وقالوا لنا ان هناك صوتا تفضيليا، مع العلم ان الدوائر زادت واصبحت 15، وكثير منها أصبح عبارة عن اقضية فقط ولم يعد له قيمة موضوع الصوت التفضيلي، ومع ذلك فإن هذا لا يشكل مانعا للقانون مع العلم ان لا ضرورة له ابدا، شرط ان ينحصر بالطائفة او بالمذهب.
ثالثا: في موضوع نقل النواب، هذا أمر مرفوض أصلا، شكلا واساسا، فإذا كنا نستطيع ان نقوم بتوزيع اكثر للنواب فإن ذلك من الافضل للبنان. أما نقل النواب فهو فرز مقلد لمشاريع التقسيم القائمة في المنطقة. واكثر من ذلك اقول ان هذا الامر سيصبح اذا ما سرنا به، بابا ومنفذا لطوائف اخرى من اجل المطالبة به ايضا، فالشيعي مثلا سيطالب بنقل هذا المقعد او ذاك، وهنا لا اقصد كما قالوا بيروت، فكل الناس موجودة في بيروت وبيروت هي دائما قلعة لبنان التي تعطي الوطن. وايضا يأتي الدرزي واي طائفة اخرى وتطالب بنقل مقاعد، فإذا دخلنا في مثل هذا الموضوع لا نستطيع ان نخرج منه. لذلك علينا أن نشطب هذا الموضوع من القاموس.
رابعا: هذا الكلام الذي اتفقت بشأنه مع الاستاذ جورج عدوان، وعلى كل انا في انتظار القرار النهائي لتكتل التغيير والإصلاح لمتابعة النقاش حول نقطتين لم نتطرق اليهما مع عدوان، في انتظار موقف الكتلة، هما: العتبة الوطنية وطريقة احتساب المقاعد. حتى ذلك التاريخ، وإن شاءالله يكون في 5 حزيران، القانون جاهز ونترك الامور للمجلس النيابي”.
سئل: عندما تتكلم عن فتح ابواب مجلس النواب مستندا الى تفسيرات وامثلة الا تكون تدفع في اتجاه رفع السقف وتهاجم رئيس الجمهورية؟
اجاب: “بالطبع لا، اولا تأكدي تماما ان فخامة رئيس الجمهورية حريص على الدستور مثلما انا حريص عليه، لا بل قد يكون اكثر. هذا نص دستوري ليس له علاقة بالصلاحيات، يحكمنا دائما الدستور. رحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده. يحكمنا الحد الذي هو الدستور والكتاب”.
وردا على سؤال قال: “كنت حريصا دائما على الترحيب بأن يحصل أي نشاط أو شيء في الساحة امام المجلس او حتى في باحة المجلس. وذات يوم، مع الاسف الشديد في زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حصلت اساءة كبيرة من بعض المعتصمين في الخارج، ومنذ ذلك التاريخ اتخذت قرارا بأن تكون النشاطات والاعتصامات والتحركات في ساحة رياض الصلح، مع الترحيب بأي وفد ينبثق منها للمجيء الى المجلس وطرح ما عنده”.
وردا على سؤال قال: “اليوم اوردت جريدة النهار، التي انتسب اليها كقارئ، انني اقف ضد قانون ال 15 لان القانون يبعد اصوات الشيعة عن اصوات المسيحين في جزين. هذا غير صحيح، فلطالما كانت جزين وحدها، والان بالعكس زادت عليها اصوات الشيعة في صيدا”.
وردا على سؤال قال: “ليس المطلوب ان ننتظر الى اليوم الاخير، فالانتظار الى اخر يوم خطر كبير، لانه لا سمح الله إذا وصلنا الى 19 حزيران من دون استعمال المادة 59 ودعا فخامته للانتخاب، وهذا حقه، علينا ان نأخذ بالتفسير الذي يعتبر كأن الفراغ محل حل المجلس. ولسبب ما، إذا حصل لا سمح الله أمر ما في لبنان اوقف الانتخابات فماذا نفعل؟ نذهب الى مصيبة حقيقية. بينما اذا كان يوجد فرصة اسبوع او اسبوعين فبامكان المجلس وفقا للدستور ان يعود لمتابعة الامور المتبقية وبعد اسبوع يستطيع رئيس المجلس ان يدعو الى جلسة وتقر حلا بأن الإنتخابات مثلا بعد شهر او شهرين”.
وردا على سؤال عن التمديد لسنة قال بري: “لا، ليس من الضروري التمديد سنة. فاللبناني ليس بحاجة الى أن يتعلم من احد، ويستطيع ان يتعلم بسرعة (الامور المتعلقة بالقانون الجديد) بكل سهولة بعد ثلاثة او اربعة اشهر وتجرى الانتخابات”.
سئل: إذا لم يحصل الاتفاق بسبب موضوع نقل المقاعد، هل سيبقى موعد 5 حزيران قائما أم ستدعو الى جلسة ثانية؟
اجاب: “إذا فتح فخامة الرئيس دورة استثنائية فإنني أوفر الوقت الذي لي الى ما بعد، وإلا فسأدعو الى جلسة أخرى. واذا حصل اصرار على هذه النقطة (نقل المقاعد) لا أسير بالقانون”.
وردا على سؤال عما إذا كان ما نشهده من كلام لرئيس الجمهورية هو على طريقة “اشتدي يا ازمة تنفرجي”، أجاب: “لماذا تصرون على خلق مشكلة بيني وبين فخامة الرئيس؟ لمعلوماتكم، خلال الاتصال الذي اجريته مع فخامته، قلت له ان هناك محاولات مضنية للإيقاع بيني وبينك. ما كان قبل الإنتخابات هو غير ما بعدها، وهذا الكلام إتفقت انا وفخامة الرئيس عليه بعد الإنتخابات مباشرة في المجلس النيابي”.