تؤكد مصادر سياسية مطّلعة، عبر الوكالة “المركزية” أنّ الاشكال بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري اعمق وابعد من مسألة “كيمياء مفقودة” بين الرجلين منذ اعوام. فالامور لا تقف عند عتبة علاقة بعبدا ـ عين التينة المعلومة اسبابها ودوافعها وخلفياتها، بل تذهب بعيداً وربما ابعد من عين التينة في اتجاه الضاحية وخارج الحدود.
وفي تفسيرها لوجهة النظر هذه، تدعو المصادر الى قراءة معمّقة في التطورات والمواقف السياسية منذ انتخاب الرئيس عون “حينما وفى حزب الله بوعده لحليفه المسيحي، فبقي ثابتا في دعمه على مدى أكثر من عامين حتى انتخابه رئيسا للبلاد، وقبِل لاجله بالرئيس سعد الحريري على رأس “حكومة استعادة الثقة”. اما ما بعد ذلك، وتحديدا منذ زيارة الرئيس عون الى المملكة العربية السعودية، فإنّ الحزب لم يقدم على خطوة واحدة او مبادرة في اتجاه تسهيل مسار العهد عبر التدخل بما له من مونة على فريقه السياسي، لتذليل العقد المتراكمة التي تحول دون “تقليعة” حقيقية تضخ جرعات اوكسيجين في عروقه، لتسجيل انجازات يتطلع اليها الرئيس المسيحي القوي الذي يراهن على شبكة تحالفاته السياسية العنكبوتية من الضاحية الى بيت الوسط فمعراب لدفع قطار عهده الى الامام.
وتشير في هذا المجال الى انّ قادة فريق “الثنائي الشيعي” منقطعون منذ مدة بعيدة عن زيارة بعبدا. وباستثناء مشاركة الرئيس بري في مناسبتين بروتوكوليتين تحتّمان وجوده في القصر الجمهوري وحضور وفد من حزب الله لشكر الرئيس عون على موقفه الشهير من المقاومة المتكاملة مع الجيش اللبناني، فإن اي زيارة لم تسجل الى هناك، كما تلفت المصادر، وتضيف في هذا المجال ان الغياب لا يقتصر على “الثنائي الشيعي” بل يتمدد الى الاقليم، حيث توقفت فجأة الحركة المكوكية الايرانية في اتجاه لبنان بعيد انتخاب الرئيس عون وانقطعت نهائيا منذ عودته من المملكة مطلع العام، على رغم الغيوم السوداء التي تلبدت مجددا في سماء العلاقات اللبنانية- السعودية، في اعقاب موقف وزير الخارجية جبران باسيل حول قمة الرياض وتبنّيه من الرئيس عون في مجلس الوزراء، حتى باتت تنطبق على لبنان مقولة “لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير”، الا انها قد تكون نوعا ما متعمّدة لابعاد لبنان عن سياسة المحاور والتزام الحياد الذي نص عليه خطاب القسم والبيان الوزاري.
اما في أبعاد “الانقطاع”، تقول المصادر، “اضافة الى ان اجندة ايران واذرعتها العسكرية في المنطقة وابرزها حزب الله تتعارض مع خطة العمل الرئاسية، خصوصا في زمن التحولات السياسية الكبرى في الاقليم، فإنّ “الثنائي الشيعي” لم يهضم حتى اللحظة ” تحالف معراب” ومفاعيله ولا الكثير من مواقف رئيس التيار الوطني الحر الذي تنقل المصادر عن اوساط في الثنائي قولها ان “تحالفنا مع تيار عون لا تيار باسيل” ، وقد سدد له اكثر من ضربة بإسقاط رزم اقتراحاته الانتخابية الواحد تلو الاخر، ما دفع باسيل الى القول اخيرا ان “المُعطى السياسي الذي يحكمنا ويمنعنا من إنجاز قانون إنتخاب سيتغيَّر بعد 20 حزيران” الامر الذي قرأته الاوساط السياسية بسلبية تجاه الفريق الشيعي”.
وتختم المصادر بالقول انّ عون الرئيس الملتزم خطاب القسم لا سيما إبعاد لبنان عن المحاور، ليس نفسه عون الجنرال رئيس التيار الوطني الحر حليف المقاومة والمحور الايراني، وفق ما اعلن بعيد انتخابه الوزير باسيل، مؤكدا انه اصبح اثرالانتخاب “بي الكل”و حليف كل اللبنانيين، وهو على الارجح ما ازعج الحزب ومن خلفه القوى الاقليمية الداعمة.