كتب نبيه البرجي في صحيفة “القبس” الكويتية:
أمام مرجع سياسي لبناني كبير تقرير ورد من إحدى العواصم الأوروبية ويتحدث عن «حتمية» التقسيم في سوريا مع بعض اللمسات الخافتة حول احتمالات كونفدرالية على قدر كبير من الهشاشة.
التقرير يستند الى معطيات استخباراتية ودبلوماسية متعددة المصادر، وهو ينتهي بسؤال ينطوي على الكثير من الاحتمالات الخطيرة على أساس أن الأرض السورية ستستخدم لبلورة قواعد النظام العالمي الجديد، استتباع النظام الإقليمي الجديد. ودائماً هناك نصائح متلاحقة الى لبنان بالتحصين الداخلي، وفي إطار هذا التحصين الخروج بقانون انتخابي قد يكون الأكثر تعقيداً في العالم.
والقلق مستمر في بيروت من استمرار الأزمة السورية لسنوات والدخول في مسار التقسيم، ما يعني أن النازح سيتحول الى مقيم، ولن يغادر الأرض اللبنانية على مدى سنوات، الأمر الذي سيزيد تعقيد ملف النازحين الذين سيتفاعلون مع التطورات الدراماتيكية في بلدهم مع ما لذلك من تداعيات كارثية على لبنان، الذي لن يكون على حدود «شقيقة كبرى» بل على تخوم «شقيقات صغيرات» لكل واحدة منها سياساتها وأمزجتها ولونها الطائفي.
كما أن إشكالية حزب الله تستمر في تعقيد المشهد، لاسيما مع محاصرته إقليمياً ومالياً، وحتى داخلياً، فمن مدينة طرابلس أكد رئيس الحكومة سعد الحريري «رفض أي سلاح غير سلاح الدولة». وقال «موقفنا السياسي معروف، وخلافنا علني مع «حزب الله» بسبب تورطه في الحرب السورية».
في حين دقت تحركات في واشنطن لتوسيع نطاق العقوبات المالية على الحزب ناقوس الخطر في بيروت، حيث تخشى الحكومة من تعرض قطاع البنوك الذي يدعم استقرار لبنان لأضرار جسيمة.
وتهدد مسودة تعديلات على قانون قائم، لم تقترح بعد كقانون، بفرض عقوبات على أي شخص يمول حزب الله. ودفع ذلك مصرفيين وساسة لبنانيين للقيام برحلات إلى واشنطن في مايو للضغط من أجل منع العقوبات.
ورغم هذه التطورات في الإقليم، تعيش الجمهورية اللبنانية في شهر عسل. فالعلاقات في أحسن أحوالها بين قصر بعبدا ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبينه والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي, ولكن لا انتخابات قبل الربيع المقبل حتى يتدرب الموظفون على التنفيذ التقني للقانون الجديد، الذي سيبصر النور مع قبل عطلة عيد الفطر، حيث قال وزير الداخلية نهاد المشنوق إن اي قانون جديد يحتاج إلى ستة اشهر على الأقل كي تجرى الانتخابات على أساسه.
فالرئيس بري بدا منشرحاً. واعتبر ان الأطراف اللبنانية استخدمت كلها العصا السحرية قبل فوات الأوان. رافضاً وصف ما حدث بالعملية القيصرية بل انها الأعجوبة اللبنانية.
المصادر نفسها تضيف ان المساعي قائمة على قدم وساق من أجل تذليل العقبات المتبقية، لتؤكد «ان كل الاتجاهات إيجابية والجميع أدركوا حساسية المرحلة وربما المراحل اللاحقة ايضاً».
في هذا السياق، أرجأ بري جلسة المجلس النيابي من 5 الى 12 يونيو الذي قد يكون «الاثنين الكبير» باقرار قانون الانتخابات. إلى ذلك، لاحظ رئيس الجمهورية ميشال عون «أن ما يحصل من حين الى آخر من خلافات هو سياسي وليس طائفياً».
بدوره، النائب وليد جنبلاط الذي قد يكون أكثر السياسيين توتراً خلال مسيرته التي بدأت عام 1977 والذي يبدو، في هذه الأيام، أبعد ما يكون عن الانفعال، كشف عن علاج طبيعي لذلك. مع صورة لبعض الأزهار البرية، غرّد عبر تويتر «أن التأمل في ورد الوزال الأصفر، وتنشق عبق الزعتر الجديد، والاستماع إلى أصوات الطبيعة المختلفة خير علاج لمعالجة التوتر».