كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
الوحدة بين أجنحة الحزب السوري القومي الاجتماعي ستُنهي إن حصلت كلّ التنظيمات قبل أن يصدر دستور جديدة لحزب واحد. الأمور مُعقدة لوجود اختلافات جوهرية بين الأجنحة المتصارعة. ورغم أنّ المسار انطلق من جديد، إلا أنّ الدرب لا يزال طويلاً.
في العام الماضي، وعشيّة انعقاد المؤتمر العام للحزب السوري القومي الاجتماعي، برزت أجواء إيجابية عن إعادة تحريك ملف الوحدة داخل الحزب بجناحيه: «المركز» برئاسة الوزير علي قانصو، وجناح «العمّ» برئاسة وزير المصالحة في الحكومة السورية علي حيدر. قيل يومها إنّ 60 عاماً من الانشقاقات ستُطوى في 9 حزيران 2016، بعد أن يصدر بيانان من بيروت ودمشق، يُعبّران عن استعداد التنظيمين لذلك، الأمر الذي لم يحصل. ضاع الحديث عن الوحدة في بحر التطورات الحزبية داخل «المركز»، والسياسية على مستوى المنطقة. مرّة جديدة، خابت آمال القوميين الذين يُعدّ ملف الوحدة أمراً أساسياً لهم.
سبب عدم تحقيق الهدف يعود، بحسب جناح «العمّ»، إلى أنّ «ممثّلي الروشة توقفوا عن حضور اجتماعات اللجنة المشتركة المُخصصة لبحث الوحدة، ورفضوا الاشارة إلى بيان الـ1991 الذي ينصّ على أهمية الالتزام بالعقيدة، وأن الوحدة تبدأ من الصف عبر تشكيل لجان من مندوبي الفروع وليس من القيادة». العمل القومي على الوحدة كان متوقفاً، حتّى انتشرت صورة في آذار الماضي تجمع كلّاً من النائب أسعد حردان، والوزيرين قانصو وحيدر، والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، وعضو المكتب السياسي في جناح «العمّ» ميلاد السبعلي، في السفارة السورية، ليطفو معها ملف الوحدة إلى السطح مُجدداً، من دون أن تُبدّد المخاوف من أن تكون النقاشات، كسابقاتها، غير جدّية ولا تؤدي الغرض منها.
توضح مصادر قيادية في «المركز» أنّها في كلّ مرّة كان يُطرح فيها ملف الوحدة «كنا جديين». المُشكلة كانت في أنّ «حيدر لم يستطع تسويق الأمر بين جماعته». ما تبدّل هذه المرّة «تحديد تاريخ 8 تموز موعداً نهائياً لإعلان مسار الوحدة». انبثقت عن قيادة الروشة لجنة مؤلفة من عصام بيطار وجورج جريج، لتتواصل مع لجنة جناح «العمّ» المؤلفة من كنعان الخوري حنا وفادي العريضي (حلّ مكان حسن الحسن). عضو آخر في قيادة الروشة يشير إلى «اجتماعين عقدتهما اللجنة المشتركة حتى الآن. العمل يتقدّم ولكن ببطء، فاللجنة تبحث في آليات الدمج والتعديلات الدستورية». ويبدو المصدر واقعياً وهو يقول إنّ المفاوضات «معنوية كوننا غير متفقين سوى على (المؤسّس) أنطون سعادة. إلا أنّ الوحدة أمر أساسي ونحن بحاجة إليه».
التروّي يسود أيضاً جبهة «العمّ». تبدأ مصادر القيادة بالتوضيح أنّ «الكلام أننا نُعرقل الوحدة استدعى اللقاء في السفارة، وقد دعا إليه السفير وليس نحن من طلبه». الوحدة، بالنسبة إلى هذا الجناح، مسار «وُضع على السكّة من جديد، من دون أن يُتفق على موعد نهائي للإعلان عنه». هذه المرّة «اللجنة جدية. وهدفنا من الوحدة إعادة العقيدة إلى الحزب، ما يستدعي إعادة تأهيل الكادر البشري بعد أن اضطر تنظيم الروشة إلى إدخال أعداد كبيرة من الأفراد إلى الحزب، أما نحن فاعتنينا أكثر بالشأن العقائدي، ووضع خطة استراتيجية لمستقبل الحزب ضمن القضية الأساس بعث النهضة بالأمّة». ولكن «نريد أن تكون الوحدة مبنية على أساس صلب حتى لا تتكرر الوعود الهوائية». تُفضّل مصادر «العمّ» عدم الحديث عن تفاصيل اجتماعات اللجنة المشتركة «فالبحث داخلي، قلّة من الناس تعرف به، حتى تصدر التوصيات». على اللجنة الآن أن «تُحدّد نقاط الالتقاء، وإذا كان هناك من نقاط خلافية ننتقل إلى مرحلة المفاوضات لحلّها، ونضع آلية تطبيق الوحدة».
جناح ثالث هو الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية، برئاسة جوزف سويد (أسّسه عام 2012 رئيس المكتب السياسي الفرعي في سوريا سابقاً عصام المحايري)، يُغيّب عن ملف الوحدة. تُبرر مصادر الروشة ذلك بأنها «لا نريد تكريس الانشقاق، ونحن لا نتعامل معهم كمشروع جدّي بعد أن حسمت القيادة السورية من يُمثل شرعية الحزب القومي». بالنسبة إلى مصادر «العمّ»، قد يكون الحوار بين الروشة وجناح المحايري «صعباً لأنهم بالأصل حزب واحد، ولم يُتخذ بأعضاء التنظيم الجديد أي إجراءات». أما «حزب علي حيدر»، فـ«بادرنا وقمنا بعد لقاء السفارة السورية بمحاولة للحوار». طلب جناح المحايري المزيد من الوقت، خاصة أنهم «في مرحلة إعادة هيكلة الوضع الداخلي، ويعملون على التثقيف السياسي».