القوى السياسية على اختلافها شَغّلت محرّكاتها في أقصى طاقتها خلال الساعات الـ48 الماضية، سعياً للإفراج عن القانون الانتخابي القائم على النسبية الكاملة في 15 دائرة، وخصوصاً مع اقتراب موعد 19 حزيران وبدء العدّ التنازلي لانتهاء ولاية مجلس النواب.
وبرَز في هذا السياق الاجتماع الخماسي في “بيت الوسط” ليل امس الاول، وترأسَه رئيس الحكومة سعد الحريري الذي غادر الى السعودية امس لأداء مناسِك العمرة، وحضرَه الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب جورج عدوان والمعاون السياسي لأمين عام “حزب الله” الحاج حسين خليل ونادر الحريري. إلّا انّ هذا الاجتماع لم يشكّل قوّة دفع نحو التوافق بل انفضّ على خلاف حول الشروط والطروحات التي تمنع التقدّم نحو الانفراج.
وقالت مصادر مواكبة للملف الانتخابي لـ”الجمهورية” انّ المواقف كانت متصلبة في الاجتماع، وقدّم باسيل سلة مطالب وشروط تحت عنوان إصلاحات وضوابط، قوبِلت باعتراض الوزير خليل وحسين خليل، خصوصاً حول الصوت التفضيلي الذي طرح باسيل ألّا يكون في القضاء خارج القيد الطائفي، بل ان يكون من ذات طائفة المرشّح، بحيث يمنح الناخب الصوت التفضيلي للمرشّح من مذهبه حصراً. فيما أصرّ “الخليلان” على اعتماد الصوت التفضيلي في القضاء خارج القيد الطائفي. وبقيَ هذا الأمر محلَّ خلاف مع باسيل.
كما بقيَ التباين قائماً حول عتبةِ الفوز، ولا سيّما بعدما طرَح باسيل إبعادَ المرشح الذي لا يحوز على 40 في المئة من ناخبي طائفته. وكذلك على مقاعد المغتربين الذين يطرح باسيل تخصيصَ 6 مقاعد لهم أي مقعد في كلّ قارّة، واحتسابها من ضمن الـ128 نائباً، فيما وافق الوزير خليل على مبدأ تحديد 6 مقاعد للمغتربين تضاف الى عدد النواب الـ128، إلّا انّ حسين خليل عارَض تصويت المغتربين طارحاً جملة هواجس من قبيلِ انّنا لا نعرف هذا المغترب، ولا انتماءَه ولا امتداداته ولا ارتباطاته، وجذوره اصلاً في الخارج ولا نضمن كيف ولمَن يصوّتون.
وقالت المعلومات إنّ موضوع نقل المقاعد من منطقة الى أخرى لم يتمّ سحبُه من التداول كما قيل، بل ما زال مطروحاً في اجندة باسيل، على رغم اعتراضات بري وقيادات سياسية وحزبية عليه. يأتي ذلك في وقتٍ حضَّت مصادر بكركي عبر “الجمهورية” الأطرافَ على استكمال قانون الانتخاب في اقرب وقتٍ تمهيداً لإقراره والشروع في إعداد العدّة من أجل إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
وشدّدَت المصادر على أنّ مسيحيّي الأطراف هم في وجدان البطريركية المارونية، هذا يظهر من خلال الاهتمام الخاص الذي يوليه البطريرك الراعي بالبلدات الحدودية، لكن في المقابل فإنّ كلّ الكلام الذي قيل عن أنّ الراعي طلب من باسيل نقلَ مقعدٍ ماروني من كسروان الى بنت جبيل أو أي منطقة أخرى غير صحيح إطلاقاً.
وفي المعلومات ايضاً أنّ باسيل تمسّكَ بإنشاء مجلس الشيوخ على اساس طائفي، مع تثبيت المناصفة (في الدستور) بين المسلمين والمسيحيين في المجلس النيابي. ومع رفضِ ممثّل بري المتجدّد لهذا الطرح، بدأ الحديث عن مخرج يقبل به باسيل يتجلى في ان يقترن إقرار القانون بإعلان سياسي يلتزم بالعمل على إنشاء مجلس الشيوخ وتثبيت المناصفة وباللامركزية الادارية والمالية.
ونقلت مصادر معنية بمتابعة المشاورات الانتخابية لـ”المستقبل” أنّ اجتماع بيت الوسط الذي دعا إليه الرئيس سعد الحريري وحضره الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب جورج عدوان والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل ليل الثلاثاء – الأربعاء، خلص إلى التركيز على “أولوية قانون الانتخاب” بغض النظر عن الملاحق الإشكالية التي لا تزال موضع اختلاف في وجهات النظر بين الأفرقاء، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ الاجتماع لم يتطرق إلى مسألتي مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية ولا إلى موضوع اقتراع العسكريين، إنما ركّز المجتمعون خلاله على كيفية تذليل العقبات أمام ولادة القانون الانتخابي باعتباره “الأولوية في هذه المرحلة” مع انطلاق العقد الاستثنائي لمجلس النواب أمس وحصر جدول أعماله بإقرار القانون العتيد.
ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أنه تم التوافق على اعتماد القضاء في الصوت التفضيلي بينما لا تزال مسألتا عتبة المرشح وتصويت المغتربين قيد النقاش.