IMLebanon

لا درعَ لعناصر “حزب الله” في درعا

كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”:

حتى اليوم، لم يستوعب «حزب الله» الضربة التي تلقّاها منذ أيام قليلة والتي أدت إلى خسارته ما لا يقل عن عشرة عناصر دفعة واحدة في الحرب التي يخوضها في سوريا. والملاحظ أن هذه الخسارة التي لحقت بالحزب في مدينة درعا التي يخوض فيها إحدى معاركه داخل الأراضي السورية، جاءت بالتزامن مع الاعتراضات التي تصل إلى قيادته، من قبل أهلٍ باتوا يتوجسون خيفة على مصير أبنائهم أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً في ظل المعلومات التي تتحدث عن أن العودة إلى لبنان، غير مرتبطة لا بتاريخ محدد ولا بالسيطرة على مدينة او بلدة ما، بل أن صاحب القرار النهائي لوجود «حزب الله» في سوريا، هو الإيراني وحده.

أمس الأوّل تواصلت خسائر «حزب الله» والنكبات التي تُلاحقه من جرّاء التعنت الذي يُبديه حيال إصراره على مواصلة الحرب في سوريا، على الرغم من إبعاده عن العديد من الجبهات والمدن الرئيسية بأوامر روسية. وقد تمثلت الخسارة بثلاثة عناصر هم: محمد غازي يونس من بلدة الديابية الحدودية، وأحمد حسن عابدة من بلدة زيتا الحدودية، وعلي حسين الرز الملقب بـ «ذو الفقار» من بلدة بنعفول الجنوبية. و«حزب الله» الذي لم يحدد المكان والزمان الذي سقط فيه عناصره على الرغم من أن جميع المؤشرات تدل على سقوطهم في درعا، أشار على أحد مواقعه الإلكترونية، إلى أن «الديابية» و«زيتا»، قريتان سوريتان في محاولة منه للتقليل من حجم التداعيات ضده، مع العلم أن معظم سُكان البلدتين هم لبنانيون وتحديداً من الطائفة الشيعية.

حجم التورط الذي أحدثه تدخل «حزب الله» في سوريا، انسحب أيضاً على حلفائه في قوى الثامن من آذار. وهؤلاء الحلفاء كانت لهم خسائر بشرية غير قليلة من خلال مشاركتهم في هذه الحرب وهم مستمرون فيها حتى اليوم، كما يعوّل الحزب على وجود بعضهم في أكثر من نقطة وتحديداً تلك الواقعة على مقربة من المناطق المحاذية للحدود مع اسرائيل. وآخر خسائر حلفاء الحزب، كانت من نصيب حزب «البعث» في لبنان الذي سقط له قائد عسكري يُدعى حسين علي رابحة، الملقب بـ «أبو علي» من بلدة كفررمان، وقد وصفه «البعث» بأنه «استشهد دفاعاً عن شرف الأمة العربية في مواجهة الإرهاب بمنطقة درعا».

إيران التي تقود المعارك في درعا بقيادة مباشرة من قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» الجنرال قاسم سليماني وبتخطيط مباشر منه مع مجموعة ضباط إيرانيين كبار، كانت دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى درعا وريفها، مؤلفة من ميليشيات تابعة لها من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان. وتُعتبر درعا إلى حد كبير، آخر المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة والتي بسقوطها يُصبح الإعلان عن «سوريا المفيدة» أقرب من أي وقت مضى في منطقة الجنوب، بعد ان تم إنجاز المهمة في الشمال. ومن المعروف أن هذا المخطط أو الهدف، سوف تسبقه خطة إضافية تعتمد التغيير الديموغرافي بحيث يتم توطين بيئة موالية للنظام السوري وإيران في هذه المناطق، بدل السكان الذين ينزحون عنها. واللافت أن هذا الحلف اليوم، قد حوّلها إلى مكان لا حياة فيه، بعدما انتهج فيه كل أعمال وممارسات العنف والقتل والتدمير، ورمي المناشير التي تطالب سُكّان الأحياء بإخلاء المناطق فوراً.

وفي سياق الخسائر التي تدفعها إيران في درعا أيضاً، أعلنت وكالة «تسنيم» الإيرانية أمس، «مقتل أحد أهم ضباط الحرس الثوري الإيراني في سوريا، خلال اشتباكات مع الفصائل المقاتلة في مدينة درعا يُدعى حيدر جليلوند، وهو كبير المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا».

في زمن السلم والحرب، لعبت محافظة درعا دوراً بارزاً في تثبيت الوضع من خلال تواجد شخصيات عديدة في مراكز سياسية عليا، ومن خلال أهميتها الاقتصادية بالنسبة إلى المعارضة والنظام. وهي تُعتبر سلة غذاء لا مجال لتجاوزها أو إهمالها، إذ تغطي بعض قرى درعا وحدها حاجة سوريا، بل وبعض الدول العربية، من الحبوب والخضروات والثروة الحيوانية. كما تتمتع المحافظة بقوة اقتصادية فائقة لم تنجم عن ممارسة أهلها للزراعة فحسب، ولكن أيضاً بسبب ما يمده أبناؤها من عملة صعبة قادمة من مهاجرهم وخاصة الخليج العربي. وفي هذا الإطار، تؤكد روايات الأهالي أن رئيس النظام الحالي بشّار الأسد، كان وضع خططاً لتغيير الطابع المذهبي في درعا وتحويله من سُنّي إلى شيعي من خلال إرسال العديد من أزلامه ووضعهم في مراكز عُليا أقلها محافظ. وزاد الطين بلّة، أن الأهالي كانوا يتفاجأون بجماعات تأتي من إيران بهدف «تبصير الناس بدينهم الحق»، أي محاولة تشييع السنّة من خلال عمليات الترغيب والترهيب.

وللتذكير أيضاً، الطفل حمزة الخطيب البالغ من العمر 13 عاماً هو من بلدة الجيزة في محافظة درعا. وكان تعرّض للتعذيب الجسدي أثناء الاحتجاجات السورية في العام 2011، إثر إلقاء القبض عليه واعتقاله بعد أن خرج في تظاهرة مع مجموعة من الأهالي المسالمين العزّل لفك الحصار عن بلدته. وبعد مدة، تم تسليم جثمانه لأهله، وبدت على جسمه آثار التعذيب والرصاص الذي تعرض له حيث تلقى رصاصة في ذراعه اليمنى وأخرى في ذراعه اليسرى وثالثة في صدره كما كسرت رقبته ومثل بجثته حيث قطع عضوه التناسلي.