Site icon IMLebanon

تحقيق IMLebanon: عقوبة الإعدام… لماذا لا تطبق وهل صحيح أنها تخفف من إرتكاب الجريمة؟

صُدم المجتمع اللبناني بخبر مقتل المهندس الشاب روي حاموش في طريق عودته من حفلة عيد ميلاده الـ24، حاموش قضى على يد مسلح ذات سوابق عدة، قتله بدم بارد ومن دون أي رادع أو ضمير في منطقة الكارنتينا بعدما طارده هو وصديقه.

هذا الخبر خض الرأي العام الذي بدأ يطالب بتطبيق عقوبة الإعدام بحق هذا المجرم الذي إرتكب جريمته عن سابق تصور وتصميم. الدعوة الى تطبيق هذه العقوبة جاءت بعد حصول اكثر من جريمة قتل مشابهة وسببها السلاح المتلفت وانتشار آفة المخدرات، وطبعا المحسوبيات السياسية بحيث أن هناك مجرمين مقدسين لا يمكن المساس بهم.

فمن يحمي شبابنا اليوم من أي “أزعر” يعتبر نفسه فوق القانون وغير آبه للعواقب، يرتكب جريمته من دون أن يرف له جفن، لذا المطالبة بالإعدام مفهومة من قبل المجتمع الغاضب على شبابه كي يكون المجرم عبرة لغيره.

ولكن هل صحيح ان عقوبة الإعدام تخفف من الجرائم؟ ولماذا لا تطبق طالما معترف بها في لبنان؟

آخر حكم صدر في العام 2004… ورئيس الجمهورية يوقعه

الوزير السابق، ونقيب المحامين السابق، شكيب قرطباوي يؤكد في حديث لـIMlebanon أن “تنفيذ حكم الإعدام يتطلب صدور مرسوم يوقعه وزير العدل ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية وآخر حكم إعدام حصل في العام 2004 ومن ويومها لم يحصل إتفاق بين هؤلاء الثلاثة على مرّ الوقت من أجل تنفيذ العقوبة”.

من جهته، يؤكد النائب والوزير السابق إدمون رزق في حديث لـIMlebanon أن “هناك أصولا لتنفيذ كل القوانين، وعقوبة الاعدام تتطلب موافقة رئيس الجمهورية لتنفيذها، فالعقوبة تصدر عن القضاء أي عن محكمة الجنايات أو المجلس العدلي أو محكمة التمييز الجزائية”.

ويشير الى أن “رئيس الجمهورية هو الذي يوقع على المرسوم أما وزير العدل فلا صلاحيات له بالنسبة للقضاء وصلاحياته ادارية فقط ، فلا صلاحية له لا بتخفيف العقوبة أو زيادتها”.

لا دليل على أن الإعدام يخفض عدد الجرائم

وعما إذا كانت عقوبة الإعدام تخفف من إرتكاب الجريمة، يشدد قرطباوي: “أنا لست مع تنفيذ عقوبة الإعدام مع العلم أنني اتفهم خوف اللبنانيين وكلنا نعيش على اعصابنا لأن أي شخص قادر على حمل السلاح وإرتكاب جريمة قتل، ولكن أنا ضد هذه العقوبة لعدة أسباب، أولا لسبب ديني، فمن أنا لأقرر انهاء حياة شخص؟ وثانيا، من قال إن عقوبة الاعدام تخفف من الجريمة؟ وسنأخذ المثل اللبناني، ففي العام  2004 أعدم ثلاثة رجال في يوم واحد ولكن هذا الأمر لم يؤثر على المجرمين وبقيت الجرائم تحصل، بينما عندما ألغت فرنسا وكندا عقوبة الإعدام انخفضت الجرائم، لذا ليس هنا أي ترابط بين الاثنين. أما السبب الثالث، فمن قال إن القاضي لا يخطئ، وماذا لو اخطأ، فهل يجوز إعدام شخص يتبين  بعد فترة انه بريء؟”

من ناحيته، يشير رزق  الى أن “هناك آية في القرآن الكريم تقول: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”، فعقوبة الاعدام موجودة ولكن لا يمكن لأحد أن ينادي بتطبيقها، في المقابل يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة وأن تكون إجراءات المحاكمة سريعة، ولا يجوز هذا التراخي في أمد المحاكمات”.

قضاء معطل وسياسة عقيمة

أما بالنسبة لعدم تنفيذ العقوبة طالما هي موجودة في لبنان، فيعطي قرطباوي مثلا عن ذلك ويقول: “عندما كان الرئيس سليم الحص رئيسا للوزراء صدر قرار بتنفيذ عقوبة الإعدام، إلا أن الحص تغيب عن رئاسة الحكومة كي لا يوقع المرسوم ليوقعه نائب الرئيس يومها النائب ميشال المر، لذلك الامر مرتبط بقناعات شخصية”.

فيما رزق يؤكد أن عدم تطبيق العقوبة هو “لأن القضاء معطل والسياسة عقيمة، ولا رؤية ولا أهلية لتولي الأحكام، والاهلية هي بالارادة والمعرفة والخلق فهذه هي أدوات الحكم”.

وشدّد على أن “الأمور ستبقى من سيء الى أسوأ  إذا لم يكن هناك رادع يردع المجرم والفاسد، وهناك نوع من التواطئ بين الارتكاب والسلطة التنفيذية، فهناك حماية معنوية وفعلية للإرتكاب”.

ما البديل؟

ولكن ما بديل عقوبة الإعدام وكيف يمكننا تخفيض عدد الجرائم؟ يردّ قرطباوي: “علينا البحث عن طرق جدّية وفعلية لمحاربة الجرائم  في لبنان، وهناك أمران خطيران يجب محاربتهما بطريقة سريعة وضرورية. أولا، محاربة آفة المخدرات لانها مشكلة كبيرة جدا ومتفشية بين الشباب، وذلك عبر إقامة حرب مقدسة ضد مهربي ومروجي المخدرات وليس ضد المدمنين. فالمدموين يجب معالجتهم، ولكن الحرب يجب ان تكون ضد المروجين والتجار الكبار، وثانيا، يجب إلغاء رخص السلاح وأنا عندما كنت وزيرا قدمت كتابا الى مجلس الوزراء لإلغاء رخص حمل السلاح”.

ولكن هل القاتل ينتظر رخصة حمل السلاح ليملك سلاحا ويرتكب جريمته، فيوضح قرطباوي: “عندما نلغي الرخص نُخفف من هذه الظاهرة، فلا شيء يلغي الاجرام لانه جزء من الطبع البشري، ولكن لكي نخفف منه فهناك ظاهراين اساسيتان يجب محاربتهما، إلغاء رخص السلاح ومحاربة مهربي المخدرات، فيجب أن تكون هناك حرب مقدسة غير طائفية وسياسية ومناطقية ضد المخدرات لتطال الجميع من دون أي اعتبار لأحد، أما العلاج الثالث فيكون بالاسراع في المحاكمات”.

من جهة أخرى، يؤكد رزق أن “مفعول العقوبة يُبطل عندما يَمُر وقتا طويلا بين الجرم والعقاب، مع العلم انه بحسب نص قانون العقوبات يُفترض أن تجرى المحاكمات بشكل متواصل ومتسارع حتى تصدر الاحكام في نهاية المحكمة، أما إبقاء سنوات طويلة عليها فهذا الامر يفقد العقوبة معناها، خصوصا أن الغاية منها هو ردع المجرم من ارتكاب جريمة اخرى، لذلك أنا مع تطبيق القوانين طالما هي موجودة”.