IMLebanon

“داعش” في طهران والضاحية: محاور جديدة وتبدل في الأدوار

 

 

كتب شادي علاء الدين في صحيفة “العرب” اللندنية:

تزامن استهداف تنظيم داعش للبرلمان الإيراني وقبر الخميني بالعاصمة طهران، مع زيارة قائد القيادة الأميركية الوسطى جوزيف فوتيل للبنان حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري.

وهذه ثاني زيارة للجنرال الأميركي للبنان في أقل من خمسة أشهر، ما يعكس التركيز الأميركي على الوضع الأمني بهذا البلد.

وتقول المعلومات الواردة عن أهداف الزيارة أنها تتجاوز الإطار العام المرتبط بدعم الجيش إلى البحث في تحديد الاستراتيجيات العامة التي يمكن من خلالها تحويله إلى القوة الأبرز في مجال محاربة التيارات المتطرفة، وخصوصا تنظيم داعش، وأنها تمهد لفتح معركة إخراج داعش من جرود عرسال.

وقام الجنرال جوزيف فوتيل الأربعاء بجولة تفقدية رفقة العماد جوزيف عون، على مواقع الجيش اللبناني المتقدمة في جرود عرسال والمنطقة المجاورة.

وتزامن هذا الزخم الأميركي في اتجاه تفعيل دور الجيش اللبناني مع ارتفاع وتيرة حضور داعش في الساحة اللبنانية.

وكانت الجهات الأمنية اللبنانية قد أعلنت مؤخرا عن نجاحها في إحباط تفجير انتحاري كان أحد العناصر المنتمين إلى داعش يحاول تنفيذه في أحد المطاعم في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله.

ويثير هذا التناغم بين استهداف الضاحية الجنوبية واستهداف طهران من قبل التنظيم المتطرف للمرة الأولى الكثير من التساؤلات، وخصوصا مع بروز جوّ عربي وأميركي يتهم إيران وحزب الله بالمسؤولية عن دعم الإرهاب وصناعته.

وعموما لا تخرج قراءة تداعيات هذا الموضوع عن ثلاثة سيناريوهات. الأول يقول إن استهداف داعش لإيران في هذا التوقيت بالذات وتزامنه مع محاولات تفجير تطال البيئة الحاضنة لحزب الله في الضاحية الجنوبية لا يمكن إلا أن يكون أمرا مدبرا.

وتهدف إيران من خلال تصوير نفسها كطرف يستهدفه إرهاب داعش إلى فتح قنوات التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث لم يكن فوز حسن روحاني بولاية رئاسية ثانية إلا استئنافا لنهج الانفتاح على أميركا والسعي إلى التفاوض معها.

وينظر المؤيدون لصحة هذا السيناريو إلى توالي استهداف الضاحية وطهران ما يعني أن ما يجري على ايران يجري على حزب الله، وأن فتح عملية التفاوض مع أميركا إنما تشمل حزب الله ووضعه في لبنان كذلك.

ويذهب أصحاب السيناريو الثاني إلى التأكيد على أن استهداف داعش لإيران والضاحية الجنوبية ليس مدبرا ولا يدل على تنسيق بين إيران وداعش، بل يكشف هذا الاستهداف عن أن التنظيم المتطرف قرأ جيدا تصاعد الخلاف العربي مع طهران وحزب الله، وهو يحرص تاليا بعد أن حوصر في سوريا والعراق إلى الاستفادة من هذا المناخ لاكتساب شعبية ما يمكن أن تساهم في زيادة قدرته على مواجهة الحرب المفتوحة ضده.

ويستدل مروجو هذا السيناريو على صحة ما يذهبون إليه بطبيعة الانقسام الذي يسود في لبنان، وارتفاع وتيرة العداء لإيران وحزب الله في الوسط السني على الرغم من ركون التيار السني الأبرز، أي تيار المستقبل إلى سياسة التهدئة.

من هنا فإن استهداف داعش للبيئة الحاضنة لحزب الله في هذه المرحلة يهدف إلى إصابة عدة أهداف في آن واحد. أول هذه الأهداف هو إضعاف تيار الاعتدال الذي يقوده سعد الحريري، ومنح زخم للتيارات الداعية إلى الانتقام من حزب الله ومن الشيعة عموما. وتحويل لبنان إلى ساحة بديلة عن الساحات التي تراجع حجم نفوذه فيها، واستخدام محاربة إيران وحزب الله عنوانا لاكتساب شرعية واجتذاب المؤيدين في لبنان.

ويحلل هذا السيناريو زيارة قائد القيادة الأميركية الوسطى جوزيف فوتيل إلى لبنان انطلاقا من هذا المعطى، ويدرج الحرص الكبير على دعم الجيش اللبناني بشكل مستقل عن التجاذبات السياسية الداخلية في إطار توفر معلومات عند الأميركيين حول نية تنظيم داعش بتفعيل نشاطه في لبنان.

واعتبر حزب الله أن “جرائم اليوم في طهران هي ترجمة متوقعة للتصعيد الإقليمي والدولي الذي حصل أخيراً في منطقتنا”.

ويتخذ السيناريو الثالث من هذه التصريحات لتقديم قراءة تنظر إلى مفاعيل الهجوم على طهران، بغض النظر عن صحة مسؤولية داعش عنه أو لا، بوصفه مهّد للإعلان عن نشوء محور جديد هو محور إيران وسوريا، وقطر وتركيا.

وكانت تركيا وفق خبر نشرته وكالة “رويترز” قد أعلنت أن البرلمان التركي يسعى إلى إنجاز تشريع يسمح بنشر قوات تركية في قطر دعما لها في مواجهة الحصار المتصاعد الذي تتعرض له عربيا وخليجيا جراء سياساتها الداعمة للإرهاب.

ويعتبر المدافعون عن هذا السيناريو أن تداعياته على لبنان ستكون كارثية لأن دخول تركيا على خط الدفاع عن قطر سيؤدي إلى انقسام شديد في الوسط السني اللبناني مع وجود تأييد سني لبناني كبير لتركيا.

يضاف إلى ذلك أن بروز محور خليجي مصري أردني في مواجهة محور قطري، تركي، إيراني يمكن أن يدفع جميع أطراف هذه المعادلة إلى فرض التصعيد على حلفائهم في لبنان.

وفي حين أن جهوزية حزب الله للتصعيد دائمة، لا يظهر حلفاء المحور الخليجي قدرة على التصعيد، ما يؤشر إلى تضاؤل كبير في الدور المناط بهم في المرحلة القادمة.