ذكرت صحيفة “الديار” أنّه في خضم ما تشهده الساحة السورية من متغيرات مع احتدام الصراع الاقليمي السعودي – القطري، الذي يعيد رسم مشهد التوازنات بين القوى المتطرفة في ظل الاتهامات المتبادلة بدعم الارهاب بين اطراف النزاع، حط قائد القيادة المركزية الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال جوزيف فوتيل في بيروت على رأس وفد عسكري اميركي، قادماً من مقر قيادته في قاعدة العديد القطرية، في توقيت لافت واستثنائي، والاهداف والدلالات الحقيقية لها، ابعد من اعادة التأكيد على الموقف الروتيني حول تقديم كافة انواع الدعم للجيش اللبناني للحفاظ على استقرار وسيادة واستقلال لبنان، خصوصاً انّ الاخير سيقوم برفقة الوفد الاميركي في زيارة استطلاعية الى الجبهة الشرقية للوقوف عن كثب على حاجات الجيش وجهوزيته، علما انها ستكون الاولى له رغم زياراته الثلاث السابقة، وقضى ليلته في ضيافة السفارة الاميركية في عوكر حيث التقي طاقمها الامني والعسكري.
وعليه يؤكد مرجع رسمي أنّ القائد الاميركي لم يفاتح المسؤولين الذين التقاهم في مسألة شن الجيش لهجوم عسكري ضد مواقع الارهابيين لتطهير جرود السلسلة الشرقية من تنظيم “داعش”، معتبرا ان هذا الامر شأن لبناني تعود مسألة القرار فيه لقيادة الجيش اللبناني وخططه واستراتيجيته التي يراها مناسبة، خصوصا انه نجح في الامساك بزمام المبادرة وقلب المعادلات لصالحه مفقدا المجموعات المسلحة اي قدرة على القيام بهجمات، مبديا الاستعداد لفتح مخازن الجيش الاميركي في المنطقة في حال قررت اليرزة تغيير استراتيجيتها في المواجهة.
ويكشف المرجع في هذا السياق الى انّ القيادة العسكرية اللبنانية تملك معطيات دقيقة عن الوضع المعنوي المنهار لمجموعات “داعش” في الجرود التي باتت تعيش في جو من اليأس مع فقدانها لمقومات الصمود من اكل وشرب وتراجع عدد مقاتليها بعدما اقفلت طريق امدادها باتجاه البادية السورية واحكام الطوق حولها من قبل الجيش السوري، حزب الله، سرايا الشام وجبهة النصرة، ما دفعها الى القيام بمغامرات غير محسوبة على غرار ما حصل ليل السبت الاحد الفائت، عندما عمد مقاتلو التنظيم الى مهاجمة مواقع للنصرة ومحاولة التقدم باتجاه مخيم النازحين قرب مدينة الملاهي الذي يحوي حوالى 11 الف لاجئ املا في “تجنيد” رجاله للقتال الى جانبه لتأمين الهجوم باتجاه عرسال، التي تبقى هدفا اساسيا لتلك الجماعات باعتبارها قاعدة خلفية ولوجستية، لتأمين حاجات المقاتلين ونقطة انطلاق للعمليات الارهابية نحو الداخل اللبناني. وتشير المعطيات في هذا الخصوص الى خطة لدى ارهابيي “داعش” تقوم على مواجهة خطوط الجيش الامامية بمجموعات متلاحقة من الانتحاريين على غرار تكتيكاتهم في العراق وسوريا لاحداث ثغرات في الجبهة تسمح لهم بالتسلل باتجاه الداخل اللبناني.
وصحيح انّ رحلة الجنرال الضيف مع مرافقيه نسقت مبدئيا خلال زيارة العماد قائد الجيش الى الولايات المتحدة الاميركية الشهر الماضي كونها روتينية، لمتابعة نتائج زيارة العماد عون الى واشنطن، والذي “وطدت” علاقته بالقائد الاميركي المعروف عنه حماسته لدعم الجيش اللبناني بكل انواع السلاح التي يطلبها، وحماسته لزيادة برنامج المساعدات من تدريب وتسليح، بعد تكليفه بمتابعة مختلف اوجه التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي وبرامج المساعدات والهبات، والتي تمّ إرساؤها حسب الحاجات التي حددتها قيادة الجيش اللبناني وفق الخطة الخمسية الجاري تنفيذها منذ العام 2013. الا ان احدا لا يستطيع فصلها عن انطلاق معركة تحرير الرقة، حيث سرب انه قام خلال الايام الماضية بزيارة سرية الى مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية، تزامنا مع الحرب بين المملكة والامارة بانعكاساتها على الحدود اللبنانية وفي الداخل اللبناني، مع كشف مصادر دبلوماسية ان قطر نجحت خلال الاسابيع الماضية من تحييد جبهة النصرة من القتال على الجبهة اللبنانية.
