كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:
هل هي «معركة جانبية» بين رئيسيْ الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري، أم أنها في صلب الصراع الذي دخل أيامه العشرين الأخيرة حول قانون الانتخاب الجديد والذي يتحدَّد بموجبه مسار الواقع اللبناني انفراجاً أو… انفجاراً؟
الجواب على هذا السؤال كفيلٌ باستشراف مآل المفاوضات الشاقة حول قانون الانتخاب، فإذا كانت «الملاكمة الدستورية» بين عون وبري على خلفية فتْح الدورة الاستثنائية للبرلمان و«الأمر لمَن» فيها، هي من «مكمّلات» القلوب المليانة التي تحكم علاقتهما منذ أعوام، يكون «مَحْمِياً» التقدّم الذي تحقق في الأيام الأخيرة على صعيد التوافق على «أعمدة الأساس» في صيغة النسبية الكاملة وفق 15 دائرة مع صوت تفضيلي في القضاء التي قدّمها نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان. أما إذا كانت «منازلة الصلاحيات» في سياق «أوراق الضغط» على جبهة قانون الانتخاب وتحديداً في مرحلة مخاض ما قبل الولادة، فإن ذلك يعني أن فترة الايام العشرين الأخيرة الفاصلة عن انتهاء ولاية مجلس النواب ستكون حبلى بمناورات خطرة يُخشى أن تطيح بمشروع الحلّ، وتالياً وضْع البلاد «تحت مقصلة» فراغٍ يتعاطى معه كثيرون على انه سيكون بمثابة «إعدام» للنظام اللبناني واستقرار البلاد.
وبين هذين الحدّيْن ترى مصادر مطّلعة عبر «الراي» أن الاشتباك الدستوري بين عون وبري لا يمكن فصْله عن معركة قانون الانتخاب، ولا سيما ان رئيس البرلمان أعطى خلال مؤتمره الصحافي إشارات الى ان امتناع رئيس الجمهورية عن توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية للبرلمان (تنتهي دورته العادية اليوم) هو في سياق الضغط على جبهة نقل 4 مقاعد مسيحية من دوائر ذات غالبية مسلمة وفق ما يتمسّك به «التيار الوطني الحر» (حزب عون) و«القوات اللبنانية»، وهو ما يعتبره رئيس المجلس «فرز مقلّد لمشاريع التقسيم القائمة في المنطقة».
وحسب هذه المصادر، فإن المخاوف تسود من إمكانِ أن يستولد «كباش» الدورة الاستثنائية تعقيداتٍ إضافية، لا سيما إذا مرّ 5 يونيو الذي حدده بري موعداً لجلسة تشريعية من دون أن يوقّع عون مرسوم فتْح هذه الدورة (ربطه رئيس الجمهورية بحصول توافق نهائي مسبق على قانون الانتخاب) وعمد رئيس مجلس النواب الى تحديد موعد آخر وفق الاجتهاد الذي كان أعلنه اول من امس، واعتبرت مصادر قريبة من «التيار الحر» انه «هرطقة دستورية»، ورأى فيه ان لجوء عون في ابريل الماضي الى المادة 59 من الدستور لإرجاء انعقاد المجلس شهراً يعطي الأخير حقاً بتعويض مدة التأجيل تلقائياً باعتبارها ديناً قائماً للمجلس.
على أن أوساطاً سياسية تواكب عن كثب مسار قانون الانتخاب أكدت عبر «الراي» أن ما يحصل ينطبق عليه «اشتدّي أزمة تنفرجي»، لافتة الى ان الجميع محكومون في النهاية باقتناص «الخرطوشة الأخيرة» التي تشكّلها صيغة عدوان، لأن البلاد باتت في الأيام العشرين المقبلة أمام معادلة صعبة: فإما التوافق وإما تفجير الوضع، معتبرة ان مثل هذا التفجير يتطلب وجود قرار سياسي كبير بذلك يصعب توافره لأن «شظاياه» ستصيب أولاً عهد عون بـ «مقتل» قبل انتهاء سنته الاولى، وثانياً لأن «حزب الله» يحتاج في اللحظة الاقليمية المفصلية الى «صون» الاستقرار في لبنان وتفادي وقوع البرلمان (تعود رئاسته الى الطائفة الشيعية) في فراغٍ نبّه الحزب الجميع بـ «الفم الملآن» من أي دفْع في اتجاهه، علماً ان الحزب سجّل تراجعات عدة في مسار القانون لجهة القبول بنسبية الـ 15 دائرة (عوض الدوائر الموسعة) وأيضاً بالصوت التفضيلي في القضاء، وثالثاً لأن القوى المسيحية الوازنة (التيار والقوات) انتزعت بصيغة عدوان مكسباً كبيراً على صعيد تحسين التمثيل.
وإذ تتوقّع هذه الأوساط أن يبادر «حزب الله» الى محاولة سكْب مياه باردة على جبهة عون – بري بما يمنع الإطاحة بالتقدم الكبير الذي تحقق في مسار قانون الانتخاب، تلفت الى ان الزيارة التي سيقوم بها رئيس البرلمان يوم غد الى القصر الجمهوري للمشاركة في حفل الإفطار الذي يقيمه عون يفترض ان تكون المدخل لترطيب الأجواء بينهما وتجاوُز «كباش» الدورة الاستثنائية، مشيرة الى انه في ما خصّ نقل المقاعد المسيحية لا يُستبعد ايجاد مَخرج ما ينزع فتيل المشكلة. وتوقفت عند إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري خلال إفطار أقامه غروب الاثنين بحضور رئيس البرلمان «ان (…) العودة الى قانون الستين أو التمديد سيشكّل هزيمة لنا جميعاً أمام قواعدنا الشعبية»، موجهاً «تحية الى دولة الرئيس الصديق نبيه بري، وهو أكثر مَنْ يسعى مثلنا للتوصل الى قانون جديد وعصري للانتخابات ، وقد أصبحنا قاب قوسين من التوصل الى ذلك».