تقول اوساط سياسية مطّلعة للوكالة “المركزية”، انّه رغم اجماع أهل السلطة وكل من عمل على خط إعداد قانون الانتخاب وطبخه حتى لحظة اقراره، على انّه افضل الممكن، انّه حتماً كان يمكن انتاج قانون افضل بكل المقاييس لو توافرت النيات السياسية بذلك وتم تقديم المصلحة الوطنية العامة على الخاصة الضيقة التي شكلت لبّ التعقيدات والمطبات التي أخّرت اقرار القانون حتى ربع الساعة الاخير ليأتي مفصّلا على قياس رغبات كل تيار سياسي وزعيمه.
اما وقد صدر بالشكل الذي انتهى اليه، والاهم انه “صنع في لبنان” للمرة الاولى كما قال الرئيس سعد الحريري، على رغم التشوهات المُصاب بها على اكثر من مستوى، تعتبر الاوساط انّ القانون المولود يشكل احد اوجه صفقة التفاهم الرئاسي التي تنسحب على مختلف الملفات السياسية المطروحة راهنا والى حين انكشاف حقيقة المشهد الذي سترسو عليه بورصة تقلبات الاقليم ولمصلحة اي محور ستميل دفة الربح ليُبنى في ضوئها على الشيء مقتضاه. وتذكّر بالمسار الطويل الذي حكم مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية وما زال ساري المفعول حتى الساعة، وتم بموجبه تخطي الكثير من المطبات وانجاز تسويات داخلية توّجها اقرار قانون الانتخاب امس، بعدما كان الاتفاق حوله عصياً على مدى سنوات، حيث كان التضارب الصارخ في الطروحات وصيغ القوانين وتمترس كل فريق خلف رأيه سيد الساحة الانتخابية، الى ان أطّل طيف التسوية الداخلية على المشهد الانتخابي فالتقى الجميع على النسبية على اساس 15 دائرة بعد صولات وجولات من الاتصالات رضخ الجميع بنتيجتها لقرار الحسم الكبير مع مراعاة النسبة الاكبر من المطالب.
وتشير الى انّ تقاطع مصالح القوى السياسية عند نقطة ارجاء الاستحقاق التشريعي الى الحد الاقصى الممكن، شكّل احد دوافع اقرار القانون، ذلك ان الجميع يفضل ان تجرى الانتخابات بعد فرز الخيط الابيض الاقليمي من الاسود، وتحديد موازين الربح والخسارة، لينبروا في ضوئها الى نسج التحالفات واعداد العدة للاستحقاق. وتضيف انّه بعد سلسلة التمديدات منذ العام 2013 لم يكن في مقدور القوى السياسية الاقدام على اجراء تمديدي اضافي، خصوصا ان اعذار التمديدات السابقة لم تقنع احدا، كما ان الرئيس ميشال عون الذي شن هجمات متلاحقة وقدم طعونا بالتمديد ليس في وارد الافساح في المجال خلال عهده لخطوة من هذا النوع.
ولا تغفل الاوساط الاشارة الى حاجة العهد الماسّة لاصدار قانون انتخابي وتدوينه في سجلاته بعد ثماني سنوات من المفاوضات، خصوصا انه نقل البلاد من الاكثري الى النسبي الذي تعتبره دول العالم نقلة حضارية نوعية، ولو انه اتى على الطريقة اللبنانية مُطيّفاً وممذهباً ومسيّساً، نتيجة اصرار بعض القوى على النسبية كخيار وحيد. الا انه يشكل خطوة اولى في درب المسار الاصلاحي الذي يتطلع العهد الى تحقيقه.
وفي الاسباب السياسية لاقرار القانون ايضا، تضيف الاوساط، انّ رئيس الجمهورية رفع لاءاته الشهيرة في وجه التمديد والفراغ والستين، واستخدم صلاحياته الدستورية في مواجهة محاولات اسقاطها، وازاء ضغط المهل وخطر الفراغ كان لا بد من الوصول الى القانون بأي ثمن ومهما كلّف الامر، فكان قانون “أفضل الممكن”.
وفي هذا الاطار، اكتملت التحضيرات في المجلس النيابي التي اوعز رئيس المجلس نبيه بري القيام بها استعداداً للجلسة التشريعية العامة التي تعقد في الثانية بعد ظهر غد الجمعة، لدرس واقرار مشروع قانون الانتخابات النيابية الجديد الذي تسلمت رئاسة المجلس النسخة المنقحة منه ليل امس، وطلب الرئيس بري طباعتها على عدد اعضاء المجلس وتوزيعها على النواب ليتسنى لهم الاطلاع عليها قبل 48 ساعة بحسب المادة الدستورية ولو ناقصة بضع ساعات.