ووفقا للمرجع الرسمي المطلع فان الضيف الاميركي اعاد التأكيد على تقديره لما يقوم به الجيش من مهمات على الحدود وفي الداخل في الحرب التي يخوضها ضد الارهاب والانجازات التي يحققها رغم صغر حجمه وضعف امكاناته اذا ما قيس بجيوش المنطقة، اذ يعتبر الجيش اللبناني الوحيد الذي نجح في صد الارهابيين وافشال مخططاتهم، مشيدا بالخطط العسكرية المتبعة وبالحرفية والمهنية العالية لدى ضباطه وافراده الذين استطاعوا في فترة قياسية استيعاب السلاح النوعي الجديد المسلم في اطار برامج المساعدات واستخدامه باقصى طاقته، وهو ما تؤكد عليه التقارير التي ترفعها فرق التدريب الاميركية، وهو ما يشجع على زيادة الدعم من تسليح وتدريب خلال الاشهر المقبلة، نظرا لاهمية ذلك في نجاح جهود التحالف ضد الارهاب، مؤكدا ان لبنان حليف اساسي وشريك للولايات المتحدة في هذه الحرب، مبدية ثقته المطلقة بقدرة الجيش اللبناني على النجاح الاستثنائي في تنفيذ المهمات الموكل بها.
وصحيح انّ الجنرال الاميركي العالم بتفاصيل الملفات اللبنانية من سياسية وعسكرية بعدما انتقل الملف اللبناني من وزارة الخارجية الى البنتاغون وكلفت قيادته التي تتبع لها منطقة الشرق الاوسط بتولي تفاصيله، لم يتطرق مباشرة الى الازمة السياسية التي يعاني منها البلد على صعيد ازمة قانون الانتخابات وما قد ينتج عن فراغ يشل الدولة اللبنانية، الا ان ما بين سطور استفهاماته وتساؤلاته ما يحمل اكثر من علامة استفهام عن مغزى الزيارة في هذه اللحظة الحاسمة اقليميا ومحليا، خصوصا ان ثمة رأياً وازناً في وزارة الدفاع الاميركية ينادي ويدفع باتجاه ضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان من منطلق المصلحة الاميركية القومية لجهة حماية الاستثمارات العسكرية والامنية التي دفعتها الولايات المتحدة في لبنان والتي تعدت المليار و600 مليون دولار منذ عام 2006، فضلا عن الاسلحة النوعية التي سلمت من طائرات سيسنا وصواريخ “هيلفاير” الحديثة، وصواريخ مضادة للدروع، وعشرات قطع المدفعية مع ذخائرها من مختلف العيارات، وكذلك آليات الهامفي المصفحة التي تساهم في حماية الجنود على الجبهة.
وفي هذا السياق يتابع المرجع بان قائد القيادة الوسطى الاميركية ابدى كل الاستعداد لتلبية طلبات القيادة العسكرية اللبنانية من اسلحة وذخائر عالية الجودة، بالإضافة الى المعدات والتدريب، ما يساعدها على تحقيق مهمتها في مواجهة الارهاب وحفظ الاستقرار والامن الداخليين، بما يرفع القوة النارية لوحدات الجيش، معيداً التاكيد على فتح مخازن الجيش الاميركي في المنطقة امام الجيش لاستخدام ما يشاء من الذخائر من مختلف العيارات، مطمئنا الى ان الدفعة الاولى من طائرات “السوبر توكانو” ستسلّم للبنان في الوقت المتّفق عليه، بعدما انهى الطيارون والفنيون اللبنانيون تدريباتهم على التعامل مع نلك الطائرات، وقد حضر العماد جوزاف عون حفل تخريجهم خلال زيارته الى الولايات المتحدة الشهر الماضي، في الوقت الذي ينتظر فيه ان تسلم قريبا حوالي 36 مصفحة خفيفة من نوع “برادلي” لنشرها على الجبهة الشرقية مزودة بمدافع من عيار 50 ملم.
يشار على هذا الصعيد الى انّ قيادة الجيش فضلت عدم التمديد لفرق تدريب اميركية من خارج برنامج المساعدات، مشكلة من متعاقدين مع وزارة الدفاع الاميركية، طالبة استخدام الاموال المخصصة لهذا الغرض لشراء اسلحة معينة، خصوصا ان الجيش نجح في تأمين مجموعة مدربين لبنانيين سبق وتابعوا دورات على يد الفرق الاميركية.
من جهتها، ذكرت صحيفة “اللواء” أنّ الجنرال الأميركي فوتيل طالب رئيس الجمهورية ميشال عون خلال لقائه في بعبدا امس، بالإسراع بحسم معركة جرود عرسال مع التنظيمات المسلحة الإرهابية في فترة زمنية، لا تتجاوز الاسابيع الثلاثة.