Site icon IMLebanon

القوى السياسية باشرت بـ “جرْدة” مبكّرة لحسابات الربح والخسارة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

يطوي لبنان بعد نحو أسبوعٍ واحدة من أسوأ أزماته السياسية وأكثرها اضطراباً عبر الإقرار المرتقَب لقانونِ انتخابٍ جديد في 12 الجاري قبل نحو أسبوع من انتهاء ولاية البرلمان في الـ 20 من هذا الشهر، وهو الأمر الذي يجنّب البلاد السقوط المريع في المجهول بعدما جرى اللعب طويلاً على حافة الهاوية قبل ان تفضي التفاهمات السياسية الى الإفراج عن الصيغة الجديدة لقانون الانتخاب القائمة على اعتماد النسبية الكاملة وتقسيم لبنان 15 دائرة، في تطوّرٍ هو الأول منذ الاستقلال.

وتشهد بيروت وأرْوقتها السياسية وكواليسها حركةَ مشاوراتٍ ماراتونية ومكوكية لوضع اللمسات الأخيرة على قانون الانتخاب الجديد، والتفاهم على مسائل تقنية بالغة الأهمية ما زالت معلَّقة، استعداداً لإخراج هذا القانون الى دائرة الضوء عبر خريطةِ طريقٍ تفترض إقراره في جلسة مجلس الوزراء المقرَّرة يوم الأربعاء المقبل وإحالته على البرلمان الذي دعا رئيسه نبيه بري أمس الى جلسة تشريعية يوم الاثنين (في 12 الجاري) وعلى جدول أعمالها بند وحيد هو قانون الانتخاب.

وبإقرار القانون الجديد لانتخاباتٍ من المرجح ان تجري، في حد أدنى تشرين الأول من السنة الحالية، وفي حد أقصى اذار 2018، تكون عناصر التسوية السياسية الكبرى التي أُنتجت بتفاهماتٍ داخلية وبضوءٍ أخضر إقليمي – دولي قد اكتملت، بعدما جاءت بالعماد عون رئيساً للجمهورية وأعادت الرئيس سعد الحريري الى السرايا الحكومية.

ومع بدء العد العكسي لإقرار قانون الانتخاب الجديد، باشرتْ القوى السياسية إجراء عمليات «حصْر إرث» للأرباح والخسائر الناجمة عن الصيغة التي تم الاتفاق عليها بعد صراعٍ مرير ومتدحْرج ارتفعت معه شروط «السقوف العالية» قبل ان تفضي التفاهمات السياسية الى تنازلاتٍ متبادلة تحت وطأة الخشية من الانزلاق الى الفراغ، وتالياً الاتفاق في «الربع الساعة الاخير» على القانون – التسوية.

ورغم القول ان الاتفاق على القانون الجديد عكس «روح» التسويات التي غالباً ما يشهدها لبنان نتيجة التوازنات السلبية، وتقوم على القاعدة الذهبية المعروفة بـ «اللا غالب واللا مغلوب» فإن ثمة اطرافاً حققت مكاسب فعلية، ولعل الأبرز في هذا السياق:

* أثبت «حزب الله» مرة جديدة انه يشكّل «الناظم السياسي»، اضافة الى الأمني، فهو نجح في حمل الجميع على القبول بـ«النسبية الكاملة» بعدما كان نظام الاقتراع الاكثري يُطبَّق منذ اول انتخابات في العام 1934(قبل الاستقلال). وبهذا المكسب ينجح الحزب في مدّ تحالفاتٍ تتيح له الاستمرار كـ «قاطرةٍ» في قيادة ائتلافٍ برلماني يتحكّم بقواعد اللعبة.

واستمرّت امس الاتصالات المكثّفة لإنجاز التفاصيل التقنية في قانون الانتخاب والتي لا يمكن إسقاط بُعدها السياسي باعتبار ان الجانب التقني هو عملياً «الدليل التطبيقي» للنسبية وتالياً له مفاعيل مباشرة على ما ستفرزه صناديق الاقتراع على صعيد الأحجام والتوازنات واستطراداً «لوحة المفاتيح» التي ستتحكّم بالواقع السياسي في لبنان.

وفي موازاة مواصلة «خيّاطي الشقّ التقني» من القانون عملهم، تتقاطع المعطيات عند بعض الجوانب التي جرى حسْمها وبينها عدد الدوائر الـ 15 والصوت التفضيلي على مستوى القضاء (محرَّر من القيد الطائفي)، مع ترجيح اعتماد عتبة التأهيل (التي تسمح بتمثيل اللوائح بمقاعد) على قاعدة نسبة 10 بالمئة على مستوى الدائرة.

وبحسب المعطيات المتوافرة، فإن نقاشاً لا يخلو من تعقيدات ما زال يدور حول نقاط عدة بينها آلية او كيفية احتساب الأصوات بعد اعتماد الصوت التفضيلي للناخب وتحديداً حول اذا كان الاحتساب يحصل على قاعدة ترتيب الرابحين بالصوت التفضيلي داخل اللائحة (وعندها يفوز الحائزون على أعلى نسبةٍ من الاصوات التفضيلية وفق عدد المقاعد الذي تكون اللائحة حصلت عليه)، او احتساب الفائزين عبر خلط اللوائح ثم تحديد الرابحين وفق أعلى نسب من الصوت التفضيلي (مع مراعاة حصة كل لائحة من المقاعد التي تكون حُددت لها نسبياً بعد فرْز أصوات المقترعين).

ولفت ما نُقل عن بري من ان «أي أمر تفوح منه مسألة الطائفية سقط، وما حصل هو اتفاق سياسي وليس اتفاقاً انتخابياً فحسب، لأن الجميع يدركون خطورة المرحلة».