اكدت اوساط «اللقاء الديموقراطي» لصحيفة “الديار” ان النائب وليد جنبلاط كان قد اتخذ قرارا بعدم الدخول في ازمة علنية مفتوحة مع الرئيس سعد الحريري وطلب من اعضاء الحزب ونواب اللقاء الديموقراطي التزام الصمت على الرغم من «الجرح» الكبير» الذي تسبب به الحريري اثر «انقلابه» على التفاهم الانتخابي، لكن عدم مبالاة الحريري «برسائله» التي حملها المبعوثون الاشتراكيون الذين كلفهم جنبلاط بمحاولة ترطيب الاجواء لاستدراك انزلاق العلاقة نحو الاسوأ، دفعته الى الخروج عن صمته، خصوصا ان الحريري لم يتوقف ابدا عند «هواجس» جنبلاط من القانون التأهيلي، ووصل الى مسامع «المختارة» الكثير من الكلام الصادر عن نادر الحريري وعن رئيس الحكومة بان جنبلاط لن يكون «عقبة» ونحن نعالج اعتراضاته، حتى ان الحريري لم يكن ليمانع التصويت في مجلس الوزراء على اي قانون حتى لو كانت المختارة غير راضية على ذلك، وقد اراح «الفيتو» الضمني الذي اعطاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لجنبلاط «الرجل» وباتت هوامشه اوسع فقرر قول الامور باسمائها..
في المقابل تشير اوساط تيار المستقبل الى ان المشكلة مع جنبلاط انه لا يتقبل وجود تباينات في الرأي بين «الحلفاء»، فهو يريد من الرئيس الحريري ان يكون معه اوضده، ولا حلول وسط في العلاقة، مع العلم ان تيار المستقبل لم يفهم مشكلة جنبلاط حيال العلاقة الوطيدة بين الرئاستين الاولى والثالثة، وكذلك لم يفهم مشكلته مع القانون التأهيلي الذي يحافظ له على حصته الوازنة انتخابيا، كما انه اصيب بالدهشة عندما تلقى اكثر من «رسالة» جنبلاطية تتحدث عن «صراع بقاء، والخوف على مصير الجبل، وعلى المصالحة التاريخية مع المسيحيين»، مع العلم ان اياً من هذه المخاطر غير موجود، وليست على بال احد، لكن «هواجس» جنبلاط من عودة التحالف السني- الماروني تتحكم بعقله وروحه، على الرغم من انها مجرد «اوهام».
ورغم قساوة التراشق الكلامي وسوق اتهامات من العيار الثقيل، فإن سياسيا مقربا من الزعيمين، قال لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن «الاختلاف في وجهات نظر الحريري وجنبلاط، لا يعني خلافاً جذرياً»، متوقعاً أن «تعود العلاقة إلى طبيعتها قريباً، لأن لا مصلحة لأحد بخصومة مع الآخر». واستشهد السياسي الذي رفض ذكر اسمه بـ«الفتور الذي مرّت به علاقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بوليد جنبلاط أحياناً، لكن سرعان ما كانت تعود المياه إلى مجاريها»، مذكراً بأن «كل التحالفات السياسية القائمة على ضفتي (8 و14 آذار)، لم تصمد كما صمد التحالف بين تيار (المستقبل) والحزب التقدمي الاشتراكي، إن لجهة مقاربتهما المشتركة للملفات المصيرية، أو في الانتخابات النيابية والطلابية والنقابية».
ولم يكن خلاف اليوم حالة فريدة، إذ سبق أن مرّت علاقة الحريري وجنبلاط بفتور طويل، على أثر إعلان جنبلاط خروجه من صفوف فريق «14 آذار» ودخوله في حكومة الرئيس نحيب ميقاتي، التي فرضها «حزب الله» على أثر الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري مطلع العام 2011. لكن في ذروة التباعد بين الطرفين، سجّل الحريري موقفاً دان فيه بالوفاء للزعيم الدرزي، حيث قال: «مهما كانت الخلافات لم ولن أنسى وقوف وليد جنبلاط إلى جانبي، على أثر اغتيال والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنه (جنبلاط) شكّل رأس حربة المواجهة في (14 آذار) التي أدت إلى خروج الجيش السوري من لبنان». وورث الرئيس سعد الحريري علاقته مع جنبلاط عن والده، الذي كان ملماً في امتصاص الصدمات السياسية التي تأتيه من الخصوم، وكان قادراً على إزالة الالتباسات بسرعة قياسية.