كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:
عكستْ «هبّة الترحيب» الدولية «السريعة» بإقرار مجلس النواب قانوناً جديداً للانتخاب، استمرار «العين» الخارجية على لبنان الذي لامَسَ في سياق مسارِ استيلاد القانون الذي سيَحكم الانتخابات النيابية التي حُددت في 6 ايار 2018 أزمةً خشي كثيرون أن تطيح استقراره السياسي والأمني لو أفلتتْ خيوط «اللعب على حافة الهاوية» من يد القوى التي سعتْ الى اقتناص مكاسب «من فم»… الفراغ الممنوع.
ومع المواقف التي عبّرتْ عنها كل من «مجموعة الدعم الدولية للبنان» والناطق باسم الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني والخارجية الفرنسية حيال «الخطوة المهمة» المتمثّلة بالاتفاق على القانون الجديد الذي يشكل «بداية مرحلة جديدة في مسار إعادة تفعيل المؤسسات في لبنان لا بد أن تُستكمل بتنظيم الانتخابات النيابية»، بدا واضحاً الأهمية التي يعلّقها المجتمع الدولي على بقاء الواقع اللبناني خارج «دائرة الخطر» وتعزيزِ «دفاعاته» الداخلية حيال «العصْف» الاقليمي، وذلك لاعتباراتٍ عدّة أبرزها أن «بلاد الأرز» تحوّلت أشبه بـ «مستودعٍ» للنازحين السوريين وأن أي اهتزاز في «شبكة الأمان» التي تلفّها من شأنه جعْلهم مجدداً «مشكلة» اوروبية خصوصاً.
وجاء الترحيب الدولي بعيْد مصادقة مجلس النواب على القانون (قبل أربعة أيام من انتهاء ولايته) بمثابة «المبارَكة» للتسوية التي أفضتْ الى ولادة هذا القانون والتي شكّلت عملياً «الجولة الثالثة» من المسار الكبير الذي كان بدأ بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً ثم عودة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، من ضمن تفاهُم جنّب لبنان المزيد من استنزاف مؤسساته الدستورية ووفّر له «بوليصة تأمين» داخلية، بعدم ممانعةٍ إقليمية، بإزاء «البركان المتفجّر» في المنطقة.
وبدا من الموقف الدولي ان «الاستقرار أولاً» يتفوّق بأهميته، بالنسبة الى عواصم القرار، على عنوان «دورية الانتخابات» الذي شكّل مرتكز تحفظاتٍ سابقة كانت بلغت لبنان حيال اي تمديدٍ ثالث لمجلس النواب (مُددت ولايته حتى 20 ايار 2018). وقد أكدت مجموعة الدعم الدولية للبنان في هذا السياق «ان من المهم التعامل مع التأجيل التقني بفاعلية للتمكن من تنظيم الانتخابات على وجه السرعة».
وفي موازاة «الغطاء الدولي» لمرحلة ما قبل إقرار القانون وما بعده، فإن «نسبية الـ 15 دائرة» باتت حقيقة بدأت كل القوى السياسية تحاول استيعاب مفاعيلها «الرقمية» في ظلّ غموضٍ كبير يحوط إمكان إعطاء توقعات دقيقة في ما خصّ ما يمكن ان تفرزه صناديق الاقتراع ولا سيما بفعل اعتماد الصوت التفضيلي في القضاء وطريقة احتسابه، وإن كانت دوائر سياسية تعتبر أن النسبية الكاملة، في العنوان العريض، هي السقف الذي جرّ «حزب الله» الجميع إليه تاركاً هامشاً لـ «تدوير الزوايا» لا يؤثّر في «الهدف السياسي» الذي رسمه، وتحديداً لجهة «الأكْل من صحن» خصومه الأساسيين الذين يشكّلون عنصر التوازن الداخلي بامتداده الاقليمي وفي شكل خاص «تيار المستقبل»، لأن القوى الأخرى في غالبيّتها هي حليفة له استراتيجياً (مثل التيار الوطني الحر اي حزب الرئيس عون)، كما أنّ الأطراف المناهِضة الأخرى وإن حسّنت حضورها النيابي مثل «القوات اللبنانية»، فإن ذلك لن يكون كافياً للتأثير في الموازين الداخلية ولا سيما بعد ان يكون حلفاء الحزب (غير التيار الحرّ) عزّزوا حضورهم وهو حافظ على تمثيله، ولو مع بعض الخروق البسيطة.
إلا ان أوساطاً سياسية أخرى ترفض اعتبار ما حصل على انه «انتصار» لـ «حزب الله»، وهو ما يؤكده رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، داعيةً الى انتظار الصناديق وعدم الاستهانة بقدرةِ التحالفات على تحديد مسار الرابحين والخاسرين، وايضاً عدم الأخْذ بمحاولات «ضرب معنويات» مؤيدي بعض الأحزاب والتيارات بتصويرها «خاسرة مسبقاً»، ومعتبرة ان من المبكّر إجراء اي تقديرات حول النتائج الممكنة للقانون الذي يُعتمد للمرة الاولى في لبنان والذي بدأت من اليوم جدياً عملية درْسه بعناية من الأحزاب لاستشراف ما يمكن ان يفضي إليه وتالياً تحديد مسار التحالفات.
وكان بارزاً في هذا السياق، ان الرئيس الحريري الذي كان خرج غاضباً لبعض الوقت من جلسة إقرار قانون الانتخاب بعد مشادة حامية مع رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل الذي اتّهم الحكومة بفرض التمديد لتقديم رشاوى انتخابية والتعويض عن فشلها بصفقات الفساد، أعطى عملياً «صفارة» انطلاق معركة الانتخابات من اقليم الخروب (الشوف) معلناً «أن الاتفاق على قانون الانتخاب يفتح موسم الانتخابات»، قبل ان يوجّه إشارة ضمنية الى النائب جنبلاط الذي تشهد علاقته به توتراً ظاهراً، معلناً «ستسمعون أن وضع الشوف وعاليه في دائرة واحدة من شأنه أن يضعف صوت أهل الإقليم أو يذيب إرادتهم الانتخابية»، مؤكداً انهم سيبقون الرقم الصعب وان صوتهم هو الحاسم وإرادتهم لا يهزها شيء.
كما تطرّق الى محاولات الإساءة لتيار «المستقبل» والطعن اليومي بالحريرية، وقال: «هذه البضاعة ترانا أكبر الخاسرين في الانتخابات، وهي تفبرك نتائج على قياس تمنياتها! بكل بساطة، أقول للجميع: ما من قوة يمكن إنو تكسر الحريرية الوطنية، والايام بيننا، وسترون أن تيار المستقبل رأسه مرفوع في الانتخابات، وأقوى الأرقام بالمعادلة السياسية».