كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: حسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما بدا من غموض في موقف واشنطن تجاه تورط قطر في تمويل الإرهاب، وقال إنه قرر مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون والجنرالات أن الوقت قد حان لدعوة الدوحة إلى إنهاء دعمها لجماعات إرهابية.
وأكد دونالد ترامب الجمعة ضلوع قطر في تمويل الإرهاب على أعلى مستوى. وقال “دولة قطر للأسف قامت تاريخيا بتمويل الإرهاب على مستوى عال جدا”.
وأضاف ترامب في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض مع الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس “لا يمكن لأيّ بلد متحضر أن يقبل بهذا العنف أو يسمح لهذا الفكر الخبيث أن ينتشر على شواطئه”.
وشدد على أن الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالنفط والغاز “عليها أن توقف هذا التمويل وفكرها المتطرّف في مجال التمويل”.
ودعا وزير الخارجية الأميركي من جهته الدوحة إلى “القيام بالمزيد وبشكل أسرع” في مجال مكافحة الإرهاب.
واعتبرت أوساط دبلوماسية عربية في واشنطن أن الرئيس الأميركي أبطل محاولات الدوحة لاستثمار ما بدا أنه تناقض في تصريحات المسؤولين الأميركيين تجاه تصنيفها خليجيا كداعم رئيسي للإرهاب في المنطقة، وترويجها لخلاف بين البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن الساحة الأميركية تنتظر الخطوات القادمة التي ستقدم عليها إدارة ترامب للردّ على قطر التي يفترض أن تصبح خارج التحالف الدولي للحرب على الإرهاب وكيانا معاديا له بعد أن كانت عضوا به.
وتساءلت: كيف ستتحرك واشنطن بعد تثبيت ترامب تهمة الإرهاب على قطر، وهل سيقود هذا إلى قائمة اتهام وتجميد أرصدة لشخصيات بارزة ومن داخل الأسرة الحاكمة في قطر، خاصة أن الرئيس الأميركي قال إن الدوحة دعمت الإرهاب على مستوى عال جدا.
واعتبر محللون ومتخصصون أميركيون في شؤون الإرهاب أن قطر لم تتّخذ القرار الاستراتيجي بالتصدّي لتمويل الإرهاب، وقد ثبُت أنّ بعض إجراءاتها المعروفة هي تدابير غير مُكتملة (مثل مقاضاة بعض المموّلين الإرهابيين الذين حدّدتهم الولايات المتحدة والأمم المتحدة من دون أن تسجنهم).
وتنتظر دول الخليج ومصر أن تمر إدارة ترامب من مرحلة الاتهام والإدانة للدوحة إلى خطوات عملية، خاصة أن الأمر لا يقف عند قطر لوحدها، ذلك أن تمويلها للإرهاب يصب في خانة تقويض الجهود التي تبذلها واشنطن لمواجهة المجموعات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن والصومال وغيرها، وهو ما تؤكده التهم الموجهة في قائمة العقوبات الأميركية لعدد كبير من المتورطين القطريين أو المرتبطين بقطر.
ويرى مراقبون خليجيون أن سياسة التنبيه والضغط الدبلوماسي لا تؤدي إلى فك الارتباط بين الدوحة والقيادات والكيانات المتورطة في الإرهاب، خاصة أن الأسماء المطروحة التي حددتها القائمة الخليجية المصرية الجمعة خطرة وتقود إلى أعلى سلم القيادة الحالية والسابقة في قطر، وبعض الأسماء عناصر بارزة من الأسرة الحاكمة مثل وزير الداخلية السابق عبدالله بن خالد آل ثاني، وهو نجل ابن عم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وبدا واضحا أن إدارة ترامب قد اختارت أخيرا أن تعالج الدور القطري في تمويل الإرهاب بأكثر جدية، وهو ما عبرت عنه كلمة ترامب حين قال “كان علينا أن نتخذ قرارا.. هل نسلك الطريق الأسهل أم علينا في النهاية أن نتخذ خيارا صعبا لكنه ضروري. علينا أن نوقف تمويل الإرهاب. قررت… أن الوقت حان لدعوة قطر لإنهاء التمويل”.
ورحّبت السعودية ودولة الإمارات والبحرين السبت بدعوة ترامب قطر إلى التوقف فورا عن تمويل الإرهاب، داعية بدورها الدوحة إلى البدء في “تصحيح سياستها”.
ويعتقد هؤلاء المراقبون أن فتح ملف تمويل الإرهاب بجدية سيتيح للولايات المتحدة أن تحصل على صورة أكثر وضوحا لشبكات التمويل التي يتقاطع فيها المال القطري وأموال التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهي الآن الأموال التي تصرف في زيادة التوتر وتعفين الأزمات، لافتين إلى أن قطر وتركيا أصبحتا أداتين بيد الإخوان المسلمين لاختراق المنطقة.
وكان ترامب طالب في المؤتمر الصحافي بالبيت الأبيض مع الرئيس الروماني، دولا أخرى في المنطقة لم يسمّها بوقف دعم الإرهاب ونشر ثقافة القتل والكراهية وعدم التسامح. وهو ما فهم على أنه إشارة إلى تركيا بالدرجة الأولى والتي تحتضن ممثلين عن جماعات مختلفة مورطة في العنف بمصر وسوريا.
ولا شك أن تفكيك الشبكات المالية المرتبطة بقطر ستؤدي إلى إظهار الدور التركي في سوريا إلى الواجهة، خاصة ما تعلق بالتسهيلات التي مكنت تنظيمات متشددة مثل داعش والنصرة من استقدام المتطوعين العرب والأجانب، فضلا عن التمويل والأسلحة، والتعامل الاستخباري.
ومن شأن فتح ملف التورط التركي في إسناد التنظيمات المتشددة أن يوقف تدخلات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا، فضلا عن محاولة إسناد قطر وعرض إرسال قوات لها في خضم أزمتها مع جيرانها، ما يشرع لتحويل الخلاف السياسي إلى مواجهة عسكرية.
وعدا تلويح أنقرة بالوقوف إلى جانب الدوحة، وهو أقرب للاستهلاك السياسي، لا يجد القطريون أيّ صدى لاستنجادهم بدول مؤثرة مثل ألمانيا وروسيا وفرنسا، حيث صدرت بيانات وتصريحات بروتوكولية تحث على الحوار ومحاربة الإرهاب، ما اعتبره مراقبون إدانة لقطر أكثر منه دعما لها، خاصة أن الدول التي لجأت إليها تعاني من آفة الإرهاب ومن دور الشبكات المدعومة قطريا خاصة أن أغلب المنفذين ينطلقون من سوريا.