كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: هل يمكن للبنان البقاء في منأى عن التحولات التي تزداد دراماتيكيةً في المنطقة؟… إنه السؤال الذي يُقلِق بيروت المشدودة الأعصاب وهي تَرصُد الحمم المتطايرة من بركان المتغيّرات الهائلة في الشرق الأوسط، خصوصاً في ضوء احتدام المواجهة الأميركية – الإيرانية والخليجية – الإيرانية، وانفجار «أزمة قطر» وتداعياتها وتَحوُّل الميدان السوري ساحة اختبار بالنار لمجريات الفصول الجديدة في الصراع بين اللاعبين الدوليين والإقليميين.
فمن انفجار العلاقة مع قطر بعد قمم الرياض وبروز ملامح اصطفافٍ قطري – تركي – إيراني، الى اشتداد الصراع على مثلّث الحدود السورية – العراقية – الأردنية، ومن التدافُع الأميركي – الروسي – الإيراني على احتجازِ مناطق نفوذٍ في سورية، إلى ملامح التغييرات الجيو – سياسية مع دعوةِ كردستان للاستفتاء على الاستقلال… كلها تحوّلاتٌ من حول لبنان تشي بأن الآتي أعظم.
ورغم أن لبنان نجح في الحدّ من ارتدادات النار الاقليمية عليه من خلال الأمن الممسوك وفكّ الاشتباك السياسي مع ملفات المنطقة، فإن «خاصرته الرخوة» تتمثّل في أن «حزب الله» يشكّل نقطة تَقاطُع رئيسية في المواجهة الدولية -الاقليمية مع إيران نتيجة أدواره العسكرية الفاعلة في المنطقة كذراعٍ إيرانية أساسية.
وفي حين تشير كل المعطيات الى ان الأسبوع المقبل في بيروت سيشهد إقرار قانون الانتخاب الجديد مع تمديدٍ تقني للبرلمان بما يسمح بتحصين شبكة الأمان الداخلية في لحظة تَعاظُم التحديات الخارجية، فإن رياحاً مُعاكِسة تهبّ على الداخل اللبناني من ملفِ العقوبات الأميركية على «حزب الله» بما يَطرح علامات استفهامٍ حول قدرة لبنان على الصمود في وجه العاصفة الآتية.
وكان بارزاً في هذا السياق مجموعة التطورات الآتية:
ما ظهّرتْه جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي برئاسة الجمهوري إد رويس من اتجاه واضح لتشديد الحصار المالي على «حزب الله» بوصفه «جزءاً من الحرس الثوري الايراني ووكيل ايران في المنطقة» و«المتورّط في الأزمات في سورية والعراق واليمن»، والذي يشكل «أحد أهمّ المخاطر في العالم».
وقد عرضت الجلسة مصادر دخل «حزب الله» الى جانب المال الايراني، وبينها «تجارة المخدرات وتهريب الدخان، فتبييض الأموال والتزوير»، مع تأكيد ان لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي «تركّز على أفضل وسيلة لاستهداف شبكة»حزب الله«المالية ومخالبها في كل أنحاء العالم»، وتأكيد «ان الجزء الثاني من قانون تعقّب تمويل الحزب الذي أقر العام 2015 آت».
عودة التقارير في بيروت إلى ان «رزمة العقوبات الجديدة» لن تقتصر على «حزب الله» وأنها قد تشمل أسماء أفراد من عائلات رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، ومسؤولين في الدولة والبلديات ومؤسسات خاصة ومنظمات غير حكومية، وذلك خلافاً لـ «هبّة الاطمئنان» التي كانت أشيعت عقب جولةٍ لوفد مصرفي وآخر نيابي في واشنطن قبل اسابيع قليلة بهدف استطلاع مسار هذه العقوبات قبل وصولها الى مرحلة الإقرار.
ما نُشر بشأن معلومات مهمّة يدلي بها قاسم تاج الدين، الذي يَعتبره الأميركيون بمثابة «وزير مال حزب الله» والذي اعتُقل في المغرب قبل أشهر ثم سُلِّم الى واشنطن، بما يساهم في فهْمٍ أدقّ لآليات عمل «الماكينة المالية» للحزب.
إعلان الولايات المتحدة توقيف علي كوراني (32 عاما) من نيويورك وسامر الدبق (37 عاما) من ميتشيغن يوم الخميس 1 حزيران لعلاقتهما بـ «حزب الله»، وفق ما اكد القائم بأعمال مساعد النائب العام للأمن القومي دانا بوينتي والقائم بأعمال المدعي العام للمنطقة الجنوبية من نيويورك جون. ه. كيم، ومساعد المدير المسؤول لمكتب التحقيقات الفيديرالي في نيويورك ويليام.ف. سويني، والمفوض جيمس.ب. أونيل.
وأوضح جون كيم أن الدبق وكوراني تلقيا من «حزب الله» تدريبات على كيفية استخدام أسلحة مثل قاذفات القنابل اليدوية والمدافع الرشاشة، لاستخدامها في «دعم المهمة الإرهابية للمجموعة».
وحسب التحقيق، قد يكون علي كوراني أقدم بشكل خاص على جمع معلومات عن الامن في مطارات عدة في الولايات المتحدة وعن طريقة العمل فيها، وراقب مباني عائدة الى قوات الامن في مانهاتن وبروكلين.
وبعد وصوله إلى الولايات المتحدة العام 2003، قد يكون كوراني اللبناني الأصل خضع لتدريبات عدة في معسكرات تدريب لـ «حزب الله» في لبنان، ويُشتبه في أنه يأخذ أوامره مباشرة من عناصر في الحزب.
أما في ما يتعلق بسامر الدبق، فقد أجرى أيضاً تدريبات عدة داخل منشآت للحزب بهدف التأقلم مع الاستخبارات واستخدام السلاح وتصنيع المتفجرات واستخدامها.
وهو متهم بالاقدام على تحديد مواقع في بنما خصوصا سفارتي الولايات المتحدة واسرائيل، وبالسعي الى العثور على عيوب أمنية في منشآت قناة بنما.