في تحولٍ مفاجئ من إنكاره التام سابقاً، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس، 1 حزيران 2017، إنَّ بعض المخترقين الروس المستقلين “الوطنيين” ربما يكونون متورطين بالفعل في الهجمات الإلكترونية التي جرت العام الماضي لمساعدة الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، حسبما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
هذه التصريحات من شأنها أن تغير مسار كثير من الأمور في الولايات المتحدة، لأنها تدعم مجريات التحقيق الذي يقوده الكونغرس حول اتهامات بتدخل روسي في الانتخابات الأميركية، كما يؤكد ما جاء في تقرير للمخابرات الأميركية نزعت عنه السرية يوم الجمعة 6 كانون الثاني 2017، أشار إلى أن بوتين أمر بشن “حملة تأثير” في 2016 تستهدف انتخابات الرئاسة بهدف تقويض العملية الديمقراطية وتشويه المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
تصريحات بوتين
لكن بوتين تدارك الأمر في هذه المسألة عندما قال في تصريحاته: “نحن لم نفعل ذلك على مستوى الدولة”.
ورفع الرئيس الروسي في تصريحاته من احتمال أن يكون بعض المخترقين الروس المستقلين مسؤولين بالفعل عن الهجمات، وذلك بقوله إنَّ المخترقين هم “كالفنانين” الذين يختارون أهدافهم حسب شعورهم “حين يستيقظون في الصباح”.
وأضاف قائلاً: “إن كان هؤلاء المخترقون وطنيين، فإنَّهم يبدأون في تقديم مساهماتهم في المعركة ضد هؤلاء الذين يقولون أشياءً سيئة بحق روسيا، وهي مساهماتٌ سليمة وصحيحة من وجهة نظرهم”.
بوتين أكد مراراً وتكراراً إن ليس هناك ما يمكن بحثه بشأن مزاعم تدخل موسكو في انتخابات دول أخرى وأضاف أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى به للمرة الأولى اليوم الاثنين، لم يطرح القضية خلال الاجتماع، وفقاً لما نشرته وكالة رويترز.
أما ترامب فقد رفض الاتهامات بتدخل روسيا في الانتخابات، وقال إنَّ الشخص المسؤول عن تنفيذ الهجوم على اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي ربما يكون “شخصاً يجلس في سريره ويزن 400 رطل”.
وتضيف صحيفة نيويورك تايمز: “لكن الحد الفاصل بين الجهود الحكومية والجهود المستقلة غالباً ما يكون ضبابياً، وخاصةً في المسائل المتعلقة بزيادة النفوذ الروسي خارج روسيا. فالمواطنون الروس المستقلون اسماً حاربوا إلى جانب المعارضة التي كانت تتحدث الروسية في شرق أوكرانيا، وشاركوا في عدة حملات لتنفيذ الأجندة الروسية في أوروبا الشرقية والوسطى”.
خط الرجعة
وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن بوتين ربما لقلقه من أنَّ الاستخبارات الأميركية قد تُعلن عن دليلٍ يربط الهجمات الإلكترونية التي وقعت العام الماضي بروسيا، طرح بوتين أيضاً نظرية أنَّ التكنولوجيا الحديثة يُمكن التلاعب بها بسهولة لخلق أثرٍ مزيف لربط روسيا بتلك الهجمات.
فقال: “أستطيع أن أتخيل أنَّ شخصاً ما يقوم بذلك عن قصد، من خلال بناء سلسلة الهجمات بحيث تبدو أراضي الاتحاد الروسي وكأنَّها مصدر الهجوم. وتسمح التقنيات الحديثة للقيام بهذه العمليات، ومن السهل نوعاً ما القيام بذلك”.
وتشبه الصحيفة الأميركية تطور موقف روسيا من التدخل المُحتمل في الانتخابات الأميركية بطريقة تغيير بوتين لروايته مراراً فيما يتعلق بدور روسيا في ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وفي التمرد المسلح في شرق أوكرانيا: فقد بدأ بالإنكار بشكلٍ قاطعٍ تدخل القوات الروسية، قبل أن يعترف بعد شهور بأنَّ الجيش الروسي “بالطبع” تدخَّل في الأزمة.