Site icon IMLebanon

تعديل التطرّف (بقلم بسّام أبو زيد)

 

كتب بسّام أبو زيد

يحاول المسيحيون في لبنان أن يطمئنوا إلى مستقبلهم من خلال تكريس المناصفة في المجلس النيابي ومجلس الشيوخ إذا ولد. ويبدو أن هذا الأمر يسلك طريقه إلى الترجمة الفعلية من خلال إلغاء كل ما ورد في الدستور. ولاسيما لجهة إلغاء الطائفية السياسية، فيتبدد كما يعتقد بعض القادة المسيحيين هاجس الديمغرافيا وهاجس العددية وهاجس أن المسلمين سيتولون الحكم يوما ما لوحدهم.

واللافت أن صرف النظر عن إلغاء الطائفية السياسية يأتي بموافقة القيادات السياسية لدى السنة والشيعة، ومن دون أي اعتراض من قبل المرجعيات الدينية الرسمية لدى هذين المذهبين، ولكن السؤال هل كل هذا كاف لطمأنة المسيحيين على المدى الطويل؟ وهل ما سيحققونه في هذا المجال هو فعلا ضمانة للأجيال المقبلة؟

لا يجب على المسيحيين أن تأخذهم نشوة النصر، لأن تحقيق هكذا خطوة هو بحاجة لتحصين مستمر، وهذا التحصين يأتي من خلال المساهمة المسيحية في تطوير المجتمعات المعتدلة لدى المسلمين اللبنانيين، وهي مجتمعات كثيرة وكبيرة وترغب في أن تكون وأن تؤكد على أن صورة الإسلام هي صورة مختلفة كليا عن الصورة المتداولة اليوم والناجمة عن التطرف والإرهاب.

إن تطوير هذه المجتمعات الإسلامية المعتدلة والحفاظ عليها يبدآن بالتأثير الإيجابي على أطفالها وأبنائها وشبابها الذين يتعلمون في المدارس والجامعات المسيحية، وتقول الإحصاءات إن عدد الطلاب المسلمين في المدارس المسيحية يصل إلى نحو 35% من إجمالي عدد طلابها، وبالتالي إن الثقافة التي يتلقونها في هذه المدارس والصورة التي تنطبع في أذهانهم لا بد وأن ينقلوها إلى داخل عائلاتهم ومجتمعاتهم. والحديث عن أهمية هذا التعايش والاعتدال وتغيير الصورة التي طبعها الإرهاب والتطرف عن الإسلام في العالم، وصولا إلى ترسيخ فكرة أن الوجود المسيحي الفاعل في هذا البلد هو حاجة لا يمكن التخلي عنها لما له من تأثيرات إيجابية في بناء المجتمع اللبناني وعلاقات هذا المجتمع مع دول العالم.

إن هذه الخطوة التأثيرية يجب أن تكون واحدة من سلسلة خطوات في المجتمع يملك المسيحيون مفاتيحها، وأن ما يصبون إلى تحقيقه لا يتحقق بالسياسة فقط، بل بالخطوات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية تجاه الشركاء في الوطن، لأن أي تقاعس في هذا المجال قد يزيد من نفوذ وفعالية المتطرفين على حساب المعتدلين الذين مهما قبلوا من تعديلات في الدستور ستكون حبرا على ورق، لا بل أوراقا ممزقة ومحروقة إذ قدر يوما للمتطرفين المسلمين أن يهزموا المعتدلين في لبنان.